وات - مريم مطيراوي - "امي مريضة جدا وانا في حاجة الى جهاز تركيز الاوكسيجين"، "هل من احد يدلني على مكان لكراء جهاز اوكسيجين او شرائه" نداءات استغاثة يتم يوميا تداولها على صفحات التواصل الاجتماعي لعائلات مرضى يعانون من صعوبة في التنفس بسبب اصابتهم بفيروس كورونا . صفحات التواصل الاجتماعي، اضحت في الاونة الاخيرة، سوقا لعرض وبيع هذه الاجهزة، ولتداول أرقام هاتفية لكم هائل من الأشخاص والشركات الذين تتوفر لديهم هذه المعدات التي سجلت أسعارها ارتفاعا ملحوظا، سواء للكراء أوالبيع، علما وأن أسعار هذه الاجهزة تتزايد يوما بعد يوم، بفعل تفشي الوباء، كما أصبح كراؤها أو بيعها تجارة مربحة لعدد من المحتكرين في ظل غياب تشريعات قانونية تنظم قطاع بيع وشراء الأجهزة الطبية. وأفاد عدد من المواطنين، في تصريحات ل(وات) أن مزودي اجهزة الأوكسجين يعمدون، في بعض الاحيان، إلى اشتراط توفير صك بنكي من دون تحديد المبلغ المالي لكراء أو اقتناء الآلة، مستغلين ظرفية امتلاء أسرة الاوكسجين والانعاش في الوحدات الاستشفائية ما يضطر عددا من المصابين بالفيروس للتداوي في المنزل، وبالتالي الالتجاء لكراء أجهزة تساعد على التزود بالأوكسجين. وعبرت شيماء، وهي ابنة أحد المصابين بالفيروس، عن غضبها من الارتفاع الجنوني لاجهزة الاوكسيجين، مشيرة إلى أن" الأسعار تختلف من بائع إلى آخر والكثير منهم استغلوا هذه الأزمة الصحية لزيادة أرقام المبيعات دون الاكتراث لمعاناة المواطنين وحالتهم المادية الهشة". هذا الارتفاع في الاسعار فسره طارق قلال وهو صاحب شركة تونسية مختصة في بيع أجهزة الانعاش ومعدات الطوارئ بالقول: "الطلب على الاجهزة فاق العرض بكثير مما خلق "سوقا سوداء" لا يحتكم فيها تحديد التسعيرة الى اي قانون"، مشيرا إلى تسجيل ارتفاع كبير في الاسعارمقارنة بالفترات السابقة، إذ يتراوح ثمن الجهاز الواحد حاليا بين 3 آلاف إلى 4 آلاف دينار. طارق قلال أكد نفاد كل المخزون من أجهزة الاوكسيجين في شركته نظرا لارتفاع الطلب عليها من قبل المستشفيات العمومية والخاصة خلال الموجة الثالثة من فيروس "كورونا"، مبينا، في حديثه عن خصوصيات هذه الاجهزة أنها تمكن المريض من التزود ب 20 بالمائة من الاوكسجين O2 و80 بالمائة من النيتروجين ويسع الجهاز الواحد إما ل5 أو 10 لترات. ونبه مدير الهياكل الصحية بوزارة الصحة، نوفل السمراني، الى الوضعية الصعبة التي تواجهها المستشفيات نتيجة ارتفاع استهلاك الاوكسجين استجابة للطلب المتزايد في اطار التكفل بمرضى كوفيد 19، مشيرا الى ان المزودين الخواص للمستشفيات بالأوكسجين بلغ انتاجهم منذ مدة طاقته القصوى ولم يعد بامكانهم الاستمرار في التزويد. وكشف السمراني أن هؤلاء المزودين شرعوا مؤخرا في استيراد الأوكسجين من الخارج ليقوموا ببيعه الى وزارة الصحة، لافتا الى ان هذه الوضعية حتمت اقتناء كمية من الأوكسجين من الجزائر بصفة استعجالية عن طريق مزود تونسي. من جهته، أكد رئيس الغرفة الوطنية للأجهزة الطبية التابعة للجامعة الوطنية للصحة، لطفي بن يدر، أن أسعار الأجهزة الطبية هي أسعار حرة غير مقننة تباع من دون رخصة خاصة، لافتا إلى أهمية إصدار مرسوم بالرائد الرسمي يقدم التعريف القانوني لمصطلح "المستلزمات الطبية" بهدف تنظيم ومراقبة بيع وشراء الأجهزة الطبية وتجاوز هذه الثغرات القانونية التي لا تخدم المصلحة العامة. واعتبر بن يدر بأنه لا يمكن الحديث عن وجود سوق سوداء لبيع هذه الأجهزة الطبية في ظل غياب تشريعات قانونية تنظم هذا القطاع، لافتا إلى أن عددا من المزودين بمثل هذه المستلزمات ليس لهم مؤهلات علمية و يجهلون كيفية استعمال بعض الأجهزة وهو ما قد يعود بالضرر على صحة المريض. وفي ظل هذا التهافت على أجهزة الأوكسجين، يشارك المجتمع المدني بمختلف أطيافه في مساعدة المصابين بالفيروس وخصوصا من لهم صعوبة في التنفس، إذ أطلق عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي استبيانا من أجل إعداد تطبيقة تساعد المواطنين على التعرف على الشركات والأشخاص الذين يوفرون هذه الأجهزة بالقرب من مكان إقامتهم. كما تعمل عدد من جمعيات المجتمع المدني والتونسيون المقيمون بالخارج على معاضدة جهود الدولة في هذا المجال من خلال شراء أجهزة الأوكسجين وإعارتها بصفة مجانية للمصابين والمستشفيات العمومية في عدد من ولايات الجمهورية.