أكّد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في حوار أدلى به مساء أمس الأحد 25 أوت على القناة التونسية الخاصة "نسمة"، أنّ تونس يبدو كأنه يعيش أزمة ونحن نقدر أنّ هذا الشعب بكفاءاته ورجاله ونساءه قادر على تجاوز الأزمة، موضحا أنّ هناك مفارقة بين من يقول إنّ هناك أزمة ومن يقول إنّه لا توجد أزمة. وقال "إنّ الحقيقة أنّ الاثنين صحيحين في الحقيقة، حيث أنّه عندما تذهب إلى الشواطئ أو المساحات التجارية أو المقاهي أو الأسواق أو النزل لن تجد مكان للحجز مثلا في جربة أو الحمامات أي أننا نرى الناس تعيش حياتها العادية، فتونس عندما تنظر إلى عامة شعبها فإنك تجده يعيش حياة عادية، إذا ففي تونس هناك جزيرة تعيش أزمة وهي ما يمكن أن نسميه "جزيرة السياسيين" وأزمة عدم الثقة بينهم يراد منها أن تنعكس على الوضع العام في البلاد". الأزمة سياسية وليست أمنية ولا اقتصادية واعتبر الغنوشي أنّ الشعب التونسي يرفض الفوضى ويريد أن يعيش حياته، وأنّه مقبل على سنة دراسية يريدها أن لا تكون بيضاء أو سنة اضرابات، قائلا "لا يجب أن نضع ابناءنا في الميزان كي نقايض بهم سياسيا". وتابع رئيس حركة النهضة أنّه لا يقول إنّه لا توجد أزمة لأنّنا في بلاد تعيش مرحلة انتقالية بعد أن عاشت 50 سنة في ظلّ نظام فرديّ "فقد كانت أشبه بثكنة عسكرية يسيرها شخص واحد ثمّ هدمت هذه الثكنة وهرب رئيسها، وخرجنا نحن أحرارا، وهذه الحرية تحتاج إلى وقت كي نتعلم كيف نستخدمها وتحتاج غلى حسن تسيير كذلك وإلى ثقافة كي نحسن استخدام هذه الحرية بمسؤولية". واعتبر الغنوشي أنّ الحرية الآن يستخدمها البعض دون مسؤولية مستشهدا في ذلك بالدعوة إلى عدم خلاص الفواتير والضرائب، قائلا "هذا استخدام غير مشروع وغير منطقي للحرية، وهذا عصيان مدني وطريقة من طرق النضال ضد الدكتاتوريات لا ضد حكومة منتخبة". وشدد الغنوشي على أنّ تونس بخير إذا ترك أبناءها وبناتها "التشيطين وقلة الخير". مضيفا أنّ مشكل تونس الآن ليس مشكل أحزاب وإنّما المشكل هو كيفية إرساء قواعد نظام ديمقراطي وليس مشكل هوية هذا النظام وانما قواعده وكيفية ارسائه كي لا نعود إلى الدكتاتورية والاستبداد. وبالنسبة إلى تقييمه لأداء حكومة لعريض، قال رئيس حركة النهضة إنّه لا يمكن التقييم دون مقاييس فالحكومة حققت إنجازات لكنها لم تحقق نجاحات مطلقة كما أنّها ليست فاشلة في المطلق فالنجاح مسألة نسبية في أيّ حكومة في العالم، ونحن نعيش مرحلة انتقالية النجاح يقاس فيها بهل يمكن أن نصل ببلادنا إلى أن تحقق ديمقراطية حديثة فيها قواعد نظام حديث ويتحقق فيها الحرية والكرامة للجميع وهذا الجزء فيه نجاح نسبي إذ ليس هناك محاكمات سياسية أو صحافة مقموعة ليس فيها زوار آخر الليل. وبالنسبة إلى الأداء الأمني رأى رئيس حركة النهضة أنّه في تحسن والإرهاب في تفكّك، قائلا "باختصار إنّ الخلل اليوم سياسيّ لا اقتصاديا ولا أمنيا وإن كان فيهما مشاكل، فإذا أصلحنا الجانب السياسي بعدم التصارع إلى حد هدم البيت فوق رؤوسنا". مبادرة الاتحاد قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إنّ مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل هي مبادرة ضمن الكثير من المبادرات التي عرضت على الحكومة، وهذه المبادرة تحتوي مقترحين الأول حل الحكومة والثاني الابقاء على المجلس الوطني التأسيسي ونحن قبلنا هذا المقترح، قائلا "بمجرد إعلاننا عن القبول هناك من ذهب إلى أنّ الحكومة ستستقيل مباشرة، فقلنا إنّ الموضوع ليس بهذا الشكل فالحكومة لن تستقيل كي ندخل في حالة فراغ فالقانون المنظم للسلط العمومية يقول إنّه بمجرد استقالة رئيس الحكومة يستدعي المجموعة البرلمانية الأكثر تمثيلية للدخول في إجراءات تكوين حكومة جديدة". وأضاف الغنوشي أنّ النهضة قالت "تعالوا للحوار ثمّ سننظر في حل الحكومة لا أن تحل الحكومة قبل الدخول في حوار، فالحوار هو ما سنتوصل إثره إلى الاتفاق على الشخصية التي سترأس الحكومة القادمة ومن سيشكلها، إذا نحن طالبنا بحكومة انتخابية، وبمجرد تهيئة البلاد للانتخابات يمكن تشكيل هذه الحكومة بعد الانتهاء من الدستور وهيئة الانتخابات عندها نحن مستعدون أن نتخلى لفائدة حكومة وفاقية كي لا يقول أحد إنّ الانتخابات جرت تحت سيطرة حكومة النهضة. وأوضح الغنوشي أنّ حركة النهضة الآن في انتظار إعلان بقية الفرقاء السياسيين بمبادرة الاتحاد، لكنهم لازالوا يتظاهرون ولم يعلنوا إلى حدّ الآن قبولهم بهذه المبادرة وحركة النهضة فقط هي من أعلنت موافقتها على هذه المبادرة. واعتبر الغنوشي أنّ هناك من يدفع البلاد نحو الفوضى بالدعوة إلى إسقاط مؤسسات الدولة والعصيان المدني. قائلا إنّ حركة النهضة تنازلت ولازالت ستتنازل أكثر إن اقتضت المصلحة الوطنية.