بقلم / منجي باكير الأمر لا يستدعي تضلّعا في ميدان التحليل السياسي و لا يتطلّب مجهودا مضاعفا من كلّ من يتابع خطوات المشهد السياسي – المتعثّر / الموَجَّه – عندنا في تونس ،،، فبعد كثير من حلقات مسلسل الإتهامات و تجنيد – الصّنّاع – من طرف أقطاب الصّراع السّياسي / المصلحي لاحتراف السبّ و الشّتم و نشر الغسيل على منابر الإعلام و بعد السّفرات المكوكيّة خارج حدود الوطن لاستجلاء معالم المراحل اللاّحقة و أخْذ – الأمر اليومي – سواء من فرنسا الحنينة مباشرة أو من وكيلها العام في الجزائر ،،، فإنّنا نلحظ بل نرى رأي العين التقارب الواضح و الغزل المبطّن بين الشيخ راشد الغنوشي و الباجي قائد السّبسي و ما يرافقه من إمساك جليّ عن ملامسة خطوط التماسّ بين النهضة و النّداء ، و غياب ما تعوّدناه من نفاق الغيرة على الوطن و الشّعب الذي يتبارى كلّ منها في نسبته إليه ( شعبنا ).. على فكرة شعبنا هذه التي صارت علكة في أفواه كثير ممّن قذفوا بأنفسهم في معترك السّياسة أو جاءت بهم رياح الإنتخابات الفارطة ، بل صارت كلمة السرّ لإملاء غاياتهم و مصالحهم و أطماعهم و نسبتها اغتصابا إلى عمق الشّعب التونسي كما صارت مغتسلا يُلجأ إليه لتبييض الماضي الأسود أو استباحة الشّعبيّة. قلنا إذا بات هاجس التقارب قويّا بين القطبين البارزين برغم تباين مرجعيتيهما و تضادّ رؤيتهما للواقع و المستقبل ، تقارب تفرضه مطابخ السياسة خارج الحدود و تمليه المصالح الخارجيّة بعيدا عن ما يستوجبه حال الوطن و الشعب التونسي ، مصالح و أجندات لا همّ لها إلاّ تجاوز كلّ اختلاف يضرّ بها رأسا و يبعثر أوراقها و يضع مفاتيح تحكّمها التقليدي في دوائر الخطر ، و تقارب يستدعي مقايضات و تنازلات تحت الطّاولة على مكتسبات و استحقاقات ما بعد الثورة و التي هي في الأصل حقوق الشّعب ، لكنّها باتت في حكم – المُختطف – سواء اتّخذت طابع الفعل الحكومي أو مناورة المعارضة ، فهي قد أصبحت سلاحا بيد القطبين في معركتهما لإثبات الوجود و التسلّق إلى السلطة و إحكام السيطرة على منافذ القرار في غياب المعني الأصلي و صاحب الحقّ الذي اكتفى بمصارعة غلاء المعيشة و التخبّط في معالجة الآثار السّلبيّة التي نتجت عن الثورة و في أحسن الحالات أصبح يتابع ( شأنه) على الشّاشات و في المواقع و الصّحف كيف تتقاذفه الرّعْونة السياسيّة و الأطماع الشّخصيّة و الحزبيّة ليبقى خارج التغطية غائبا عن الفعل ..