"ما ضاع حق ورائه مطالب" هذا ما يقوله كل أفراد الشعب التونسي بمختلف توجهاته حين يذكرون موضوع أموالهم التي هربها الرئيس المخلوع وعائلته إلى الخارج خاصة إلى البنوك السويسرية باعتبارها أكثر البنوك أمنا وسرية في التعاملات ويأملون أن يتحقق حلمهم في استعادة تلك الأموال وسنوات شقائهم التي عبث بها الدكتاتور كما أراد. وقد عملت الحكومة المؤقتة إلى جانب عديد المنظمات والجمعيات المتخصصة على مساعدة التونسيين في جلب هذه الأموال والأصول التي قدرت بثلاث وعشرين مليار دولار وهو مبلغ يفوق الميزانية الوطنية والتي تقدر ب19 مليار دولار مما يوضح القيم البالية من جشع وطمع ونهب وسلب لمن كان يحكم البلاد التونسية بالحديد والنار. وقد قدمت تونس إلى سويسرا ولغيرها من الدول قائمة تضم 48 شخصا متهما بالفساد وعلى رأسهم زين العابدين مرفقة بوثائق تبرهن على عمليات السرقة الممنهجة التي اعتمدها النظام السابق ضد الشعب ولكن رد السلطات السويسرية كان غريبا ومقلقا للغاية فالحكومة السويسرية تبعا لتقارير بنكية نفت أن يكون المبلغ بمليارات الدولارات بل هو اقل من ذلك بكثير إذ لا تتجاوز الثروة التي قررت البنوك تجميدها مبلغ 60 مليون فرنك سويسري أي ما يعادل 90 مليون اورو وهو مبلغ بعيد جدا عن التقديرات التونسية. هذا الفارق الشاسع بين المبلغين بعود حسب السيد سامي الرمادي رئيس الجمعية التونسية للشفافية المالية إلى أن البنوك السويسرية تتبع أسلوب المراوغة فهي لم تجمد سوى الأموال الظاهرة للحسابات الفردية بينما اغلب الأموال موضوعة في ما يعرف بحسابات المشفرة أو في الشركات الواجهة وهي لم تجمد لحد الآن. وللأسف تتعلل البنوك السويسرية في رفض تجميد الأموال المذكورة بتخوفها من تراجع ثقة الزبائن بتلك البنوك وبتعاملاتها السرية مما يطرح عديد التساؤلات حول التجاوزات الخطيرة التي تقوم بها بنوك سويسرا ودورها في تبييض الأموال ومشاركتها في سرقة ثروات الشعوب وتواطئها مع الحكام الفاسدين وهو ما يتعارض مع العهود والمواثيق الدولية التي أبرمتها سويسرا مؤخرا خاصة معاهدة الأممالمتحدة لمكافحة الفساد في 2009. لا يبقى أمام التونسيين حسب كثير من القانونيين والمختصين سوى رفع قضية في المحاكم السويسرية ضد المخلوع وحتى ضد البنوك بتهمة غسيل وتبييض الأموال وذلك للتمكن من معرفة الحسابات والتعاملات السرية بفعل أمر قضائي قادر على إرجاع الحقوق لأصحابها ورغم أن طريق المحاكم طويل إلا أن التونسيون قادرون على السير فيه إلى الآخر فما ضاع حق ورائه مطالب .