هذا المقال بقلم الدكتور علي منصور الكيالي كل شي عرفناه عن ملك اليمين خطأ وذكوري بحت .. ورب العالمين عادل .. لكن الخطاب الذكوري يفسر كلام الله على مزاجه. انّ الشريعة الإسلاميّة حرّمت [ الرقّ و العبوديّة ] بشكلٍ قاطع ، لأنّ الإسلام [ شرّع ] العتْق منَ الرقّ ، و لم [ يُشرّع ] الرقّ ، بلْ قام بتجفيف منابعه ، بطرق ثابتة و مدروسة ، و لمْ يُحرّر الرقيق [ دفْعةً واحدة ] ، كيْ لا يُلقي بآلاف العبيد في الشارع دفعةً واحدة مُشكّلاً أزمةً إنسانيّة .و [ ساحة الإسلام ] هي [ الساحة الوحيدة ] التي يجد فيها العبيد حُريّتهُم ، فقد وُجْد الرقّ عند كلّ الشعُب كشريعة ، مثال : عند المصريين القدماء و الصين و فارس و الهند و اليونان و الرومان .... كان الناس قسمين : [ حُرّ بالطبْع ، رقيقٌ بالطبْع ] ، و نجد في [ التوراة البابليّة الحاليّة _ سِفْر التثنية 20 ] : [ حينَ تقتربْ منْ مدينةٍ لكيْ تُحاربها ، استدعها للصلْح ، فإنْ أجابتْكَ و فُتحتْ لك ، فكلّ الشعْب الموجود فيها يكون لكّ بالتسْخير و تُستعْبدُ لكَ ، و إنْ لمْ تُسالمكَ فاضْربْ جميع ذكورها بحدّ السيْف ، أمّا النساء و الأطفال فتغنمُها لنفسكَ ] . و الإسلام حينما أخذ السراري في القديم ، كان [ فقط ] منْ مبدأ [ المُعاملة بالمثْل ] : ( فمن اعتدى عليكُم فاعتدوا عليه بمثْل ما اعتدى عليكُم ) البقرة 194 ، لأنّ الجهاد الحقيقي في الإسلام هو [ الجهاد الفكْري ] و بالقُرآن حصراً ، لقوله تعالى : ( و جاهدْهُم به جهاداً كبيراً ) الفرقان 52 . كيف جفّف الإسلام و ألغى ظاهرة الرقيق : 1 _ طلب تخصيص جزء من أموال الزكاة [ الموازنة العامّة للدولة ] لتحرير الرقيق : ( إنّما الصدَقاتُ للفُقراء و المساكين ......و في الرِقاب .. فريضةً منَ الله ) التوبة 60 . 2 _ الترغيب في الثواب : ( و ما أدراك ما العَقَبة : فكّ رقَبة ) لبلد 8 . 3 _ كفّارة الأيْمان : ( و لكنْ يؤاخذكم بما عقّدتُم الإيمان ، فكفّارتُه إطعام عشرة مساكين ... أو تحريرُ رقبة ) المائدة 89 . 4 _ ديّة القتْل الخطأ : ( و مَنْ قتل مؤمناً خطأً فتحرير رقبةٍ مؤمنة ) النساء 92 . 5 _ كفّارةُ [ الظِهار : تحريم الرجُل زوجته لمُدّةٍ زمنيّة ] : ( و الذين يُظاهرون منْ نسائهم ... فتحرير رقبةٍ منْ قبْل أنْ يتماسّا ) المجادلة 4 . 6 _ المُكاتَبة للعبيد على إعطائهم الحريّة بعْد العمل لمدّة مُعيّنة : ( و الذين يبتغون الكتاب ... فكاتبوهم ) النور 33 . و لذلك لا يُمكن للإسلام أنْ [ يُشرّع ] الرقّ ، ثُمّ يضع كلّ هذه الحالات لتحريرهم . كيف تعامل الإسلام مع الرقيق ؟ أوّلاً يجب التمييز بين [ ملْك اليمين ] و بين [ الإماء : و هنّ سبايا الحرْب ] ، لأنّ [ الإماء ] لسْنَ [ ملك يمين ] . لقد طالب الإسلام بزواج [ الإماء ] و [ العبيد ] بمهرٍ محترم مثل مهور المجتمع و عقد زواج حسب الأصول الشرعية : ( و أنْكحوا الأيامى منكُم و الصالحينَ منْ عِبادكم و إمائكم ) النور 32 . _ إذا أردنا أنْ نُطبّق [ سُنّة ] رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه أجمعين ، فيجب أنْ ننظُرَ إلى طريقة مُعاملته لسبايا الحرب ، لقدْ تزوّج زواجاً شرعياً و بمهْر كامل لسبايا الحرْب ، فأصبحن [ اُمّهات المؤمنين ] و كل المؤمنين يقولون رضي الله عنهنّ عند ذكْر أسمائهنّ ، و بذلك رفع منْ شأنهنّ لأعلى المراتب في الدنيا و الآخرة ، مثال : أمّهات المؤمنين جُويْريّة بنت الحارث ، صفيّة بنت حُيَيّ ، ريحانة بنت شمعون ، و حتى مارية القبطيّة ، رضي الله عنهُن و أرضاهُنّ ، و أضافةً لما تقدّم منْ وسائل تحرير الرقيق التي وردَتْ في المقالة السابقة ، فإنّ [ الأمة أو العبد ] المشترك بين شخصين ، يُصبح حرّاً إذا أعتقه أحدهُما و هكذا نجد و باختصار شديد كيف احترم الإسلام مشاعر العبيد و [ شرّع ] لتحريرهم [ ما ملَكتْ أيمانكم ] وردت عبارات [ ملْك اليمين ] في القرآن الكريم / 15 / مرة : _ ( ما ملكتْ أيمانكم ) : 7 مرّات في سوَر [ النور 28 / 33 _ النساء 3/ 24 / 25 / 26 _ الروم 28 ] . _ ( ما ملَكتْ أيمانهُم ) : 4 مرّات في سوَر [ المؤمنون 6 _ الأحزاب 50 _ النحل 71 _ المعارج 30 ] . _ ( ما ملكت أيمانهُنّ ) : 2 مرّة في سورتيْ [ النور 31 _ الأحزاب 55 ] . _ ما ملَكتْ أيمانكم ) : 2 مرّة في سورة [ الأحزاب 50 / 52 ] . فإذا كان للرجل الحقّ في معاشرة [ ملْك اليمين ] جنسيّاً ، فماذا نقول في حالة ( ما ملَكتْ أيمانهُنّ ) بالنسبة للنساء ، هل يحقّ للمرأة إقامة علاقات جنسيّة مع العديد منْ [ ملْك اليمين ] لديها ؟ ! ! ! لا يجوز في الشرْع الإسلاميّ إقامة أيّ علاقة جنسيّة مع [ملْك اليمين ] لديه ، إلاّ بعقْد زواجٍ شرْعيّ مع مهْر و بإذْن أهل الفتاة حصراً ، و منْ أجْل ذلك علينا فهْم الآية / 25 / من سورة النساء ، بشكْلٍ جيّد ، فالآية واضحةٌ كلّ الوضوح لمَنْ يفهم أبسطْ قواعد اللغة العربيّة، فلماذا نتجاهل كلام الله الواضح و نتمسّك بأقوالٍ ما أنزل الله بها منْ سلطان ؟ ! ! إنّ [ ملْك اليمين ] عند الزواج بها ، تُصبح زوجةً كاملة الحقوق ، بلْ و تُصبح [ شريكة ] زوجها في أمواله ، حسب ما ورد في آيتين : ( و الله فضّل بعضكم على بعْضٍ في الرزْق ، فما الذين فُضّلوا بِرادّي رزقهم على ما ملَكتْ أيمانهم فهُمْ فيه سواء ... و الله جعل لكم منْ أنفسكم أزواجاً و جعل لكم منْ أزواجكم بنينَ و حفَدَة ) النحل 71 ، و الآية الثانية : ( ضرب لكم مثلاً منْ أنفسكم هلْ منْ ما ملَكتْ أيمانكم منْ شركاء في ما رزقكم فأنتم فيه سواء ) الروم 28 و طالب القرآن الكريم صراحةً عدَم إكراه [ فتاة ملْك اليمين ] على البغاء ( و لا تُكرهوا فتياتكم على البغاءِ ) النور 33 [ أو ] و ليس [ وَ ] : إنّ [ ملْك اليمين ] ليست زوجةً [ إضافية ] يمكن إضافتها للزوجة ، لأنّ القرآن الكريم يستخدم الحرف [ أوْ ] ، بين الزوجة [ أوْ ] الزوجة [ ملْك اليمين ] : كما ورد في العديد منَ الآيات : ( و الذين همْ لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أوْ ما ملكتْ أيمانهم فإنّهم غير ملومين ) المؤمنون 7 / المعارج 3 ، ( فواحدة أوْ ما ملكتْ أيمانكمْ ) النساء 3 ، أيْ كما قلنا على الإنسان أنْ يكون له زوجة واحدة : إمّا [ مُحصنة ] أوْ [ ملك يمين ] ، لقوله تعالى صراحةً : ( و مَنْ لم يستطعْ منكم طوْلاً أنْ ينكح المُحصنات المؤمنات ، فمنْ ما ملكتْ إيمانكم منْ فتياتكم المؤمنات ، فانكحوهنّ بإذْن أهلهنّ .... مُحصنات ) النساء 25 ، إي : السبب مالي فقط ، لأنّ تكاليف الزواج منْ [ ملك اليمين ] أقلّ تكلفةً منَ [ المحصنة ] . و قد وردتْ [ وَ ] بالنسبة للرسول الكريم صلى الله عليه و سلّم : ( يا أيّها النبيّ إنّا أحللْنا لكَ أزواجك اللاتي آتيت أجورهنّ و ما ملكتْ يمينك ) الأحزاب 50 فعلينا أنْ [ نحكم ] على الأمور بما أنزل الله كي لا نكون [ ظالمين ] لقوله تعالى : ( و مَنْ لمْ يحكمْ بما أنزل الله فأولائك هم الظالمون ) المائدة 45 ، ( و منْ لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الفاسقون ) المائدة تعاريف هامّة : _ [ المُحصنات ] : النساء الحرائر اللواتي لا يعملْنَ عند الآخرين كخادمات دائمات مُقابل أجْر ، و سمح الشرْع بالزواج منَ [ المُحصنات ] الكتابيّات فقط ، و ليس منْ كلّ الأديان : ( اليوم اُحلّ لكم الطيّبات ... و المُحصنات منَ الذين أُوتوا الكتاب منْ قبلكم ) المائدة 5 . _ [ مُلْك اليمين ] : النساء اللواتي يعْملْنَ عند الآخرين كخادمات دائمات ، إمّا مُقابل أجْرٍ مُحدّد [ فريضة ] : ( فيما تراضيتُم به منْ بعْد الفريضة ) النساء 24 ، أوْ تعمل منْ أجل إيفاء الدين ، و هذه كانت [ سُنّة الأوّلين ] : ( يُريدُ الله ليُبيّن لكم ، و يهديكم سُنن الذين منْ قبلكم ) النساء 25 ، و قد أسماهُنّ القرآن : [ فتيات ] ، و سمح بالزواج منَ المؤمنات منهُنّ فقط : ( ما ملكَتْ أيمانكم منْ فتياتكم المؤمنات ، فانكحوهنّ بإذْن أهلهنّ ) النساء 25 . _ [ الإماء ] : النساء [ سبايا الحروب ] في نظام الحروب القديمة . _ [ الأيامى ] : النساء العازبات بشكْلٍ عامّ ، ( و أنْكِحوا الأيامى منكُم ، و الصالحين منْ عبادكم و إمائكم ) النور 32 . بعْد كلّ هذه المقالات لإيضاح موضوع [ ملْك اليمين ] ، سوف نُناقش في المقالة القادمة بإذن الله ، الآية / 25 / سورة النساء بكلّ شفافية و وضوح ، و بعْد ذلك : ( فإنْ يكفُرْ بها هؤلاء ، فقد وكّلْنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين ، أولائك الذين هداهُم الله ) الأنعام 90 تعالوا أعزائي الكرام نُناقش بكلّ شفافية و وضوح و بلغةٍ عربية سليمة مفهوم الآية / 25 / من سورة النساء : _ ( و مَنْ لمْ يستطعْ منكُم طوْلاً أنْ ينكح المُحصنات المؤمنات ) ، أي : مَنْ ليس لديه المال الكافي للزواج منَ [ المُحصنة ] التي ليست بحاجة للعمل لدى الآخرين ، فالسبب واضح أنّه سببٌ ماليّ بحْت . _ ( فمنْ ما ملكتْ أيْمانكمْ منْ فتياتكم المؤمنات ) ، أي : الزواج من ملْك اليمين هو [ البديل ] عن الزواج منَ المُحصنة ، و ليس [ الجمْع ] بين المُحصنة و بين مُلْك اليمين . _ ( فانكحوهنّ بإذْن أهلهنّ و آتوهنّ اُجورهُنّ بالمعروف ) ، أي : زواج شرعي بعلْم أهل الفتاة + المهْر المُتعارف عليه في المُجتمع ( بالمعْروف ) ، و ليْس عمليّة [ شراء ] لممارسة الجنس معها . _ ( مُحصنات ، غير مُسافحاتٍ و لا مُتّخذات أخدان ) ، أي : تُصبح زوجة مُحصنة ، و ليست صاحبة أو عشيقة . و بعْد كلّ هذا الإيضاح في الاية الكريمة ، يُصرّ [ البعْض ] على أنّ [ مُلْك اليمين ] هي فتاة يُمكن [شراؤها] لممارسة الجنس معها دون أيّ ضوابط شرعيّة ، و كأنّ القُرآن الكريم يتحدّث بلغة [ سنسكريتيّة ] غير واضحة . أترك الحُكْم في مفهوم هذه الآية لعُقولكم النيّرة بعد أن تكلّمت الآية 25 من سورة النساء بالتفصيل عن [ ملْك اليمين ] ، جاءت نهاية الآية : ( يُريدُ الله ليُبيّن لكم ، و يهديكم سُنَن الذين من قبلكم ) النساء 125 ، إذاً لا يُمكن فهْم [ ملْك اليمين ] دون معرفة [ سُنن الذين كانوا منْ قبلنا ] ، و السُنّة [ الطريقة ] التي كانت قبل الإسلام في موضوع [ ملْك اليمين ] هي كما يلي : إذا كان لأحدٍ دينٌ على أحدٍ آخر ، و لم يكن مع المدين المال الكافي لسداد ذلك الدين ، كان يُرسل ابنته للعمل عند الشخص الدائن لسداد الدين [ الفريضة ] ، و خلال تلك الفترة كانت الفتاة تُدعى [ ملْك يمين ] ، فإذا أراد الشخص الذي تعمل عنده أن يتزوّجها ، عليه أخذ موافقة أهلها و أنْ يُحدد لها مهراً جديداً غير المبلغ الذي تعمل لسداده [ الفريضة ] ، لذلك تقول الآية : ( و لا جُناح عليكم فيما تراضيتم عليه من بعد الفريضة ) النساء 24 ، لذلك فإنّ [ ملْك اليمين ] في الوقت الحالي ، هي التي تعمل عند الآخرين مُقابل أجْرٍ محدّد أو راتبٍ شهريّ ، و تقوم بتنفيذ كلّ الطلبات التي تُطلب منها مثل الغسيل و تنظيف البيت .... ، عدا العمل الجنسيّ الذي يكون عن طريق [ الزواج الشرعيّ ] حصراً و تكون شريكة لزوجها في ماله