بعيدا عن الحرائق السياسية التي تعرفها البلاد التونسية هذه الأيام تشهد بعض المناطق الغابية في بعض الولايات التونسية حرائق حقيقية فبعد حرائق باجة التي التهمت آلاف الهكتارات من القمح والشعير بدأنا نشهد حرائق هائلة تجتاح بعض غابات ولاية نابل وبالتحديد في غابة دار شيشو بحمام الأغزاز حرائق استمرت 3 أيام والتهمت قرابة 200 هكتار من أشجار الصنوبر وقد شاركت في إطفائها الحماية المدنية وطائرات عمودية عسكرية كذلك شهدت بعض الغابات في ولاية بنزرت حرائق لم تكن بالحجم الكبير ولكنها كانت خطيرة لقربها من بعض المناطق الحساسة كشركة تكرير النفط وبعض القواعد العسكرية لكن المجهودات المكثفة من قبل السلطات المختصة مكنت من إخماد الحريق بسرعة. ولسائل أن يسأل عن سبب هذه الموجة من الحرائق الجواب الفوري سيكون بأن ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام هو السبب الوحيد والمباشر فنحن لم نشهد صيفا بمثل هذه الحرارة لسنوات طويلة كما أن الحرائق كانت تحصل في السابق غير أن وسائل الإعلام النوفمبرية كانت تخفي الحقيقة إتباعا لسياسة التعتيم الإعلامي. هذا الجواب وإن كان فيه كثير من الصحة لا ينفي وجود فرضية هي الأقرب للصحة حسب كثير من المتابعين الذين يلمحون إلى أن الحرائق مفتعلة لأسباب مختلفة فكما أن وراء حرائق باجة أيادي خفية تريد ابتزاز الفلاحين من أجل المال فإن حرائق غابات ولاية نابل ليست اعتباطية وهو ما أكده شهود عيان قالوا بأن الحرائق بفعل فاعل وأن الغاية منها إيجاد مناطق مفتوحة تمكن البعض من بناء مساكن إذ سبق وأن تم قطع العديد من الأشجار وإنجاز عدة بناءات قريبة من الشاطئ وأن الحرائق في تلك المنطقة هي الثانية على التوالي طبعا كل ذلك يبقى تخمينات إلى حين كشف السلطات للحقيقة كاملة. حرائق الغابات هي من الكوارث الطبيعية الخطيرة التي هددت حياة شعوب بأكملها فكلنا نتذكر حرائق غابات إسبانيا واليونان المريعة والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء ولا نريد أن يحصل ذلك في بلادنا لأي سبب كان. إن حس المواطنة الحقيقية يفترض أن يكون المواطن مسؤولا وأن يمنع مثل هذه الحوادث إن كانت بالفعل مفتعلة فقوات الأمن والجيش وحتى حراس الغابات لا يستطيعون بمفردهم إيقاف هذه الجرائم التي تهدد المحيط وتضر بالبيئة وبالتالي تهدد حياة وصحة المواطن.