أدّى أعضاء المجالس المؤقتة للقضاء العدلي والإداري والمالي، اليمين، خلال موكب انتظم اليوم الإثنين بقصر قرطاج، بإشراف رئيس الجمهورية، قيس سعيّد الذي أصدر بالمناسبة الأمر الرئاسي المتعلق بتسميتهم. وكان الرئيس أعلن مساء 6 فيفري 2022، في كلمة من مقر وزارة الداخلية، عن قراره حلّ المجلس الأعلى للقضاء، مشددا على أنه اتخذ هذا القرار من أجل وضع حد لما وصفه ب"الوضع المزري" الذي تردّى فيه القضاء. ... وقد تم إنشاء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، بمقتضى مرسوم رئاسي عدد 11 صادر بالرائد الرسمي ومؤرخ في 12 فيفري 2022. ويتمتع المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وفق المرسوم، بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية ويشرف على شؤون القضاء العدلي والاداري والمالي. كما سيمارس مهامه الى غاية إرساء "مجلس اعلى للقضاء"، فضلا عن انه يحل محل المجلس الأعلى للقضاء المنصوص عليه بالقانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 والذي يضم في تركيبته 45 عضوا. وتتضمن تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، ثلاثة مجالس وهي المجلس المؤقت للقضاء العدلي والمجلس المؤقت للقضاء الإداري والمجلس المؤقت للقضاء المالي ويضم 21 عضوا، بحساب 7 اعضاء لكل مجلس، أربعة منهم يعينون بصفتهم وثلاثة قضاة من المتقاعدين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية لا يمارسون أي وظيفة أو مهنة أخرى، ويعينون بأمر رئاسي كما يترأس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الرئيس الأول لمحكمة التعقيب. وقد خُصص اللقاء الذي جمع رئيس الدولة، أمس الأحد في قصر قرطاج، برئيسة الحكومة، نجلاء بودن رمضان ووزيرة العدل، ليلى جفال، للنظر في الترشحات إلى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، بالنسبة إلى القضاة من الأسلاك الثلاثة (عدلي، إداري، مالي) من المتقاعدين الذين لا يمارسون وظيفة أو مهمة أخرى. وقال رئيس الجمهورية بالمناسبة إنه "تم مؤخرا العمل على اختيار هؤلاء القضاة المتقاعدين وتم التحري والتقصي بشأنهم حتى يكونوا في مستوى المرحلة التي تعيشها تونس". ووفق المرسوم المنظم للمجلس الاعلى المِؤقت للقضاء، يبلغ عدد الأعضاء من القضاة المتقاعدين من الأسلاك الثلاثة، 9 قضاة قال عنهم الرئيس إن أول مقياس تم اعتماده في اختيارهم هو "الاستقلالية والكفاءة"، مشيرا إلى ان "مسؤوليتهم مسؤولية جسيمة و ثقيلة كما انهم مطالبون بان يبرهنوا على استقلاليتهم". ويتولى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، اقتراح الاصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته وإبداء الراي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وادارة القضاء واختصاصات المحاكم والاجراءات لديها والانظمة الخاصة بالقضاة. كما جاء في المرسوم أن كل مجلس مؤقت للقضاء ينظر في إعداد حركة القضاة السنوية، من تسمية وتعيين وترقية ونقلة وإعفاء وفي مطالب رفع الحصانة والاستقالة. ويترأس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الرئيس الأول لمحكمة التعقيب (يرأس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي) وله نائبان أولهما الرئيس الأول للمحكمة الادارية (وهو رئيس المجلس المؤقت للقضاء الاداري) وثانيهما رئيس محكمة المحاسبات (يراس المجلس المؤقت للقضاء المالي) وقد حجر المرسوم الجديد في فصله التاسع على القضاة من مختلف الاصناف، الاضراب وكل عمل جماعي منظم من شأنه إدخال اضطراب او تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم. ونصّ الفصل 19 من المرسوم على أن رئيس الجمهورية يتولى إمضاء الحركة القضائية لكل صنف وله أن يعترض على تسمية أو تعيين أو ترقية أو نقلة كل قاض بناء على تقرير معلل من رئيس الحكومة أو وزير العدل وفي هذه الحالة على كل مجلس إعادة النظر في موضوع الاعتراض باستبدال التسمية أو التعيين أو الترقية في أجل 10 أيام من تاريخ توصله بالاعتراضات. وعلى إثر إصدار هذا المرسوم، عبّر المجلس الأعلى للقضاء المنحل، عن رفضه رفضا مطلقا لما تضمنه المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المحدث للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء، معتبرا أن التنقيح الذي جاء به هذا المرسوم "اعتداء بين على استقلالية القضاة وتراجع خطير على المكتسبات الدستورية والتشريعية السابق إقرارها لفائدتهم ". واعتبر المجلس الأعلى للقضاء المنحل، أن هذا المرسوم "تضمن مساسا جوهريا بالحقوق الأساسية للقضاة المتصلة بمساراتهم الوظيفية في كافة مكوناتها، من تسمية وترقية ونقلة وإلحاق، وبمساراتهم التأديبية وما ارتبط بها من ضمانات فعلية لحق الدفاع والحق في محاكمة عادلة"، مشددا على أن المجلس "يرفض بشدة إحالة سلطة إدارة هذه المسارات والتحكم في مآلها إلى السلطة التنفيذية" كما حذّر من تبعات توريط جزء من أعضاء المجلس بالصفة في المشاركة في تركيبته، داعيا إياهم إلى النأي بأنفسهم عن الاستجابة لذلك. من جهتها عبّرت الهياكل المهنية القضائية المهنية عن رفضها هذا المرسوم وعن تمسكها بالمجلس الاعلى للقضاء، باعتباره هيئة دستورية، داعية القضاة المعينين بالصفة إلى "عدم الانخراط في هذا المسار". وفي هذا الاطار عبّرت جمعية القضاة التونسيين، عن رفضها بشدة إحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، المنصّب بموجب مرسوم اعتبرته "خارج مبادئ الشرعية والتأسيس لوضع يتعارض مع الدستور" مشيرة الى أنّ المرسوم الصادر هو "عديم السند القانوني والدستوري وعلى أنّ المساس بوضع السلطة القضائيّة ليس من مقتضيات مرحلة الاستثناء التي يبقى القضاء فيها الضامن الوحيد للحقوق والحريات". واعنتبرت الجمعية التونسية للقضاة الشبان أن المجلس المؤقت مجرّد بناء فوضوي لا يستند إلى أي نص قانوني أو دستوري" محذرة من "تورّط القضاة المعينين بالصفة والقضاة المتقاعدين، في جريمة المشاركة في الانقلاب على المجلس الأعلى للقضاء". كما نبهت نقابة القضاة التونسيين، إلى أن اعتماد المرسوم عدد 11 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، على تركيبة قضائية قائمة على التعيين، "فيه مساس بالحق الانتخابي للقضاة، الذي تمسكت به النقابة كأساس من أسس الإصلاح". من جهته اعتبر المجلس القطاعي لجمعية القضاة التونسيين بمحكمة المحاسبات، أنّ المرسوم المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء "عديم السند القانوني والدستوري" وأنّ المجلس الأعلى للقضاء المحدث بالقانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 "هو الهيكل الدستوري والشرعي الوحيد الذي أنشأته سلطة تأسيسيّة ولا يمكن بالتالي المساس به". وقد تم إغلاق مقر المجلس الأعلى للقضاء، وفق ما أفاد به رئيس المجلس المنحل، يوسف بوزاخر، في 7 فيفري 2022 ومنع الموظفين والعملة من الدخول من قبل قوات الامن، قبل ان يستأنف موظفو وعملة المجلس عملهم، يوم 16 فيفري الماضي، وذلك بمقر هذا المجلس.