مسيرة سياسية مُتقلّبة عرف السيد أحمد نجيب الشابي مسيرة سياسية كبيرة متطورة ومُتقلبة فقد دخل السجن في أواخر الستينات ضمن قضية تنظيم البعث في تونس الا انه سرعان ما اقترب من اليسار الماركسي سوى داخل السجن أو خارجه حيث عاد منتصف السبعينات من باريس مُفاوضا باسم اليسار بعد أن تم إرساله من الجزائر من طرف القوميين للتحاور مع الماركسيين وأصبح زعيما لخط "المراجعون" ضمن الخطوط المُتصارعة ضمن تنظيم العامل التونسي( وريث حركة آفاق الماركسية) وفي نفس الوقت الذي كان فيه التنظيم بداية الثمانينات مجتمعا بإحدى ضيعات جهة الفحص يدرس مستقبله تفاجأ اعضاؤه وعبر صحيفة فرنسية عن نية أحمد نجيب الشابي تأسيس حزب جديد سمي في ما بعد بالتجمع الاشتراكي التقدمي، ورغم انضمام العديد من رموز اليسار للحزب والاعتراف به سنة 1988 الا ان الحزب عرف هزات اقترنت جميعها بشخصية الشابي فغادر الحزب كل من عبدالوهاب معطر و عبدالرؤوف العيادي وسهام بن سدرين وعمر المستيري والتحقت مجموعة الحقيقة وغادرت ثم التحقت وغادرت من جديد، كما عرفت علاقة الشابي بالاسلاميين تطورات عدة فمن موقف عدائي في صفحات مجلة الموقف جسدته أساسا افتتاحية احد الأعداد سنة 85 والتي افتتح بها الشابي حملة على "حركة الاتجاه الاسلامي"، قبل التقارب معهم والتماهي في عديد المطالب سنة 1989 ثم اقترب من السلطة من جديد و التي طلبت منه الابتعاد عن الإسلاميين رغم دفاعه عنهم في محاكمات 1991. الشابي والنظام السابق : بين التآلف والخصام عرف عن السيد نجيب الشابي اقترابه من بن علي إلى حدود آواخر التسعينات وحدث الفراق بسبب ملفات عديدة وتم تحجيم دوره السياسي وتم استثناؤه عديد المرات فجمع أطياف المعارضة الراديكالية واحتضن حزبه عديد التشكيلات الاسلامية ( عناصر من اليسار الاسلامي – اسلاميون مستقلون – بعض المسرحين من النهضة) و اليسارية ( الشيوعيون الديمقراطيون) واستفاد الشابي من هؤلاء في اعادة بريق صحيفة الموقف واعطاء صورة جديدة للحزب الوليد ( الحزب الديمقراطي التقدمي ) وصولا الى النجاح في جمع المعارضة في تحالف 18 أكتوبر الذي يتحمل الشابي مسؤولية تفككه و في ايقاف مسار عمله سنة 2008 وتحول الشابي بفضل ذلك الإرث إلى زعيم للمعارضة في وجه النظام الذي أصبح يتداعى للسقوط رغم قوته الامنية، وتم اتهام الشابي من طرف بعض اليساريين انه مرشح قوى خارجية في انتخابات 2009 والتي اختار الشابي وحزبه مسارا معاكسا لبقية أطياف المعارضة وخياراتها. الشابي يتسرع بعد الثورة ونتائج الانتخابات تربكه لن يستطيع أيّ كان أن ينكر على الشابي دوره في معارضة بن علي بغض النظر عن المسارات و الغايات والأهداف فهو من تزعم و قاد إضرابات الجوع وحُوصر مقر حزبه وصحيفته واتهمه أنصار النظام والسائرين في فلكه من سياسيين وإعلاميين بل و لقبوه ب "نجيب الله" نظرا لتحالفه مع الإسلاميين، ألاّ أن الشابي تسرع في قطف ثمار الثورة قبل نجاحها بيوم واحد معلنا عن خيارات اصلاحية مساء 13 جانفي بل وسارع بالمشاركة في حكومتي الغنوشي الاولى والثانية مُتحديا مشاعر الجماهير في القصبة 1 و القصبة2 بل وقال في برنامج تلفزي في فرانس 24 أنا أحكم وانتم عارضوا، الا انه وبقُدوم السبسي خسر الرهان فتحول من جديد الى البحث عن الزعامة وركب موجة رجال الاعمال والقوى الداعمة من أجل أن يكون مرشحا للرئاسية الا ان نجاح المطالبة بالمجلس التأسيسي خيب آماله وهو ما أكدته تصريحاته منذ شهرين واعتمد النقد اللاذع لخصومه والإسلاميين أساسا وهاجمهم بقوة منتقدا خياراتهم وخاض الانتخابات مُنفردا متوقعا الفوز مُعتمدا أساليب انتقدها جميع المتابعين واستنكرتها الجماهير الشعبية فكانت هزيمته في الانتخابات مُدوية مما جعله يعترف بها و يتخذ موقفا متسرعا ضمن صفوف المعارضة باحثا عن التحالفات من أجل بناء حزب قوي الا انه اكتفى بالتحالف مع حزب آفاق النخبوي والحزب الجمهوري ( محدود شعبيا) الا ان الحزب الجديد بقي يتخبط نخبويا وخسر جزء من عوامل قوته لصالح أطراف أخرى عديدة .
أي مستقبل للحزب الجمهوري وللشابي؟ عرفت البلاد بعد نتائج الانتخابات تجاذبات سياسية كبرى ومحاولات عديدة لاسقاط الحكومة ومحاولة تفكيك الترويكا ورغم موقع الشابي في المعارضة الا انه بقي على هامش الأحداث غم مناداته في بداية جوان الماضي بحكومة انقاذ وطني ورفض المشاركة من جديد في الحكومة رغم التسريبات العديدة عن حوارات قيل أنه قبل في بعضها بمبدأ المشاركة في الحكومة، وفشلت محاولة توحيد الحزب مع المسار العديد من المرات ثم دخل حزب نداء تونس الساحة السياسية وهو الحزب الذي افتك من الشابي وحزبه مساحات كبيرة وحتى تمويلات ودعم جهات في الداخل والخارج، وبدأ الحديث عن تسريبات منذ أيام مفادها حصول صعوبات مالية تواجه الحزب الجمهوري بعد أن نجح السبسي في استقطاب كل أنواع الدعم التي كان الحزب يتمتع به وبدأ الحديث عن خلاف عميق بين الشابي والباجي حول العديد من المسائل الخاصة بالتحالف الذي تم الحديث عنه منذ أسابيع خاصة وان الباجي سارع إلى التصريح بجبهة من طرف واحد وسماها "الاتحاد من أجل تونس" وهو ما أوجد خلافات داخل الجمهوري و تحديدا بين الشابي ومية الجريبي ( والتي اختفت منذ مدة عن الإعلام وعوضها في ذلك كل من عصام الشابي وآياد الدهماني وهما قريبي الشابي). ورغم الحديث عن التحالف بين مكوناته الخمس ( نداء تونس – الجمهوري – العود – الحزب الاشتراكي- المسار) فان طبيعة زعمائه الخمس بالتوالي ( السبسي – الشابي – عبدالرزاق الهمامي - محمد الكيلاني – أحمد ابراهيم) تجعله قابل للتفكك قبل بنائه ميدانيا خاصة وان مربط الفرس هو الترشح للرئاسية القادمة فالسبسي سعى واقعيا الى ترشيح الطيب البكوش وروج له خارجيا وداخليا وهو ما أربك الشابي وقيادة حزبه المفككة اصلا بين جناحين الأول يطالب ببناء حزب قوي بعيدا عن نداء تونس ولما لا المشاركة في الحكومة والثاني ينادي بقيام الجبهة بغض النظر عن المرشح الرئاسي وبغض النظر عن الخطوات في هذا الاتجاه أو ذلك فان مستقبل السيد الشابي السياسي يبقى غامضا وهو الذي لم يتحصل على اي نسبة مرتفعة في اتجاهات التصويت لا كشخص ولا كحزب ولعل الايام القادمة ستُوضح الصورة وموقع زعيم سياسي عُرف بتقلبات كبرى في مسيرته السياسية أما الحزب فمرهون مستقبله بمدى قدرة الشابي على مواجهة التحديات والحفاظ على وحدته وتبقى كل الاحتمالات واردة لزعيم لم يبقى في عمره السياسي الافتراضي الكثير من السنوات وستكون الانتخابات القادمة فرصة لنهاية فريدة يقود فيها البلاد بعد طول مسيرة، أو إعلانا عن توديع السياسة وصعوباتها المُستمرة.