نشرت صحيفة (لوموند) الفرنسية تقريرا يستند إلى وثيقة مسرّبة من التحقيق مع علي السرياطي مدير الحرس الرئاسيّ للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وتتضمن إفادات على لسان السرياطي نفسه. وجاء في الوثيقة الجديدة التي اعتبرتها جريدة لوموند حصريّة وترجمتها مجلة ايلاف الالكترونية أن من النقاط المثيرة التي جاءت على لسان الرجل الغامض المقرب من زين العابدين، الجنرال علي السرياطي أنّ رأس النظام التونسي المنهار لم ينتبه لخطورة الأحداث التي حصلت في تونس منذ انطلاقها، وأنّ الحرس الرئاسي لم يكن له أي دور في قمع الانتفاضة التي شهدتها تونس فالملفّ الأمني لم يكن موكلا لعلي السرياطي ورجالاته بل انه اكتفى بدور التنسيق. وغابت أهمية وخطورة تلك الأحداث عن السرياطي ذاته بحسب إفاداته، إذ يكشف أنه رافق الرئيس المخلوع و العديد من أفراد عائلته في رحلة استجمام إلى دبي بين 23 و 28 ديسمبر من العام الماضي، أي في خضمّ الاحتجاجات الشعبية التي انتهت بالإطاحة ببن علي. وتمضي الصحيفة قائلة إنّ ما نبه الحرس الرئاسي وبن علي إلى خطورة الأحداث التي تشهدها تونس هو وزير الداخلية السابق المعتقل حاليا. وبحسب صحيفة (لوموند) كان علي السرياطي نقطة وصل رئيسية - حسب شهادته- بين الرئيس السابق زين العابدين بن علي و بقية الأجهزة الأمنية. ومن ذلك انه كان مشرفا بشكل شخصيّ على عملية استيراد كميات من قنابل الغاز المسيل للدموع الذي استعمل بكثافة خلال الثورة التونسية لقمع المحتجين. ويقول علي السرياطي إنه بعد انتباههم لنفاذ احتياطي القنابل المسيلة للدموع اتصل بنفسه بشخصيات أمنية ليبيّة أمّنوا له يوم 14 يناير وصول 1500 قنبلة مُدمعة. كما تم تأمين 15 ألف قنبلة من قبل الجانب الفرنسي وكان من المفترض أن تصل يوم 15 يناير. ومما قاله السرياطي أيضا بحسب الوثيقة المسربة من التحقيق معه أن صهر الرئيس المخلوع مروان المبروك كان حلقة وصل بين بن علي و الحكومة الفرنسية, حيث اتصل مروان المبروك بعلي السرياطي صباح الثالث عشر من يناير ليعلمه أن المستشار الأمني للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي برنار سكاورسيني أخبره بأن انقلابا بصدد الإعداد في تونس، وأنه اعلم زين العابدين بذلك. وتؤكد صحيفة لوموند إنها اتصلت بمستشار ساركوزي لمزيد التدقيق لكنه نفى تلك المعلومة. وبحسب الصحيفة أعلم السرياطي الرئيس بن علي صباح الجمعة 14 جاتفي بأن عدد القتلى ارتفع إلى 28 شخصا يوم الخميس فقط و أن ثمانية منهم في العاصمة بينهم ستة في ضاحية "الكرم" المحاذية للقصر الرئاسي الذي يقع في ضاحية قرطاج بالعاصمة. و حذر السرياطي رئيسه بأن جنازة القتلى التي ستنطلق اثر صلاة الجمعة ستشكل تهديدا امنيا خطيرا لبن علي. وبحسب السرياطي دائما، أوصى بن علي بضرورة التعتيم الإعلامي على عدد القتلى ودفع مبلغ 5 ألاف دينار تونسي لكل عائلة وسلمه عن طريق محافظ ولاية تونس (الوالي) مبلغ 40 ألف دينار لذلك الغرض. ومن المعلومات التي يكشفها كذلك علي السرياطي الدور المشبوه الذي لعبه الأمين العام لخزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم آنذاك محمد الغرياني الأمين العام للحزب الحاكم (خزب بن علي) اقترح على السرياطي الزج بعناصر الحزب في المواجهة ضدّ المحتجين في شارع الحبيب بورقيبة يوم الجمعة أي يوم فرار بن علي. وكان محمد الغرياني بحسب صحيفة لوموند وإفادات السرياطي مستعدا للدفع ب600 "تجمعي" كانوا متواجدين في مقر الحزب الحاكم القريب من شارع الحبيب بورقيبة ويبدو أن الغاية كانت الاشتباك مع حشود المتظاهرين أمام وزارة الداخلية . السرياطي من جهته رفض اقتراح محمد الغرياني وأشار عليه بإبقاء عناصر "التجمع" في المقر للدفاع عنه، عوض النزول إلى الشارع ومواجهة حشود تفوق عددهم.