تتضارب روايات وفرضيات بشأن ملابسات مقتل قائد قوات المعارضة الليبية اللواء عبد الفتاح يونس يوم الخميس الماضي ومنفذي عملية الاغتيال ودوافعهم. وقال وزير النفط بحكومة المعارضة الليبية علي الترهوني يوم الجمعة إن يونس قتل برصاص مقاتلين أرسلوا لإحضاره من خط جبهة القتال قرب مدينة البريقة وأنه تم العثور على جثته مصابة بالرصاص ومحترقة جزئيا في مزرعة قريبة من بنغازي. وأفاد أنه جرى اعتقال قائد ميليشيا كان تلقى أوامر بإحضار يونس وهو اعترف بأن جنوده قتلوا يونس. ولا يزال الجناة الذين أطلقوا الرصاص مطلقي السراح، مما يثير تساؤلات عن حدوث انقسامات وغياب الالتزام داخل صفوف المعارضة. وهنا يجب القول إن يونس كان طوال أكثر من أربعة عقود ضمن الدائرة المقربة من القذافي منذ انقلاب العام 1969 الذي أتى بالقذافي إلى السلطة وكان وزيرا للداخلية قبل أن ينضم للمعارضة في شباط (فبراير) الماضي. ولم يشعر الكثير من مقاتلي المعارضة بالارتياح للقتال تحت امرة رجل كان قريبا جدا من القذافي لمدة 41 عاما. وقالت مصادر في المعارضة إنه تم استدعاء يونس للاشتباه بأنه أو أسرته على اتصال بالقذافي سرا. ويرتاب البعض بأن قادة المعارضة أمروا بإعدامه بتهمة الخيانة بينما يعتقد كثيرون أنه قتل على أيدي أنصار القذافي الذين تسللوا وسط صفوف المعارضة ويلمح البعض الآخر إلى أن مجموعة منشقة من المعارضة تصرفت بشكل منفرد. ويقول مقاتلو المعارضة إن أفرادا في كتيبة "شهداء 17 فبراير" التي تخوض معارك على جبهة القتال وتساعد في فرض الأمن في الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة احضروا يونس من جبهة القتال قرب بلدة البريقة يوم الخميس. ولكن الترهوني يعتقد أن ميليشيا أخرى تحمل اسم كتيبة "عبيدة ابن الجراح" هي التي تقف وراء اغتيال يونس. يذكر أن هذه الكتيبة تتكون بصفة أساسية من مسجونين سابقين في سجن "أبو سليم" سيء السمعة في العاصمة طرابلس وأنهم لا يثقون بيونس. ومن المحتمل أن تكون للميليشيا ميول إسلامية. وقال أحد قادة المعارضة لرويترز طلب عدم نشر اسمه إن الإسلاميين الذين استهدفهم يونس حين كان وزيرا للداخلية في نظام القذافي ربما قتلوه بدافع الانتقام. وأضاف: "بعض هؤلاء الإسلاميين يقاتلون مع المعارضة ودائما ما رفضوا القتال تحت قيادة يونس وكانوا ينظرون إليه بريبة باستمرار. لا أعتقد أن التحقيق سيقود إلى شيء، إذ لا يمكنهم المساس بالإسلاميين." أما الحكومة الليبية فقال قال المتحدث باسمها، موسى إبراهيم، إن عملية اغتيال يونس تعتبر صفعة للبريطانيين، لأن المجلس الانتقالي الذي اعترفوا به لا يتمكن حتى من حماية قائد جيشه." وأشار إبراهيم إلى أن تنظيم "القاعدة" هو الذي قتل اللواء يونس، مؤكدا أن التنظيم يمثل أقوى فصيل في حركة المعارضة. وأضاف: "لقد كان هدف تنظيم "القاعدة" بهذا العمل تأكيد وجوده والنفوذ الذي يتمتع به في المنطقة الشرقية." وقال: "إن أعضاء المجلس الانتقالي يعرفون ذلك جيدا، ولكنهم لم يتمكنوا من الرد لأنهم يخافون من القاعدة." وفي هذه الأثناء مارست الولاياتالمتحدة ضغطا على قادة المعارضة الليبية لكي يتجنبوا حدوث أي شرخ في صفوفهم بعد مقتل قائدها العسكري في ظروف غامضة مما أثار مخاوف من شبح اندلاع صراع داخلي بين الثوار الساعين للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر إن ظروف مصرع عبد الفتاح تظل غامضة، واصفا إياها بأنها تمثل "تحدياً" للمجلس الوطني الانتقالي. وأضاف أن الدبلوماسيين الأميركيين في الجزء الشرقي من ليبيا يحاولون تحديد الكيفية التي تم بها قتل يونس. واستطرد قائلا إن الاغتيال يسلط الضوء على التحديات التي تواجه المجلس الانتقالي في سعيه لقيادة تحول ديمقراطي في نهاية المطاف في ليبيا. وناشد تونر الثوار ضرورة تركيز جهودهم الآن على "تعزيز الوحدة داخل صفوفهم".