نظرة فابتسامة فموعد فلقاء فزواج فاهانة فضرب فعنف فصمت أو طلاق وأحيانا موت... هو مصير الكثيرات من النساء يتزوجن بحثا عن دفء الأسرة والسكنى في حضن يوفر لهن الأمان والحب والحنان ولكن يجدن أنفسهن بين مخالب كائن آدمي الخلقة حيواني الطبع... أسباب كثيرة تقف وراء العنف المسلط على الزوجة لعل سيدها هو المال أو بالأحرى قلة المال فالزوج وتحت ضغط المشاكل المادية وعدم استقراره في عمله وغلاء المعيشة والإحساس بالظلم والعجز أو سيلان لعابه على راتب الزوجة يسعى لعدم كبت الغليان والثورة داخله وبالتالي الانفجار في وجه زوجته بوصفها اشد ضعفا وعجزا منه ومن جهتها تلتزم الصمت في اغلب الأحيان خوفا على مؤسسة الزواج أولا ومن ردة فعل الآخرين ثانيا حيث أن المجتمع يحملها مسؤولية اعتداء زوجها عليها ويعزو ذلك لعدم إطاعتها له طاعة العبد لسيده.. ولكن هذه الظاهرة ليست حكرا على طبقة اجتماعية معينة بل هي موجودة في كل الطبقات والفئات الفقيرة والغنية و متوسطة الدخل و لا فرق بين رجل جامعي ذو مستوى ثقافي عالي وآخر بسيط كما إنها ليست خاصة بمجتمع دون الآخر فنجدها في أمريكا وفرنسا كما في دول العالم النامي وفي الأرياف كما المدن... ومن الأسباب الأخرى التي لا تقل أهمية عن المال التربية التي يتلقاها الطفل ذكرا كان أم أنثى فالولد يرى والده يعنف أمه فتكفكف دموعها وتصمت أو تغادر البيت بضعة أيام لتعود تحت ضغط أسرتها وعدم رغبتها في اكتساب لقب"مطلقة".. والبنت ترى في صمت أمها عند تعرضها للشتم والضرب عادة تتربى عليها وتلازمها طول عمرها.. وهكذا تفقد المرأة آدميتها شيئا فشيئا وتموت الأنوثة والثقة بالنفس داخلها وتغادر البسمة شفتيها وتدخل تدريجيا دوامة الإحباط والاكتئاب خاصة وإنها إلى جانب الاهانة والضرب قد تتعرض للاغتصاب أيضا ممن اختاره قلبها ليكون سكنا لها.. فكيف لأم بهذه المواصفات أن تربي من هم عماد المستقبل أتربيهم على الذل والخضوع أم على الحقد والغل أم انعدام الثقة بالنفس والخوف من الآخر؟ وكيف لأطفال بعمر الزهور أو شباب يمرون بفترة مراهقة العيش وسط جو مشحون بالألم والغضب والقهر حيث يكون الأب جلادا والأم ضحية.. المستفز في الأمر أيضا ارتكاز العديد من الأزواج على الشرع مستغلين الآية : "والأتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" أفحش استغلال متناسين قول الله تعالى "وعاشروهن بالمعروف" فالآية الكريمة وضعت الضرب في حالة واحدة وهي النشوز أي ارتكاب مخالفة اجتماعية أو أخلاقية حيث تمتنع عن أداء احد واجباتها دون تبرير مقنع وليس الأسباب التافهة التي تهان لأجلها المرأة زد على ذلك وضع الضرب كحل في صورة استنفاذ الطرق الأخرى من وعظ بلين الكلام وتذكيرها بحقوقه وواجباتها والهجر في المضاجع فهل يوجد رجل يطبق الآية كما هي؟ حتى طرق الضرب تم توضيحها حيث يكون غير موجع ولا يترك علامة وهو إن تمت إباحته في حالات خاصة فان ذلك بغية الحفاظ على كيان الأسرة لا التعذيب وكم من الجرائم ترتكب باسم الدين.. ونأمل أن لا يطل علينا احدهم ويتهمنا بالزندقة وتحريم ما حلل الله.. حيث يعتبر البعض ممن أقاموا كل واجباتهم الدينية بخشوع العابد الصادق أن ضرب الزوجة وشتمها عبادة يومية وهو شيء مؤلم لا لكونه انتهاك حقوق إنسان خلقه الله وأحسن تصويره فحسب بل لأنهم شوهوا صورة المرأة في الإسلام وأعطوا الآخرين فرصة للتندر عليه وإعطائنا دروسا في حقوق الإنسان.. لماذا يعتدي الزوج بالعنف على زوجته ويتسبب لها في عاهة نفسية تلازمها طول العمر ويذيقها مرارة لا ينسيها إياها معسول الكلام و لا طول الزمن..؟ لماذا يبيح لنفسه أن يتسبب لها في عاهة جسدية أو حتى يقتلها ببرود بسبب المال أو الغيرة أو تدخل الأهل في حياتهم وغيرها من الأسباب التافهة أليست إنسانا مثلها مثله لها الحق في الاحترام والإحساس بالأمان والحياة الكريمة..؟ حل كل هذه المشاكل يبدأ بتربية الأبناء ذكورا وإناثا على احترام الطرف الآخر وممارسة هذا الاحترام أمامه وينتهي بمعرفة كل من الطرفين حقوقه وواجباته والتقيد بها واستعمال لغة إنسانية في التحاور لا لغة اليد والعصا مرورا بنشر الوعي في صفوف النساء ودفعهن للمحافظة على كرامتهن وفرض احترامهن داخل عش الزوجية واتخاذ موقف حازم مع أول اعتداء حتى لا يتمادى الزوج وتصبح عادة وتصل الأمور لطريق مسدود..