هام/ هيئة الصيادلة تطلق منصة رقمية ذكية لتسهيل ولوج المواطنين لصيدليات الاستمرار..    المرأة التونسية في قلب العمل: فريق نسائي للديوانة يسهل حركة المسافرين بميناء حلق الوادي    عاجل/ هذه الدولة تعلن استعدادها اعتقال نتنياهو..    تونس تشارك في بطولة افريقيا للتايكواندو ب10 عناصر    بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..#خبر_عاجل    هام/ الديوانة التونسية تنتدب..    السجن لكهل أنهى حياة بائع متجول..وهذه التفاصيل..    عاجل/ جين ملوث يتسبب في وفاة شخصين وتسمم اخرين..ما القصة؟..    رد بالك ... معلومات صادمة ...الاستحمام بالماء البارد في الصيف قد يهدد حياتك!    حمة الهمامي يرفض مشروع الطلاق بالتراضي وإعادة تعدد الزوجات    انعقاد القمة الافريقية التركية للفلاحة والصناعات الغذائية من 12 الى 16 اكتوبر 2025    الاولمبي الباجي يعزز صفوفه بمتوسط الميدان محمد امين العجيمي    البرلمان يدعو إلى تعزيز حقوق المرأة وصون كرامتها بمناسبة عيدها الوطني    الكاف: حجز كميات من السجائر المحلية والمجهولة المصدر    هذه هي المرأة التونسية الوحيدة التي تستحق التكريم في عيدهن ...!!.    جنجون يختتم اليوم مهرجان سيدي عطاء الله بنبر    مسيرة بالعاصمة للحزب الدستوري الحر للمطالبة باطلاق سراح رئيسته عبير موسي    قرار قضائي بسجن محامٍ بتهم إرهابية وغسيل أموال    ألكاراز يتخطى عقبة ميديدوفيتش في سينسناتي ويحقق فوزه 50 هذا الموسم    رئيس أركان جيش الإحتلال يقر خطة احتلال مدينة غزة    "أصول" لياسين بولعراس على ركح الحمامات: عرض موسيقي يعزز حوار الثقافات ويدعو إلى الانفتاح وقبول الآخر    تونسيات يبعثن على الإلهام ويغيرن المعادلة    ثنائي تونسي يتوج بالدوري الليبي مع نادي الأهلي طرابلس    محرز الغنوشي للتوانسة :'' السباحة ممكنة بكافة الشواطئ واللي يحب يبحر يقصد ربي''    تقارير اعلامية تُشكك في وجود مرتزقة كولومبيين في السودان    جمعية النساء الديمقراطيات تدعو إلى تطوير مجلة الأحوال الشخصية وحماية مكتسبات المرأة    في بالك : مشروع قانون جديد يقسم المسؤوليات المنزلية بين الزوجين!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    بطولة العالم للكرة الطائرة للسيدات: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره التشيلي    عاجل : دراسة طبية تحذّر من مسكن آلام يستعمله الملايين    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    جمهور مهرجان صفاقس الدولي يعيش أجواء كوميدية مع مسرحية "بينومي S+1" لعزيز الجبالي    اليوم.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    ترامب وبوتين في ألاسكا: من أرض روسية سابقة إلى مسرح لمباحثات السلام المحتملة    بطولة أمم إفريقيا للمحليين – السودان يكتسح نيجيريا برباعية ويتصدر مجموعته    موجة حرّ استثنائية تضرب فرنسا والسلطات تعزز الإجراءات الوقائية    إيقاف مراقب جوي فرنسي عن العمل لقوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    كرة القدم العالمية : على أي القنوات يمكنك مشاهدة مباريات اليوم الأربعاء ؟    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    توننداكس يتراجع مع إقفال الثلاثاء بنسبة 26ر0 بالمائة    حجز كميات كبيرة من الأجبان والزبدة محفوظة بطرق غير صحية بولاية جندوبة    وادي مليز: مهرجان شمتو للتراث والفنون بوادي مليز يحتفل بعيد المرأة    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    عاجل: استئناف حركة المترو بصفة عادية بعد إصلاح العطب الكهربائي    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    رّد بالك مالبحر اليوم: الرياح توصل ل60 كلم والسباحة خطر    هزة أرضية جديدة ب4 درجات تضرب هذه المدينة    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    









الغنوشي و 100 قيادي أصحاب العريضة ...
نشر في باب نات يوم 19 - 09 - 2020


حياة بن يادم
أينما وليت بصرك و سمعك في مختلف القنوات الإعلامية و الإذاعية تجد خبر الغنوشي و عريضة 100 قيادي نهضاوي تتصدر البلاتوهات، لتجبر أخبار الكورونا عن التراجع. ديلو على موزاييك " مؤتمرات المغالبة تنتهي بالفشل ومستقبل صعب ينتظرنا". و كأن النهضة طيلة عقود تنعم بالراحة و الاستجمام، إذ ما انفكت قبل و بعد الثورة يتداول عليها القاصي و الداني بالهرسلة و التشويه.
أما القيادي محمد بن سالم على شمس فم و الذي صرح بأن لحركة النهضة " قيادات قادرة على ترأس النهضة ولا خوف على الحركة". لكن لم يوضح هل 100 قيادي الممضين على العريضة على قلب رجل واحد فيما يخص المرشح البديل لرئاسة الحركة؟. أشك في ذلك.
القيادي و المناضل زبير الشهودي على إفم مصرحا "إن العريضة التي وقع عليها مئة قيادي من النهضة تؤكد أن الحركة لها زعيم و ليس الزعيم له حركة". لكنه نسي أن الحركة لها 100 قيادي و أكثر بكثير، و ليس 100 قيادي لهم حركة.
لا أدري ما الذي يهم التونسيين و هم يعانون اليوم من أزمة اقتصادية و وبائية أن يتجند كل الإعلام بدون استثناء لتفكيك و تحليل و استثمار الصراعات الداخلية لحزب حركة النهضة .
ربما الإعلام التونسي مازال رهين "البوز" أو ربما القيادات النهضاوية المتصدرة للمشهد الإعلامي عندها القابلية "للبوز". لأن مجال الاختلافات السياسية تعالج و تدار في المؤسسات و ليس في الإعلام.
لكن و بما أن غسيل النهضة منشور على البلاتوهات الإعلامية و على قارعة الفايسبوك، فلا لوم على القنوات الإعلامية و لا على كل من هب و دب أن يستثمر في الصراعات الدائرة بين قياداتها.
و بالرجوع للعريضة الموجهة من 100 قيادي لرئيس الحزب التي شغلت الرأي العام و التي كسرت احتكار أخبار كورونا المتشائمة لدى التونسيين. فإن هذه العريضة ليس فيها ما يعاب في الظاهر، و في معظم تحاليل المهتمين بالشأن العام ليس لديهم اعتراض يذكر، كما أن غاية أصحاب العريضة هي الإصلاح و الغيرة على الحركة و الخوف من انقسامها.
عريضة ظاهرها جميل حتى ولو أن الرقم 100 مقصود و هي رسالة مضمونة الوصول مفادها استعراض القوة. لكن استعراض القوة في الشكل فقط لا يؤدي وظيفته إن كان المضمون هزيلا. فمضمون هذه العريضة يختلف عن ظاهرها. حيث ركزت بالخصوص على التداول على موقع الرئاسة، و أظن أنها الغاية الوحيدة منها. في حين عملية الإصلاح لحركة مغروسة في تراب هذا الوطن منذ اكثر من 5 عقود ثمنها يعجز مال قارون على سداده، لا تقف فقط عند موقع الرئاسة.
بالتأمل في بعض أسماء أصحاب العريضة ينطبق عليهم المثل القائل "فاقد الشيء لا يعطيه". حيث تحدثوا عن التأبيد و التمديد و الحال و أن من بين الأسماء الموجودة من يريد التأبيد و التمديد في الترشح على رأس القائمات التشريعية، و في التوزير في كل الحكومات المتعاقبة، و منهم من كان من الحاشية القريبة للغنوشي و فيهم من كان قياديا مؤبدا على الهياكل.
كما أن العريضة متناقضة في مضامينها فيما يخص التأبيد و التمديد التي تعتبره خروقات و تعديات على النظام الداخلي للحركة. و تناست و أن المؤتمر هو أعلى سلطة و سيد نفسه و له صلاحيات تعديل أحكام القانون الداخلي للحركة. و عليه، التوجه بعريضة للغنوشي بعدم ترشحه فيه تجاوز قانوني و أخلاقي. حيث أنهم نصّبوا أنفسهم أوصياء على المؤتمر من جهة، و من جهة أخرى صادروا الحق القانوني للرجل في الترشح في صورة ارتأى المؤتمر إجازة ترشحه من جديد.
الذي لا أفهمه، ما الذي يخيف أصحاب العريضة المؤمنين بالديمقراطية و بنتائج الصناديق من ترشح الغنوشي للرئاسة من جديد إن أجاز المؤتمر ذلك، إلا إذا لديهم قناعة أن كفة القواعد مرجحة لصالحه.
تحدث المناضل و القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي عن المتنفذين المحيطين بالغنوشي. و هذا وارد في حزب كبير يشهد خروقات، لكنه لم يعرج على الأسماء أصحاب العريضة الذين من بينهم من كانوا في وقت ليس بالبعيد من المتنفذين و القريبين جدا من رئيس الحركة.
تواجد المتنفذين المتصفين ببطانة غريبة عن السجون و المحيطين برئيس الحركة لم يكن بإمكانهم ذلك، لولا جيل النضال مثل عبد الحميد الجلاصي و غيره لم يتركوا الفراغ و أسسوا حزاما يرافق الغنوشي المتصف بالهيمنة و الانفراد بالرأي و يشعره بالأمان في إطار احترام الثقافة الإسلامية.
بالرجوع لأسماء أصحاب العريضة تجد عدم انسجام في مواقفهم من عدة قضايا سابقة. و من بين الأسماء التي تشد الانتباه هو القيادي و المناضل، و الوزير السابق، و المقرب من الغنوشي، و المبعوث الدائم للمفاوضات مع مختلف الأطراف، و المسوق الرسمي لسياسة التوافق، عماد الحمامي. لكن عندما تقرأ خبر صادر عن رئاسة الحكومة "استقبل رئيس الحكومة اليوم الاربعاء 09 سبتمبر 2020، بقصر الحكومة بالقصبة كل من رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي والقيادي في حركة النهضة أنور معروف". و "استقبل رئيس الحكومة هشام مشيشي اليوم الاربعاء 16 سبتمبر 2020 بقصر الحكومة بالقصبة كل من رئيس كتلة حركة النهضة بمجلس نواب الشعب نور الدين البحيري والقيادي بحركة النهضة أنور معروف"، يبطل العجب. و يتضح و أن أنور معروف افتك دور عماد الحمامي و ربما هذا الأخير أراد القفز من سفينة الغنوشي إلى سفينة العريضة.
كان على أصحاب العريضة تقديم رؤيا إصلاحية شاملة في مختلف المواقع القيادية و أن يكونوا منسجمين مع المطالب الواردة بالعريضة المذكورة. و أن يقترحوا مقاربة توافقية تراعي مكانة الرجل. لكن يتضح أنهم متفقين فقط على أن يغادر الغنوشي الرئاسة لكنهم ليسوا على قلب رجل واحد فيما يخص البديل. و أشكّ أن القواعد التي دفعت ثمنا باهضا لتبقى هذه الحركة على قيد الحياة ترتضي أحدا منهم بأن يكون البديل، لأنهم لم يستطيعوا أن يعالجوا خلافاتهم داخل الجسم، فكيف لهم بقيادتها؟.
حتى الخبر الذي أعلنه رئيس مجلس الشورى، عبد الكريم الهاروني، عن عودة مرتقبة للمناضل و القيادي السابق حمادي الجبالي، ربما الغاية منه أن يكون الرجل التوافقي لخلافة الغنوشي على رئاسة الحركة. لكن رغم تاريخه النضالي و نظافة يده، فإن تجربته كرئيس حكومة في فترة الترويكا و عملية انسحابه المفاجئ و ترك الحزب في معمعة المعركة إثر الاغتيالات السياسية التي شهدتها البلاد، و ترشحه للانتخابات الرئاسية المؤخرة ضد مرشح حزب النهضة، أخطاء تعتبر جسيمة و يصعب اقناع القواعد بهذا البديل.
المتابع للعريضة التي سربت و البيان المنسوب لزعيم الحركة، يتبين وجود معركة كسر عظام حول مخرجات المؤتمر 11، و الغاية منه دفع أصحاب العريضة لردة الفعل، فوقعوا في الفخ. وكان الآداء الإعلامي لممثلي 100 قيادي يتصف بالتشنج. في حين أن الغنوشي و التي وجهت لشخصه العريضة، لم يكلف نفسه الرد عليهم، بل اكتفى بالإشارة عليها في بيان المكتب التنفيذي الأخير و الذي تطرق إلى عدة نقاط أخرى و كان ترتيبها في النقطة السادسة من بيان يتضمن 7 نقاط.
سأستعير وصف ذكر في البيان المنسوب لرئيس حركة النهضة "أما الزعماء فجلودهم خشنة". و لولا الجلد الخشن لما أمكن للشيخ الثمانيني أن يصمد طيلة هذه العقود. حيث ما إن ينتهي من معركة إلا و يدخل في أخرى و في كل مرة يخرج أقوى من ذي قبل. يتضح و رغم تقدمه في السن، إلا أنه مازال يملك من الأوراق ما يجعله واثقا في خطواته.
لا ينكر أحدا أن الاستقرار السياسي في البلاد مرتبطا أصلا بالاستقرار السياسي داخل كبرى الأحزاب الممثلة في البرلمان. و شهدنا تأثير الصراعات التي شهدها سابقا حزب نداء تونس على الوضع السياسي و الاقتصادي. و لذلك استقرار حزب حركة النهضة المتصدر للنتائج التشريعية مهما جدا، في ظروف و البلاد تعاني من أزمة اقتصادية و ووبائية خانقة.
و عليه، و لأن هذا الحال لا يدوم إلى ما لا نهاية، و لأن سنن التداول تقول أن الحركة اليوم أو غدا لا بد من قيادة تعوضه. يجب الذهاب إلى المؤتمر على قلب رجل واحد، وتغليب منطق الحكمة والترشيد و التوافق و الزهد و الإيثار، بدل منطق التحشيد و الفرقة، و الابتعاد عن منطق الغباء الذي يعتمد منطق الديمقراطية الجافة دون الاستئناس بالقيم وبالثقافة الإسلامية، التي يقع فيها الأخذ بعين الاعتبار التسلسل التاريخي و النضالي للأشخاص.
والحركة تزخر برجال من جيل التأسيس متشبعين بقيمها، ينحني التاريخ خجلا و إجلالا أمام نضالاتهم، آثروا الصمت رغم وجود إخلالات داخلية، و لم يتخذوا المنابر الإعلامية مكانا لإدارة الاختلاف و خدش جسم الحركة المثخن أصلا بالجراحات و لم ينسحبوا عند الشدائد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.