بقلم: شكري بن عيسى (*) كان يعلم منذ 31 مارس 2014 انه سيُقتل غدرا، قالها تحديدا على الساعة الحادية عشر و59 دقيقة على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي "فايس بوك ": "والله نعرف باش تتم تصفية متاعي اما نعرف عندي رجال اما نخاف على عايلتي وصغاري" قبل ان يوجه بعد دقيقة فقط دعوته الى احد اصدقائه زياد (صحفي) طالبا منه: "أفضح يا زياد" مستدركا أمرا واحدا فقط: "اما نحبكم تقفوا معايا".. لم يمض سوى شهران على إعلان أنيس وجود عصابة تدليس للعقود في الإدارة المركزية للملكية العقارية للاستيلاء على عقارات بنابل يقودها ابن شقيق المخلوع، حتى علمنا أمر التصفية الجسدية تم تنفيذه بعدة طعنات بآلة حادة من "مجهول" امام منزله بالمروج قبل ان يلفظ أنفاسه وينتقل الى جوار خالقه.. أنيس المغدور ترك وراءه أرملة في مقتبل العمر وابنين صغيرين وعائلة في حرقة، ولكن ترك لغزا كبيرا حول عملية اغتياله التي توقعها قبل موته وأشار الى قاتليه بالبنان.. الثابت ان "عصابة تدليس العقود العقارية" التي أشار إليها أنيس بصوت عال لم يقع تفكيكها ولم يقع التحري بشأنها، ويبدو ان نداءه عبر تدوينته منذ قرابة الشهران لكاتب الدولة للشؤون العقارية بقي دون صدى، ولم تروّج لها وسائل الاعلام الغارقة في التجاذب السياسية والمنفذة للأجندات الأيديولوجية على حساب قضايا الفساد. لا نعلم حقيقة مدى ارتباط موت أنيس الإجرامي بتنديده بوجود فساد بإدارة الملكية العقارية، ولكن الفقيد عُرِف بدماثة أخلاقه واستقامته ونزاهته بين زملائه وأصدقائه واجواره، واليوم كانت التعازي على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي بالمئات، والكل على الفايسبوك على امتداد ساعات اليوم تبنى القضية في هذه الواقعة الأليمة ولكن أساسا في القضية والمبدأ الذين استبسل أنيس في الدفاع عنهما. في كل الحالات أنيس لم يكن له من هاجس والتزام سوى مكافحة الفساد وفضح وكشف شبكاتهم في مجال دقيق وحساس متعلق بملك الدولة العام والخاص الذي نهبته أيادي الأجرام على امتداد عشرات السنين، ولا تزال الشبكات حتى بعد الثورة قائمة الذات وتواصل النهب والفساد والإفساد. أنيس لم يطلب عبر وصيته، وهو المتحسس والمتوجس على زوجته وأطفاله، لم يطلب سوى ان يقف معه الشعب، بعد ان تأكد من أمر تصفيته. وما دمنا قصرنا كلنا في حمايته حيا وكشف شبكات الفساد القائمة، فالوفاء لروحه يستوجب من الشرفاء الدفاع عن إقامة العدالة على قتلته والأهم هم ردع ومعاقبة الشبكات الفاسدة التي استرجعت عافيتها خاصة بعد الاحكام التبييضية التي استفاد منها رموز الفساد وشرعت واسعا لمنطق الافلات من العقاب. أنيس شهيد الوطن، وكان مستعدا للاستشهاد، بل ومنتظرا له، مناضلا من أجل قضية تهم كل الشعب وشرف الوطن. الاعلام، الغارق في التضليل اليومي أهمل قضيته، فهل من مستجيب لندائه الصارخ!؟؟