يحتل مشروع إحداث حديقة الصخور بشارع ذاكرة الأرض بتطاوين الذي بقي حبرا على ورق إلى يومنا هذا مكانة هامة لكونه يهدف إلى تنمية التراث الطبيعي الموروث عبر حقبات التاريخ المختلفة بجهة تطاوين وصيانته من الإهمال من ناحية وتوظيفه في تجميل مداخل المدن واستغلاله في مختلف الأنشطة الثقافية والعلمية والتنموية من خلال إعطائه بعدا اقتصاديا في مجال تنويع المنتوج السياحي الصحراوي وبعث المسالك البيئية والأيكولوجية والسياحية بولاية تطاوين من ناحية ثانية. هل حديقة الصخور هي مرآة حقيقية لذاكرة الأرض؟ إن التاريخ الطبيعي بكل محتوياته ومكوناته الجيولوجية والنباتية والحيوية يروي لنا عبر نماذجه المختلفة حلقة من حلقات ذاكرة الأرض وما شهدته من تقلبات وأعاصير وزلازل ويحكي لنا كيف غمرت البحار والمياه العاتية هذه الأرض التي تهيأت لاستقبال البشرية عبر حقبات التاريخ المختلفة وشكلت بذلك ذاكرة الأرض مع ذاكرة الأجيال أهم المكونات الذاتية والشخصية وأصبحت حديقة الصخور في هذا الإطار مرآة حقيقية تعكس كل ما حدث ويحدث عبر العصور للبشرية والطبيعة على حد سواء. وإن تلك الملحمة المتمثلة في ما نسميه اليوم بذاكرة الأرض توحي إلينا باقتباس كل ما هو موجود وممكن من التركيبة الطبيعية لجهتنا لمحاولة إعادة رسم هذه الذاكرة وتجسيم معالمها في عروض جمالية تندرج في سياق المجهود الوطني للعناية بالبيئة والمحافظة على المحيط وتجميل المدن وتهيئة الفضاءات من خلال توظيف التراث الطبيعي والجيولوجي في إحياء الشواهد والمكونات الطبيعية الصخرية منها والنباتية والحفريات والرسوم الصخرية وتقديمها في شكل حديقة جيولوجية معبرة . ما هي أهمّ مكونات وملامح مشروع حديقة الصخور ؟ يمتد مشروع حديقة الصخور بشارع ذاكرة الأرض على المسافة التي تفصل ساحة البيئة التي ينتصب بها تمثال الكرة الأرضية وصولا إلى متحف الديناصورات والمقر الاجتماعي الحالي لجمعية أحباء ذاكرة الأرض بتطاوين. وتشتمل مساحة الحديقة على كامل الفضاء الطبيعي لوادي تطاوين والمنحدرات والجبال المحيطة به والمشرفة على شارع ذاكرة الأرض حيثيقع تصنيف هذه الفضاءات حسب الحقبات الجيولوجية و الطبقات الأرضية بمكوناتها و مشاهدها الحية المتواجدة حول الحديقة. وتجمع الحديقة الصخرية من ناحية أخرى ثلة من المشاهد المصورة في شكل لوحات و كذلك مجموعات مختارة من الصخور و الأحفريات التي سيتم جمعها و عرضها بالحديقة خاصة بالجانب الأيمن على امتداد الوادي الموازي لشارع ذاكرة الأرض. وينتظر أن يتمدرس المكونات الطبيعية للحديقة وإبراز عناصرها حسب تركيبة أفقية و علوية لجيولوجية المكان مع إعادة رسم لوحات مشاهدها السالفة و حسب تدرجها الزمني بحيث تكون هذه الحديقة بمثابة سجل وثائقي حي لذاكرة الأرض و كذلك نموذجا لما يمكن إحداثه في أكثر من مكان و محيط مدني ضمن شبكة شوارع الأرض لمدننا الساحلية و الداخلية على السواء انطلاقا من موروثها الطبيعي. و يندرج إنجاز هذا المشروع في إطار برامج إتمام شبكة المسالك الثقافية السياحية و البيئية و إثرائها حسب خصوصيات ومعطيات كل جهة من مواقع ومعالم و مشاهد من التراث الطبيعي الفني المتنوع. جبال و سهول وأودية و صحاري و براري وقعت دراستها و كشفها قد يتعين علينا الآن كيفية استغلالها وتنميتها و توظيفها كإحداث حدائق جيولوجية و صخرية. ما هي أبعاد وفحوى مشروع إحداث حديقة الصخور ؟ ومن جهة أخرى يرى مسعود يامون نائب رئيس جمعية أحباء ذاكرة الأرض بتطاوين المكلف بالبيئة أن جهة الجنوب و خاصة منطقة تطاوين تزخر بتراث جيولوجي متنوع و متكامل يرجع إلى المكانة البيولوجية التي تحتلها في الحقبة الأولى من الدهر الجيولوجي و حسب السلم الموضوع لذلك, حيث أن كامل الجهة كانت تقع على الضفة الشرقية الجنوبية لبحر التيتيس و شمال القارة الإفريقية القديمة التي تدعى القندوانة. و قد تكونت سلسلة جبال الظاهر و أعالي سهل الجفارة من طبقات رسوبية تعتبر سجلا لقرابة 250 مليون سنة شملت كل الأزمنة من الحقبة الجيولوجية الأولى إلى الحقبة الرابعة و الحالية قد تخللتها تغيرات كثيرة مناخية وعوامل عدة تنشيئية مثل عوامل الترسب اثر عوامل الانجراف و الغمر و تراجع بحر التيتيس كعوامل التصلب و عوامل التصخروالترمل كعوامل الهز و الكسر أي التكتونيك و بعض الزلازل وما ينجر عنها من كسر و عجن و ظغط و خفض و انهيار و التواء و تثنية إلى غير ذلك من ميكانيكية التحركات الجيولوجية و الجيومرفولوجية كذلك تحركات المد و الجزر البحرية غيرت مستويات البحر المحيط و تبعها تغير لمواقع الشريط الساحلي. وإن كل التقلبات المناخية و الحرارية المشفوعة بالحركات الجيولوجية المذكورة خلفت لنا موروث هام من الأحفريات و البصمات التي تعتبر أكبر شاهد على الحياة البحرية و البرية و نوعيتها خلال الأحقاب الجيولوجية و علىالصخورالتيتعتبر ألواحا لسجل وثائقي يروي لنا ذاكرة الأرض و مبدأ هذه الحديقة هوفي الواقععبارة عن شريط مصور وحيّلتلك الذاكرة. ماهي أهم المراحل لإحداث وتجهيز حديقة الصخور؟ ويتضمن مشروع إحداث حديقة الصخور بشارع ذاكرة الأرض بتطاوين ثلاثة مراحل أساسية وهي مرحلة التهيئة ومرحلة الاحداثات ومرحلة التجهيز حيث تتمثل المرحلة الأولى في مسح المكان ووضع خرائط بيانية للفضاءات والمواقع التي ستشملها التهيئة لدراسة المعروضات ووضع أمثلة بيانية للحديقة، وأشغال عامة لتهذيب المكان و إزالة ما به من رواسب وأوحال وعقبات تهيئة الفضاءات والمحطات. ويتم على مستوى الاحداثات تجميع المعروضات من صخور وأحفوريات و لوحات ووضعها في الأماكن المعدة لها حسب الدراسةإلى جانب تجسيم المسلك و إعداد مستلزماته من بيانات و لوحات إعلامية وتوضيحية ثمّ تركيز المنصات المعدة للعروض السمعية البصرية الناطقة للجبل و الصخور لتروي ذاكرة الأرضوإنجازات لمواقع عرض سمعي ضوئي.أما مرحلة التجهيز فتشمل مستلزمات المحطات والمسلك من شبكة مياه ومغروسات وجسور ومقاعد ووحدات ترفيهية و مستلزمات الإنارة إضافة إلى مستلزمات من أجهزة سمعية بصرية للعرض السمعي البصري والضوئي.