أبو مازن لو كان بيننا سيسي، لكنّا الحمقى الذين انطلت عليهم الاعيبه حين تُرك قائدا للجيش ينظم صفوفه ويحشد للانقلاب. كان ذلك سيسي الطيب قائد الاركان و وزير الدفاع، المتذبّل للرئيس المنتخب المعزول، و المحاذي له في الاجتماعات و في صفوف الصلاة. ولكنّ للسيسي دعائم داخلية في الجيش والداخلية و المجتمع المدني و دعم خارجي اقتصادي و لوجستي وفقا لأجندات عديدة ابرزها اقتلاع المقاومة من القطاع. انّ السيناريو الحاصل كان مخططا له بحذافيره و مواقيته فتؤخذ مصر "ام الدنيا" على حين غرة في فتنة سياسية تهيئ للانقسامات الطائفية و ظهور مسلسلات الارهاب، يلي ذلك تطهير للنفس الديني بمفهومه الحديث و للديموقراطية ككل فتسحق كل الاصوات المعارضة و تعود دولة التعذيب والتنكيل والقتل، وما أحكام الاعدام التي قضتها محاكم المنيا مؤخرا لأكبر دليل على ما أقول. هذا هو المستنقع المصري الذي تلوّث ماؤه لما ولغ فيه السيسي و طائفته بخبثهم و صفاقتهم، وهذا هو حال أرض الفراعنة العظام الذين أبهروا في الهندسة والمعمار، و حال بلاد صلاح الدين فاتح القدس الشريف و قاهر الصلبيين، وحال أرض الكنانة التي أنتجت رجالا ونساء عظاما في التاريخ والادب والعلم بصفة عامة فنورت أرض العرب والاسلام حتى أمد قريب. لقد أضحت دولة بدون روح و هي تترنح بين المحاكم و الاضرابات والمسيرات الليلية، وتعاني انهيارا تامّا للاقتصاد رغم الاموال المتدفقة من الشرق. انتهت مصر أرض الآثار و منتجع الزوار الذين لا يكادون يغادرون المطار حتى يقدم غيرهم من عديد البلدان والامصار. تبدو مصر ام الدنيا جريحة متهاوية مقبلة على سنين تيْه كما عوقب اليهود عندما عصوا نبيهم فتعمّ الفوضى و تتشكل الطوائف و العصابات وتصبح صومالا جديدا يرأسه سيسي ليواري سوأة الغرب و الصهاينة التي ارتكبوها في حق ديموقراطية ناشئة. كلما نسمع عن حال مصر و نتابع مقدار اللغط التي يثار حولها نحمد الله عن فقداننا سيسي تونس الذي ارتقبه العديد ولكنه لم يظهر. نحمد الله عن حوار أعرج غير متكافئ انطلق بعد عديد الهزات الاجتماعية و توظيف للشارع ولكنه نجح الى حدّ ما في حقن الدماء وانتفاء فتنة لا تبقي ولا تذر. نحمد الله على شعب مسالم بطبعه يختلف الى ابعد الحدود ولكنه متحد وقت الجد ولو أتوا بأسياس و أسياس. انّ أرض الخضراء طيبة لا تنتج الا طيبا و قد تهب في بعض الاحيان ريح فينبت بذرا خبيثا في أرضها وتطرح علقما او حنظلا و لكنه سرعان ما يقتلع فتنشف جذوره و تبدد بذوره. ان المقومات التي توفرت لترشيح السيسي لقيادة مرحلة جديدة للعمالة والاستكانة للشرق الاوسط لم تتوفر في تونس مهد الثورة رغم السعي الحثيث لبعض ابناء البلد و لداعمهم الخارجي. لقد سلم الله هذه الارض بعد ان استحسن الجميع الموديل التونسي وعاينوا حفظ مصالحهم وتيقنوا من وأد الامتداد الجغرافي للربيع العربي.