رفض الإفراج عن محرز الزواري    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    عاجل/ السجن لموظف ببنك عمومي استولى على أموال..    صفاقس.. الاحتفاظ برئيس بلدية سابق أحدث مكتبا للمهاجرين    تسجيل عجز بالمليارات في ميزانية الجامعة التونسية لكرة القدم    فسفاط قفصة لديها 2ر3 مليون طن من الفسفاط التجاري الجاهز للنقل لكن النقل الحديدي لا يؤمن المطلوب    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ أكثر من 50 عائلة في عزلة جراء انزلاق الطريق بهذه المنطقة..    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    هل يفعلها الفريق المجري ويُؤهل عربات القطارات المُتهالكة!    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    غار الدماء...90 إطارا طبيا وشبه طبي يؤمنون 300 عيادة طبية لسكان منطقة القلعة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    سحق الإفريقي برباعية: المنستيري يُشعل المنافسة    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور    عاصفة شمسية شديدة تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    بالفيديو: سعيّد: هذا تقصير وسيحاسب الجميع حتى المسؤولين الجهويين    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    المهدية: هذا ما قرره القضاء في حق الأمّ التي عنّفت طفليها    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    جندوبة: السيطرة على حريقين متزامنين    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مائوية بلدية المحرس: تكريمات واختتام رائع بكل المقاييس وإصدار يوثق تاريخ المنطقة
نشر في باب نات يوم 06 - 08 - 2022


- : إعداد وائل الرميلي
باحثون وجامعيون يتدارسون تاريخ المحرس ووجهتها عبر العصور
...
افتُتحت الندوة العلمية، مؤخرا، بكلمة رئيس المجلس البلدي محمّد شنيور رحّب فيها بالحضور من ممثلي الجمعيات والمنظمات والمجتمع المدني بالجهة والمشاركين ومسؤولين محليّين وجهويّين وباحثين ومحاضرين تتقدمهم ابنة المحرس، عميدة كلية لآداب بصفاقس، الأستاذة نجيبة شقير وطلبة وشبان، جاؤوا خصيصا من تونس العاصمة وصفاقس وسوسة والقيروان وجربة والمهدية...، لمشاركة أهالي بلدية المحرس فرحة الاحتفال بمائوية بلديتهم، ثمّ تلاه الأستاذ أحمد الباهي الذي ذكّر بظروف إطلاق فكرة الندوة منذ طُرح الاحتفال بمائوية البلدية ثمّ قدّم البرنامج العلمي للندوة بجلستيها وعدد المحاضرين وصفاتهم والمحاور الرئيسية للمحاضرات، وأكّد على أنّه سيتمّ نشر الورقات العلمية في مؤلّف جماعي رُصد له مبلغ من ميزانية البلدية على أن يكون جاهزا للتوزيع في نهاية شهر فيفري 2023 بمناسبة الذكرى 102 لنشأة البلدية. اثر ذلك نتناول رئيس جامعة صفاقس، الأستاذ عبد الواحد المكني أستاذ الأنتربولوجيا التاريخية بنفس الجامعة ليؤكد على أهمّية التاريخ المحلي والجهوي في صناعة التاريخ الوطني بكل أصنافه، السياسي والنقابي والثقافي وغيرها، وشدّد على أهمية مدينة المحرس وجهتها جغرافيا من موقع وموضع (برا وبحرا...) ودورها في مختلف الحقبات التاريخية التي مرّت بها تونس، منذ عصور ما قبل التاريخ إلى غاية مطلع الاستقلال كما تدلّ عليه الآثار الموجدة بها إلى اليوم.
وتضمن برنامج الندوة العلمية جلستين علميتين، قُدّمت خلالها 12 مداخلة (باللغتين العربية والفرنسية) باستخدام التقنيات الحديثة في العرض: صور ووثائق أرشيفية وعائلية أصلية غير منشورة على تقنية "Data Show". وقد خُصّصت الجلسة العلمية الأولى حول "التراث المادي بالمحرس وجهتها عبر العصور" و التي ترأسها الأستاذ عبد اللطيف المرابط، أما الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الأستاذ والباحث الدكتور عبد الواحد المكني حول "دور المحرس في التاريخ الحديث والمعاصر" .
وقد تبع كلتا الجلستين نقاش ثريّ وتفاعل ايجابيّ بين أصحاب الورقات العلمية والحضور بقاعة المحاضرات بالنزل، سواء بالتفاعل أو الإثراءً و التساؤل وتقديم بعض المقترحات إلى رئيس المجلس البلدي بالمحرس، تلخّصت بالأساس في المطالبة بتخصيص نهج أو ساحة تحمل اسم حمّادي بن زينة زوج أول طبيبة تونسية، الدكتورة توحيدة بالشيخ... وقد وعد رئيس البلدية بتلبية هذا الطلب في القريب العاجل وعرضه على أنظار المجلس البلدي، لتختتم الندوة بتوزيع شهدات تكريم للمحاضرين.
*زيارات ميدانية للمواقع الأثرية
أما في الفقرة التنشيطية المسائية فكانت ثقافية ترفيهية بالأساس تضمّنت زيارة لمعلمين هامين قدّم خلالها الأستاذ احمد الباهي للمشاركين في الندوة من محاضرين وطلبة وباحثين شبان...، عرضين مفصلين، أولهما عن حصن يونقة والخصوصيات المعمارية، وثانيهما زيارة لزاوية عُنبسة بن خارجة المعروف باسم سيدي حمد عبسة، قدّم خلاله نفس الأستاذ عرضا مفصّلا عن الخصائص المعمارية للزاوية التي بنيت خلال القرن 18م وصاحبها وعلاقته بالسلطة والفاعلين بالمحرس . إثر ذلك تحوّل المشاركون إلى فضاء "عليسة" لزيارة
معرض النحات الموهوب، إبن المحرس، المتقاعد من مدرسة الفنون الجميلة بتونس، الأستاذ الهاشمي مرزوق (صاحب تصميم حصان الزعيم بورقيبة يوم عودته مظفرا بالاستقلال الداخلي لتونس في غرّة جوان 1955) لمعاينة آخر منتوجاته الفنية وإصداراته .
* تكريمات واختتام رائع بكل المقاييس
شهد إختتام الاحتفال بمائوية بلدية المحرس بعرض لجولة بحرية على متن المراكب الشراعية، وعرض لمخيّم كشفي نموذجي والذي تضمن العاب نارية حسب الطقوس الكشفية وذلك بتنظيم فوج محمد جليل بالمحرس للكشافة التونسية.
أما السهرة فقد تميّزت بالحضور الجماهيري الهام، والتي تضمنت عرض موسيقى اثثه الموسيقار عبد المجيد بكار وعازف الكمان علي كمون ، وانطلقت بكلمة ترحيبية لرئيس بلدية المحرس، ثم تكريم المجالس البلدية والتي تسلمها رئيس بلدية سابق عبد الجواد مغيث وتكريم إدارة بلدية المحرس والتي تسلمها المستشار البلدي السابق لدورتين متتاليتين الهادي فرج واللذان بالمناسبة القايان كلمة حول هذه الاحتفالية.
كما تم بالمناسبة تكريم عملة بلدية المحرس تسلمها ناظر العملة العيادي المسعودي وكذلك الجمعيات والمنظمات والمؤسسات وعدد من الشخصيات التى شاركت في التنمية المحلية وساهمت في إنجاح هذه الاحتفالية وذلك عبر اهدائهم وسام المواطنة.
وأكد رئيس بلدية المحرس، محمد شنيور، في تصريح اعلامي، أن الهدف من إحياء ذكرى إحداث هذه البلدية، التي تعود نشأتها إلى تاريخ 22 فيفري 1922، هو "المساهمة في مزيد تجذير قيم المواطنة لدى أبناء الجهة، وتعزيز انخراطهم في العمل البلدي، فضلا عن تجسيم البعد السياحي للمدينة، والتأكيد على البعد البيئي الذي ستواصل البلدية الاشتغال عليه كأحد أبرز الاستحقاقات المجتمعية".
وشدّد شنيور على انتظارات أبناء المحرس في أن يقع الإعلان قريبا في الرائد الرسمي عن قرار إدراج بلدية المحرس بلدية سياحية بعد أن أعلن عنه رسميا وزير السياحة في زيارته الأخيرة في 13 مارس للجهة. مضيفا أنّه "سيتم إصدار كتاب في نهاية الندوة الفكرية يقع فيه جمع المداخلات والمضامين المقدمة، وسيجسّد مختلف الحقبات التي مرت بها المحرس عبر التاريخ ليكون مرجعا حول المنطقة وتاريخها".
* إصدار يوثق تاريخ المحرس
إيمانا منه بأهمية تثمين تاريخ هذه المدينة العريقة، وحفظ ذاكرتها وتراثها، آمن محمد شنيور رئيس بلدية المحرس بضرورة تأريخ المسيرة بكل محطاتها مدعمة ذلك بالوثائق والصور الخالدة التي لا شك أنها ستحدث الجيل الجديد والأجيال القادمة بما تركه السابقون، وتحفزهم على مزيد البذل والعطاء حتى تبقى المحرس مشرقة على مر السنين.
هذا الكتاب، ولا شك سيوثق لتاريخ منطقة مشهود لها بالنضال، وذات تاريخ مجيد حافل لأهالي مدينة ظلت شامخة على مرّ السنين، بفضل ما خلّده الرجال وأيضا النساء في منطقة ترسخ فيها الصفاء والوفاء لأرض طيبة بحجم طيبة أهالي المحرس التي بدأت كبرى ومازالت وستظل أكبر.
وحول الفعاليات الثقافية والفنية والمجتمعية التي رافقت إطلاق مشروع المئوية، أوضح، نجيب سلام، رئيس لجنة الفنون والثقافة ببلدية المحرس، أن الإعداد لهذه الفعاليات تطلب فتح حوار واسع مع العديد من المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني وعدد من المتطوعين وأعضاء لجان مشروع المئوية، ودراسة الإمكانيات المتوفرة والكامنة وذلك للخروج ببرنامج يتمتع بالواقعية والطموح. وأشار إلى أن التركيز على الفعاليات الثقافية والفنية ذات الطابع الجماهيري ينبع من ثقة بلدية المحرس بأن الحقل الثقافي يشكل نقاط تماس مع مجتمع المدينة بشرائحها الأوسع، ولهذا اخذ برنامج الفعاليات طابعه الثقافي الفني، المبني على شراكة واسعة مع جمهور كامل المنطقة البلدية ومؤسساتها، عبر تحويل فضاءات المدينة وساحاتها إلى منطقة احتفالية تعزز علاقة الجمهور بالبلدية .
*المحرس وشواهدها التاريخية
هي مدينة عريقة مرت بها حضارات ما قبل التاريخ إلى الفتح العربي الإسلامي, موقعها استراتيجي متميز، محاذية للبحر الأبيض المتوسط بالساحل الشرقي من جنوب مدينة صفاقس.
استوطنها الحجريون في الألفية الثامنة قبل الميلاد وكونوا بها تنظيما اجتماعيا وحياة مستقرة واستعملها الفينيقيون معبرا للقوافل التجارية ومستعمرة صغيرة إلى الموانئ الساحلية بداية من جربة إلى الجزائر خلال الفترة التي سبقت التاريخ ( الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد ). وكانت تسمى بالمحرس القديم في العهد الروماني والوندالي والبيزنطي ثم تحولت في العهود الموالية إلى مدينة عامرة بالحياة ومعقل من معاقل الحركة المسيحية من سنة 411 و 484 و 511 ميلادي.
ومن أهم المعالم و المواقع الأثرية القديمة المكتشفة في الثلاثنيات والأربعينات، البرج البيزنطي بمنطقة سيدي احمد عبسة، يونقة في موقع شاسع وقع صيانة لتوظيفه لفائدة السياحة الثقافية والبيئية .كما تم العثور بمنطقة يونقة والمواساة وهنشير مسعودة على أنقاض كنائسية مسيحية قديمة تعود إلى القرن الخامس مسيحي.
حصن يونقة الضخم الذي يقع على بعد 030 مترا إلى الجنوب الشرقي من كنيسة يونقة عثر عليه أثناء الحفريات التي تمت بإشراف إدارة الآثار بتونس سنة 1941 وكشفت الحفريات على ما يبدو عن مكان عبادة في حالة متردية وشكل هيكل معماري وحسب الأبحاث الأولية آنذاك فان هذا المعمار والكنيسة ينتميان إلى المباني الدينية ويمثلان شبه حي للأساقفة ورجال الدين .
مجموعات أخرى من البلاطات الفسيفسائية و لوحات رائعة تخص حصن يونقة تم حفظها بمتحف باردو ولوحات رائعة من الفسيفساء نادرة الوجود ولا توجد مثيلاتها إلا في كنيسة صالونيك اليونانية وتعود إلى سنة 314 ق م .
جزيرة الكنايس التي توجد على مقربة من البرج و معبد يونقة وعلى أميال بحرية وقد صنفت ضمن المحميات الطبيعية من طرف وزارة الفلاحة نظرا لخصوصياتها و لاحتضانها معلما هاما يتمثل في أنقاض دير مسيحي يعود إلى القرن الخامس ميلادي .
حجارة بقبة سيدي غريب مكتوبة باليونانية واللاتينية تؤرخ لبناء حصن يونقة في عصر جستنيان II وتيباري (TIBERE) أي حوالي 574 و 578 ميلادي وهذا الحجارة توجد بمتحف اللوفر.
لوحة أخرى تحمل طيها صورة ضريح المسيح الذي أقيم في القدس خلال فترة حكم الإمبراطور قستنطينوس وتعد من المراجع الهامة الخاصة بالمسيحية القديمة .
لوحات أخرى على غاية من الإبداع عثر عليها في أروقة الحصن والمعبد وطاولة القرابين( المذبح) في قاعة من الرخام اكتشفت سنة 1930 و سلمت إلى المراقب المدني بصفاقس .
ففي عهد الفتح العربي الإسلامي اختارها بنو الأغلب من الثغور البحرية التي تراقب السواحل التونسية من الغزو البيزنطي والروماني والإفرنجي وأسس عمارتها السكنية أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب وبني حصنها على يد قائده العسكري علي بن سلم البكري سنة 849 م 235 هجري عندما بني الأغالبة مجموعة من القصور حولها على ساحل ولاية صفاقس منها قصر نقطة وقصر يونقة المسمى بقصر تليدة وهو عبارة عن بناء ضخم شاهق أقيم كحصن أو محرس لحراسة الجهة وسمي بالرباط .
كما أقام الأغالبة صهريجا عظيما لحفظ ماء الأمطار متسع الأطراف متين البناء هدم في منتصف الستينات وبقيت ملامحه الواضحة تحت الأنقاض الفوقية المهدمة وعوض بطريق معبد يعرف بشارع الأغالبة ويمكن في أجال ومشاريع أخرى إعادة إحيائه وإظهار هذا المعلم الشامخ و استغلاله في الثقافة السياحية.
أصل سكان المحرس كما يقول التيجاني متحدثا عنهم : " و أهله قوم من هوارة كانوا ساكنين قبل هذا بالقصور المعروفة بقصور بني خيار فأجلتهم العرب منها فانتقلوا إلى هذا الحصن " .
إن هذه الشواهد التاريخية والجمالية و البيئية لها دلالات حضارية وتاريخية على عظمة هذه المدينة ومكتسباتها وبالإمكان توظيف هذه الأخيرة لفائدة السياحة الثقافية والبيئية .
المحرس والآفاق الواعدة للتنمية السياحية
تقع المحرس بالنقطة الكيلومترية 303 بالطريق الوطنية رقم 1 جنوب مدينة صفاقس في اتجاه قابس وتحتل مركز الصدارة بين معتمديات الولاية وتشتهر بإنتاجها الفلاحي المتنوع برا وبحرا بفضل غابات الزيتون التي تمسح 31500 هكتارا و620 ألف أصلا من الزيتون و الثروة السمكية التي تقدر ب: 1200 طنا من الأسماك من الصيد الساحلي والصيد بالأضواء ومحار البحر الجيد. أما موقعها الاستراتيجي فقد أهلها لان تكون عاملا مشجعا للاستثمار في مختلف الميادين وبالأخص في ميدان السياحة الثقافية والبيئية.
ارتبطت مدينة المحرس بحركة نشيطة بواسطة الطرقات الداخلية والمحيطة وحركة المواصلات التي تؤدي إلى المحطات الأثرية والثقافية التي تزخر بها ولاية صفاقس فضلا عن المناطق الأثرية الأخرى داخل المنطقة البلدية المحرس. كذلك فان الشبكة الجيدة من الطرقات الوطنية والحديدية وعامل البحر جعلها همزة وصل بين عاصمة البلاد وشرقيها وجنوبها وبعديد المدن بالوسط والشمال وعديد المدن المغاربية ونقطة عبور نحو ليبيا والشرق .
فهي في موقع محوري وقادرة على تطوير البنية التحتية الملائمة لحركية سياحية نشيطة وجديرة بان تكون بلدية سياحية مندمجة مع قرية الشفار إحدى مناطق المحرس.
فالمحرس ككل مع مناطقها القريبة كمنطقة ليش ومنطقة سيدي غريب وسيدي احمد عبسة أين بني برج اثري بيزنطي ومنطقة السمارة والمواساة وهنشير المسعودة ونقّطة كلها تمثل بساطا مختلف الألوان محلى بزرقة البحر والشواطئ الجميلة واخضرار غابات الزيتون ذات الظلال الوارفة والعبير الفواح بالإضافة إلى مساحة هامة من المناطق الخضراء تمثل حوالي 11 هكتارا مثل حديقة الفسحة الشاطئية.
المعطيات البيئية والسياحية
مدينة المحرس نقطة عبور وهي بوابة ولاية صفاقس من الجنوب ولها خاصيات جغرافية وبيئية هامة، أهمها غياب مصادر التلوث الصناعية ووجود شاطئ بشمال معتمدية المحرس على بعد 6 كلم ( شاطئ الشفار ) وهو ثاني أطول شريط ساحلي بعد الشريط الساحلي بمدنين وأكبر شاطىء على المستوى الوطني ويمتد على طول حولي 7 كلم ويرتاده في وقت الذروة 200 الف شخص في نفس اليوم من مختلف معتمديات ولاية صفاقس والولايات المجاورة.
تقع المحرس بين مناطق أثرية ( طينة بالشمال ويونقة من الجنوب ) وتبعد بعض الكيلومترات على محمية الكنائس ومن الشمال على منطقة طينة وهي بالتالي ممر هام بحري وبري وواقعة بين محطتين قديمتين محطة وادي العكاريت ومحطة جزيرة قرقنة .
الشاطئ الموجود داخل المنطقة البلدية يمكن تهيئته على المدى المتوسط ليتحول إلى شاطئ رملي. كما توجد بمدينة المحرس عدد 2 نزل وعديد المطاعم والمقاهي التي يتوافد عليها السياح وحسب الإحصائيات التي قدمتها لنا إدارة البلدية فإنه يمر من مدينة المحرس يوميا قرابة 150,000 عابر ويجتاز مدينة المحرس يوميا قرابة 5000 سائح وبين 25000 و35000 وسيلة نقل. كما توجد حول مدينة المحرس غابات هامة من أشجار الزيتون خاصة غابة الشعال .
آمال بلدية المحرس بين الحلم والحقيقة
تأمل بلدية المحرس أن تتضاعف الجهود وتتعزز الاعتمادات حتى تتمكن من إبراز يونقة على صورته التاريخية والحضارية وإتمام الحفريات حتى يبرز هذا الموقع الأثرى ويستعمل في السياحة الثقافية خاصة وانه تم اكتشاف بلاطات من الفسيفساء في هذا الموقع والمحفوظة حاليا بمخازن متحف باردو .وتجدر الإشارة أيضا إلى الحاجة لإبراز منطقة ليش المجاورة لمدينة المحرس والتي تتطلب بدورها اعتمادات للشروع في الحفريات.
إن مدينة المحرس قابلة لان تستغل سياحيا على المدى الكبير لا لسياحة العبور فقط كما هو الحال الآن لان لديها مؤهلات عديدة ومحظوظة لان تصبح من البلديات السياحية اعتمادا على ما لهذه البلدية من مؤهلات سياحية كبيرة و طبيعية و ثقافية وتاريخية. ونظرا لإمكانية خلق مسلك ثقافي وسياحي بها ولجودة الطرقات والمواصلات التي تربط مدينة المحرس بالمحطات الأثرية والثقافية التي تزخر بها هذا بالإضافة إلى أنها تحتوي على مخزون تراثي مثل منطقة سيدي احمد عبسة خاصة موقع المحرس القديم بيونقة أين يتربع هذا الحصن البيزنطي الشامخ والذي تداولته يد العهود القديمة بداية من العهد الفنيقي إلى الفتح العربي الإسلامي. إلا أن أهالي المحرس إيمانا بتاريخ مدينتهم، انفتحوا على العالم من جديد وإذ أن مهرجان الفنون التشكيلية، منذ أكثر من ربع قرن، لباعثه الفنان الراحل يوسف الرقيق وكورنيش المدينة متحف مفتوح مغمور بلوحات وتصاميم واختراعات فنية لمشاهير من كل أصقاع العالم، مازالوا شهودا على أن المحرس قبلة وقلعة من قلاع الفن التشكيلي وذاكرة حيوية بألوانها ورخامها وحجارتها وتماثيلها ولوحاتها كورشة عالمية للإبداع. فهي باريس الصغرى كما يسميها أبناؤها، وهي عاشقة البحر الفضي المترنح على ضفافها، المحرس مدينة تونسية تغمرها الحياة والحركية، بلدة الفن ومضجع لعظماء رحلوا وتركوا الأجيال المتعاقبة تؤرخ لحضارة ولتاريخ منطقة مشهود لها بالنضال.
تأسست بلدية المحرس في 22 فيفري 1921 بمقتضى الأمر عدد 20 المؤرخ في 9 مارس 1921 وهي بلدية تعدّ 34,257 ساكنا، وشهدت سنة 1957 أول رئيس بلدية تونسي وهو المرحوم الطيب شقير (1957_1960) ومنذ ذلك الوقت والى اليوم تداول على رئاستها 19 رئيسا.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.