أبو مازن ألا اقتربتَ يا صاح، فأحدّثك على جهاد النّكاح، كلمتان جمعتا بخسّة فلا تهنأ ولا ترتاح، وهو ابتداع تونسي خالص لم يأت به السيّاح ، ترك فيه الجهاد السّيف والقوس والرّماح، وراح يبحث عن مريم و سيرين و ليلى وسماح. و لقد نقبت في كتب السّلف عن مرادف ألقاه فأرتاح، فلم أجد له أصلا ولا فصلا لما راج في الصّحف و الألواح، فعجبت لأمر قوم يكذبون ليلا ثم يصدّقون أنفسهم في الصّباح، وأيقنت أن الأمر مكيدة ومدعاة لحصد الأرواح. كيف يجمعون بين باب الجهاد وحمل السّلاح، وقد أنزلت في شأنه آيات نقرؤها بين غدوّ ورواح، ونكاح رادفه العرب زواجا و أفراح، و فهمناه دناءة و وضاعة بين غانية و راح. قد يعمد المنافق لعمل مشين كهذا فيحسبه مباح، فيركن لأخته المسلمة وينزع عنها الوشاح، و يغدر بها و يقضي لجنبها الليالي الملاح، وقد استباح الدماء من قبل فقتل واغتال فكان السّفاح، ولكن أن يصير الأمر أصلا ومنهجا يستباح، فهذا من وسوسة شياطين الإلحاد و فكر "الكفاح". دع عنك تلك الخرافة فلسنا حديثي عهد بالإسلام الوضّاح، ولن تنفع أراجيف اليسار و زواج المتعة لن يباح، فلا يجمع بين الرجل والمرأة إلا عقد معلوم الشهود ومهر متاح، ولينصرف على حدّ السّواء العامل والموظف والفلاح، إلى ما ينفع الناس ويتركوا الصخب والهرج و الصياح، فحرب الإشاعة خربت اقتصادنا و بقينا مشدوهين بين مدّاح ونوّاح، لا نعلم أخير أصابنا عندما ثرنا فعجل الله السّراح، وفرّ مخلوعنا وقد ترك وراءه السّارق و المتمعّش و المرتشي و القاتل السّفاح، ثم نثرنا حبوب الثورة فكان اللقاح، فأينعت زهور في ارض العروبة وانتظرنا الأرباح، ولكن بني النضير و قريضة و قينقاع لن يتركوننا نهنأ ونرتاح، بل يعمدون إلى ثورتنا فنخرّبها بأيدينا في نقاشات الهويّة و ما لا يستلزم الإيضاح، ويأكل المغتصب هنيئا مريئا ثمر فلسطين من قوارص وأعناب وتفاح. لتعلم يا صاح، أن الخبيث الذي جمع الجهاد بالنّكاح، قد اختار طريق التشكيك في دينك فينهار و يطاح، فالجهاد قائم ما دام المستعمر رابضا في أوطاننا يزرع الأتراح، فترخص النفس في سبيل ارض تستباح، و تضرج بالدماء فتستيقظ الهمم ويعلن الكفاح، وهذه نسوة يستصرخون أهل النّخوة فمن يسمعهم يا صاح، و هؤلاء أطفال أعمل المغتصب فيهم القتل و الأسر فأضحوا مكسوري الجناح، أحريّ بنا أن ننصفهم أم نستمع لهذا العواء والنّباح، إنّها حرب ثقافية تعصف بالعالم كالرّياح، فتكتسحه في برّه وبحره وجوّه أيّما اكتساح، و تجنّد لها "لوبيات" و توابع من بني جلدتنا محسن و سمير وعكرمة و صلاح، والله غالب على أمره فلا ترتعب واعمل حتى تنال النّجاح.