سجّل معهد باستور بتونس خلال سنة 2024 تراجعًا ملحوظًا في مبيعات عدد من منتجاته الحيوية، على رأسها لقاح BCG المخصص للوقاية من داء السل، وتوقفًا كليًا في بيع الأمصال العلاجية ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب، وفق ما كشفه التقرير السنوي الصادر حديثًا عن المعهد. انخفاض في مبيعات لقاح BCG الوقائي أكد التقرير أن مبيعات لقاح BCG المستخدم للوقاية من السل انخفضت بنسبة 40% مقارنة بسنة 2023، حيث لم تتجاوز 12.340 جرعة خلال سنة 2024 مقابل 20.620 جرعة في العام السابق. وقد رافق هذا التراجع انخفاض في العائدات المالية، إذ بلغت قيمة المبيعات حوالي 160.420 دينار، مقابل أكثر من 185.580 دينار في 2023. ارتفاع طفيف في لقاح BCG لعلاج سرطان المثانة في المقابل، حقق لقاح BCG الموجه إلى العلاج المناعي لسرطان المثانة زيادة طفيفة على مستوى المبيعات، إذ تم بيع 12.332 وحدة خلال سنة 2024 مقابل 11.883 وحدة في 2023، مما أدرّ على المعهد مداخيل تجاوزت 863 ألف دينار، بزيادة مقارنة بعائدات 2023 التي بلغت نحو 831 ألف دينار. ويُعدّ معهد باستور بتونس الجهة الوحيدة في إفريقيا المختصة في تصنيع لقاح BCG، مما يعزز مكانته كركيزة أساسية في منظومة الصحة العمومية الوطنية والإقليمية، سواء في مجال الوقاية من السل أو علاج سرطان المثانة. توقف بيع الأمصال العلاجية منذ سنتين من أبرز ما ورد في التقرير كذلك هو توقف إنتاج وبيع الأمصال العلاجية المخصصة لمعالجة لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب، وهو توقف يعود إلى تعطل آلة التنقية الأساسية في خط إنتاج الأمصال. وأوضح المعهد أن هذه الآلة، التي ظلت في الخدمة لأكثر من 20 سنة، تعرضت لأضرار فيزيائية وكيميائية تسببت في تآكلها، ما جعلها غير مطابقة لمعايير الجودة والسلامة المعتمدة دوليًا، وأدى إلى تعليق الإنتاج منذ سنة 2023. برنامج لإعادة التأهيل وضمان الاستمرارية في مواجهة هذا التعطل، أطلق المعهد برنامجًا شاملاً لإعادة تأهيل آلة التنقية واستعادة شروط الإنتاج، كما شرع في إصلاح آلتين إضافيتين لضمان استمرارية تصنيع الأمصال العلاجية في المستقبل القريب، مؤكّدًا أن هذه الخطوات ضرورية لاسترجاع قدرات الإنتاج وضمان موثوقية المنتجات بما يخدم صحة المواطنين. تقدم في البحث والتطوير وشهادات الجودة وفي كلمة لها ضمن التقرير، أكدت المديرة العامة سامية المنيف المراكشي أن المعهد تمكن من تجاوز العديد من التحديات خلال سنة 2024، مشيرة إلى دوره المحوري في مكافحة داء الكلب ودعم السلطات الصحية من خلال التوزيع المكثف للقاحات والمراقبة الوبائية وحملات التوعية. وأبرزت في السياق ذاته التقدم المسجل على مستوى مشاريع البحث البيوميداني متعددة التخصصات، بالإضافة إلى توسيع التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والمستشفيات، مما ساهم في فتح آفاق جديدة لتطوير حلول علاجية مبتكرة. وشدّدت المنيف على الطفرة الحاصلة في وحدة البحث والتطوير في تقنيات اللقاحات، خاصة في ما يتعلق باللقاحات القائمة على تقنية الرنا المرسال (mRNA)، التي توفّر مناعة أكثر فاعلية وسرعة مقارنة باللقاحات التقليدية. كما نوّهت المديرة العامة بحصول المعهد على تجديد شهادة ISO 9001، مما يعكس التزامه المتواصل بأعلى معايير الجودة والسلامة. هيكلة علمية متطورة يُذكر أن معهد باستور تونس يضم 18 مختبرًا متخصصًا تغطي مجالات متعددة من بينها علم الفيروسات، والكيمياء الحيوية، وأمراض الدم، والمناعة، ما يجعله واحدًا من أبرز مراكز البحث والإنتاج الطبي في تونس والمنطقة.