كريم السليتي (*) حاتم علي اسم قد لايعني شيئًا لمحبي مسلسلات التفاهة وتمضية الوقت، لكنه علمٌ عليه نار بالنسبة لمن يحمل هموم أمة مكلومة في أندلسها ومكلومة بسبب حكامها. حاتم علي، هذا المخرج السوري الفذ، يكفيه شرفا تذكير الأمة بأسباب فقدان الأندلس وقد كانت منارة الدين والعلم والفن والعمارة والزراعة والإبداع ، لقد شخَّص لنا الداء بمهارة فنية عالية وهي أن الفُرقة والانغماس في الدنيا وحب السلطة وظلم الحكام وابتعادهم عن الحق يؤدي في النهاية إلى الانهيار التام، وكذلك نحن اليوم. حاتم علي خرج من سوريا معارضا في صمت للنظام الارهابي الجاثم على قلب سوريا. مات حاتم علي وهو يرى أن قصة الأندلس تتكرر في وطنه سوريا، فملوك الطوائف استنجدوا بالفرنجة والاسبان ضد من ينافسهم على السلطة من بني جلدتهم ، حتى انتهى أمرهم جميعا، وكذلك الشأن في سوريا فبشار الأسد يستنجد بروسيا الأرثودوكسية وإيران الصفوية ضد أبناء شعبه العزل. هكذا هم عظماء الفن الهادف والراقي يتوفاهم الله قبل الستين عادة لأن قلوبهم الحساسة المرهفة لا تتحمل الوضع الذي آلت اليه الأمة بعد تفرقها وصراعها فيما بينها، بينما فنانو الهشتك بشتك والمشاهد الشهوانية الحيوانية التي تخاطب النصف الاسفل لا العقل تطول حياتهم وبعضهم يكاد يجاوز التسعين. هذا قضاء الله وقدره ونحن لا نقول الا ما يرضي ربنا. رحل حاتم علي تاركا لوعة وأسفا لخسارتنا له ولأعماله، لكننا واثقون أن رسالته قد وصلت، وأن الاحساس بوحدة الأمة بدأ يتقد شيئا فشيئا، وسيولد في الأمة مليون حاتم علي بإذن الله تعالى يحملون هموم الأمة ويقودون معركة الوعي لتستيقظ من جديد أمتنا وتعود لسالف قوتها واشعاعها وعنفوانها. * كاتب وباحث تونسي