(وات- تحرير عربية الامام)- لا يزال مشروع "كوستا كوراليس" (ساحل المرجان)، الذي من المنتظر أن يغير وجه مدينة طبرقة ومنطقة الشمال الغربي لتونس، الغنية بتاريخها، ومشاهدها، ومواردها الطبيعية، الضوء الأخضر لإطلاق أشغال إنجازه. وتسعى الشركة المشرفة على المشروع "هيفاء للاستثمار"، لتشجيع المستثمرين والشركاء للمضي قدما وإطلاق الاشغال، وفق ما علمته وكالة تونس إفريقيا للأنباء، من مسؤولين بولاية جندوبة. أخبار ذات صلة: "كوستا كوراليس" المشروع الضخم الذي سيجعل من طبرقة قبلة متوسطية بارزة... لابد من تسهيل كل الإجراءات الإدارية... ولادة مشروع "ساحل المرجان" واوضح ممثل اتحاد الصناعة والتجارة والناعات التقليدية بجندوبة، سعد الله خلفاوي، لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ رهانات "ساحل المرجان" تتجاوز مدينة طبرقة لتشمل كامل الشمال الغربي، اذ من المتوقع أن يسهم المشروع في رفع الناتج الداخلي الخام للولايات الاربع، بنسبة 5 بالمائة، فضلا عن خلق ديناميكية اقتصادية تتجاوز السياحة لتشمل الفلاحة والصناعة المحلية والخدمات. وعلى صعيد التشغيل تشير التقديرات الى إمكانية بعث أكثر من 12 ألف موطن شغل مباشر وغير مباشر وهو ما قد يحدث نقلة نوعية في منطقة يعاني شبابها من نسب بطالة مرتفعة ويدفع للحد من النزوح الداخلي والهجرة الخارجية. وتابع بالقول ان فكرة المشروع حظيت باجماع مجتمعي وبدعم واسع من كل مكوّنات الجهة من الهياكل الجهوية من اتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الشغل ومهندسين معماريين ومحامين وجمعيات المعطلين والمجلس الجهوي، وغيرهم من الفاعلين المحليين. ونوه بالبوادر المشجعة، التّي أبداها الشركاء في المشروع، إذ أعطى صندوق الودائع والامانات موافقة مبدئية للمساهمة، بنسبة 20 بالمائة، في راس مال الشركة المطوّرة للمشروع، اضافة الى دعم ومتابعة كل من الهيئة التونسية للاستثمار والمجلس الاعلى للاستثمار. وأشار إلى توقيع الشركاء على المستويين الوطني والدولي على رسائل نوايا استثمار تعلّقت بعدة مكوّنات من المشروع على غرار التهيئة والايواء السياحي والصحة والتنقل المستديم والخدمات المكملة. وبين ان الدراسات، التّي انجزت بخصوص المشروع، غطت مختلف الجوانب الاقتصادية والمالية والفنية والبيئية. واهتمت الدراسات في جوانبها البيئية بالخصوصيات الطبيعية للمنطقة، ضمانا لتهيئة مستديمة تحترم البيئة. وقال مدير عام شركة "هيفاء للاستثمار"، المشرفة على المشروع، فوزي الرديسي، في تصريح لوات، ان اختيار تسمية "ساحل المرجان" يحمل بعدا رمزيا تاريخيا مستوحى من انفتاح طبرقة على البحر وعلاقتها العريقة بالمرجان. وأشار إلى أن المشروع، الذي يمتد على مساحة 140 هكتارا، والذي من المنتظر ان يكون مركزا سياحيا وثقافيا واقتصاديا عصريا مندمجا بكلفة جملية تناهز 2000 مليون دينار، سينجز على مراحل متتالية. تشمل المرحلة الاولى، التي تغطي نحو ثلث المساحة، احداث خمسة أقطاب رئيسية تغطي الجهة بأكملها. ويتعلّق الأمر بقطب صحي، مع مركز علاج مرجعي، وقطب تجاري مبتكر يشكل أوّل مركز من نوعه في الشمال الغربي موجه، أساسا، لسكان المنطقة والزائرين الجزائريين، وقطب ترفيهي يتمحور حول الطبيعة واستغلال الموارد البيئية وقطب ساحلي يثمن انفتاح طبرقة على البحر، واخيرا قطب مركزي عمراني. واعتبر ان ولاية جندوبة، رغم ثراء تاريخها ومواردها الطبيعية من اكثر الجهات هشاشة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في تونس اذ تعيش منذ عقود حالة "عجز تنموي"، تجلى في ارتفاع نسب البطالة وهجرة الشباب المتعلم وضعف البنية التحتية وغياب الاستثمارات المهيكلة، وهو ما جعلها "تتأخر في اغلب مؤشرات التنموية مقارنة ببقية الولايات". واشار الى ان فكرة المشروع انطلقت، عندما قررت نخبة من ابناء الجهة اخذ زمام المبادرة وتأسيس جمعية حملت اسم "استثمار تنمية جندوبة 2050 "بهدف تشخيص واقع الجهة وتحديد اسباب تعّطل التنمية بها. وفي 2019 تأسست شركة خاصة لتطوير المشروع، "هيفاء للتنمية والاستثمار"، تكوّنت من 43 مساهما من أبناء جندوبة، بهدف إدارة المشروع باحترافية وشفافية واستقطاب الشركاء الاستراتيجيين، والاشراف على مراحل تنفيذه. وتابع "منذ ذلك الحين تولت الهيئة التونسية للاستثمار مرافقة المشروع وتيسير التواصل مع الوزارات والهياكل المعنية وفي جوان 2019 صنف "ساحل المرجان" مشروعا ذا اهمية وطنية من قبل المجلس الاعلى للاستثمار في اعتراف رسمي باهميته". ورصدت الدراسات، التي اجريت لتشخيص الوضع بالجهة عددًا من العوامل أهمها الارتهان لاقتصاد فلاحي هّش وغياب تنوع الانشطة الاقتصادية، و قلة الاستثمارات الخاصة والاجنبية و غياب المشاريع الكبرى، إضافة إلى مناخ إداري غير مشجع للمستثمرين فضلا عن محدودية الجهود العمومية السابقة و عدم اندراجها ضمن رؤية شاملة ومندمجة. وتابع الدريسي القول "انطلاقا من هذا التشخيص وبالانسجام مع مخّطط التنمية والتهيئة لولاية جندوبة، وّجهت الجمعية أنظارها نحو قطاع السياحة والخدمات، اعتمادًا على ما تزخر به المنطقة من إمكانات هامة وجاذبة للاستثمارات على غرار الشريط الساحلي البكر والغابات والجبال والموارد الطبيعية والثقافية والتاريخية المتنّوعة وغير المستغلة بالشكل المطلوب". واضاف "عقدنا اجتماعات عديدة مع الهيئة العليا للاستثمار بحضور ممثلين عن الوزارات المتدخلة كما قدمنا استشارة قانونية على مستوى رئاسة الحكومة ومصلحة الشؤون العقارية بوزارة الفلاحة تم على اثرها الاقرار بان العقار المزمع تخصيصه لاقامة المشروع هو على ملك الدولة الخاص وبالتالي فلا مانع في التفويت فيه لصالح المشروع". ولفت الرديسي الى ان "القانون ينص على انه اذا لم يتم انجاز المشروع خلال ثلاث سنوات يقع التمديد بسنتين اضافيتين تسترجع الدولة عند انقضائها عقارها في حال عدم انجاز المشروع"، مضيفا "ان الدولة طالبت بمدها برسائل تترجم نوايا المستثمرين وهو ماقمنا به ونحن حاليا بانتظار الرد، الذي يبدو انه لن يتاخر اكثر". واختتم بالقول "اضافة الى قيمته الاقتصادية يحمل المشروع بعدا رمزيا اذ يعكس قدرة جهة، لطالما عانت التهميش، على تشخيص مشاكلها وصياغة الحلول وجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية الشاملة".