أشرف رئيس الحكومة علي العريض اليوم الجمعة 29 مارس 2013 على افتتاح المؤتمر الدولي حول "الانتقال الديمقراطي في العالم العربي، تونس كنموذج" الذي ينظمه مركز دراسة الإسلام والديمقراطية على مدى يومين بحضور عدد من الباحثين والمثقفين وممثلي الاحزاب السياسية والجمعيات وعدد من نواب بالمجلس التأسيسي إضافة إلى ضيوف من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة. وعدّد رئيس الحكومة في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر المكاسب التي حققتها الثورة التونسية قائلا إنها أفرزت حتى الآن قيما تحققت أو هي في طريقها إلى التحقق وهي أهم معبّر عن مسار الانتقال الديمقراطي في تونس والتي في طليعتها كسر حاجز الخوف في الفرد والمجتمع لأنه عندما يسيطر الخوف ويتحول الى ثقافة متحكمة في الافراد وفي المؤسسات وفي الجماعات تنعدم في المجتمع قوى المناعة ويصبح أرضية مناسبة لكل مظاهر الاستبداد والفساد وتستخدم كل الآليات لإضفاء المشروعية عليه. وذكر لعريض أن إعادة التوازن في علاقة الدولة بالمجتمع وتحسين دور الدولة بإعادتها إلى حجمها الطبيعي مقابل نمو المجتمع المدني وتطوير مؤسساته الفاعلة في اتجاه ترسيخ قيم العدل والتعايش ما من شانه أن يقضي على حالة التوجس والحذر التي حكمت علاقة الدولة بالمجتمع منذ الاستقلال.، مبينا أن المجتمعات يمكن أن تشهد حالة من الاستقرار في عهد الديكتاتورية ولكنه استقرار مغشوش استقرار يتحول فيه المواطنون إلى مجرد ذوات باهتة تتنافس في اقتناء المواد الاستهلاكية والبحث عن التموقع بكل الوسائل المشروعة وغير مشرعة. وفيما يتعلق بالمكسب الثالث الذي يتمحور حول "ارتفاع منسوب الحرية وتنظيمها" قال علي العريض إنه عندما تصبح الحرية قيمة راسخة يكون المجتمع قادرا على تطوير آليات الضغط الذاتي بحيث يكون من الممكن تحديد جملة من الضوابط المتوافق عليها وحماية الحرية من الانفلات والاستبداد. أما بخصوص المكسب الرابع وهو "العمل تحت مجهر الضمير الجمعي للتونسيين"، اعتبر رئيس الحكومة انه قد يكون من الضروري في المراحل الاولى للثورة اتخاذ جملة من الاجراءات ذات الطابع الاستعجالي لحماية المسار الثوري وإعطاءه قوة الدفع الضرورية للانطلاق ولكن من الضروري أن تتحول هذه القوة الدافعة إلى قوة ذاتية فيصبح الجميع يعمل تحت مجهر الثورة أو مجهر الوفاء لأهدافها وقيمها وتلك هي الحماية الحقيقية للثورة وتلك هي قوى المناعة الفاعلة التي تمنع منظومة الفساد من إعادة التشكل ومن اعادة السيطرة من جديد. وبالنسبة إلى المكسب الخامس وهو "التداول على المواقع وعلوية القانون" قال رئيس الحكومة إنه من اللافت وجود مجموعة من الناس لا تتصور نفسها خارج مواقع القرار ولا تترك السلطة إلا كما دخلتها، تدخلها عنوة وتخرج منها عنوة ولكن الثورة جعلت هذا الأمر ممتنع الوقوع. واعتبر رئيس الحكومة ان مخاض التأسيس ليس سهلا ولكن تونس قطعت أهم مراحله وتوشك أن تحقق ثمراته السياسية بالتوازي مع استمرار الجهود في اتجاه التنمية والعدالة الاجتماعية ومعالجة مظالم الماضي وهي بدورها أهداف عليا للثورة تزيد القدرة على تحقيقها لكسب الانتقال الديمقراطي.