نظم قسم التشريع والنزاعات يومي 22 و23 سبتمبر الجاري بولاية القيروان ندوته الاقليمية الثالثة بحضور عدد هام من اعضاء المكتب التنفيذي الوطني، وتحت عنوان «التقاضي في المادة التشريعية نصا وممارسة» ومثلت الندوة فضاء للحوار بين محاضرات الاساتذة وتساؤلات الاخوة النقابيين وكرست هذه الندوة بعد نظر في التطرق للواقع القانوني للشغل وفي هذا الباب قدم القسم رأيه لواقع العلاقات الشغلية ملاحظا ماتتسم به من تحولات عميقة كان لها الاثر البالغ على وضع الشغالين في علاقاتهم بمؤسساتهم ومؤجريهم في ظل منظومة قانونية خاضعة لمتطلبات المرحلة ومتكيفة مع مصالح اصحاب العمل وتوجهات الدولة التي انخرطت في سياسة العولمة من خلال التفويت في المؤسسات وما رافقه من تسريح جماعي للعمال وتوقف حركة التشغيل مما أفرز أشكالا هشة للتشغيل. وبيّن القسم في توطئة خاصة بالندوة التراجعات الحاصلة في عالم الشغل مؤكدا على ان النضال النقابي الواعي كان ولا زال يلعب دورا رئيسيا للحدّ من هذه المخاطر متى توفرت الارادة الصادقة المبنية على الفعل الميداني المدروس والبعيد عن اللغو اللفظي والشعارات ومتى توفرت الشروط الضرورية للحوار الاجتماعي. ومن النقاط التي اثارتها الندوة واكدت عليها توطئة القسم التنقيح الاخير لمجلة الشغل من خلال القانون عدد 18 لسنة 2006 المؤرخ في 2 ماي 2006 المتعلق بدوائر الشغل والذي ألحق ضررا بالمتقاضين من الاجراء. وحول دور المستشارين لدى دوائر الشغل اكدت توطئة القسم على ضرورة تكوين هؤلاء الاستشارين منبهة الى خطورة عدم تطبيق الاحكام الصادرة لفائدة المتقاضين. مثلت هذه التوطئة منطلقا للافكارالرئيسية لهذه الندوة التي افتتحها الاخ عبد السلام جراد الامين العام كما رحب الاخ حسين العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان بالاخوة الحاضرين مذكرا إياهم بالتحديات التي يواجهها الاتحاد في المرحلة القادمة وعرّج على النشاط الجهوي وعلى الهجمة التي تشهدها بعض القطاعات كالتعليم مؤكدا على وحدة الصف النقابي من أجل منع اي تعدي على النقابيين. أهمية قصوى وبيّن الاخ علي بن رمضان الامين العام المساعد المسؤول عن قسم التشريع والنزاعات ما يوليه القسم من اهمية للجانب القانوني في ظل العولمة وما افرزته من ظواهر خطيرة كالخصخصة والشغل الهش وغير القار، مؤكدا اهمية اعطاء المعلومة القانونية مكانتها الحقيقية داخل الاتحاد. وانطلقت الندوة بمداخلة للاستاذ فرج منصور حول تطوّر قانون التقاضي الشغلي اوضح فيها المراحل التي مر بها قانون الشغل التونسي قبل الاستقلال وبعده. وابرز الاستاذ منصور التراجعات التي حصلت بعد تنقيحات سنوات 1994 و1996 و2006 والتي عقدت القضاء الشغلي وابعدت عملية التقاضي عن العمال مبيّنا ان التنقيح الجديد لسنة 2006 جعل عملية التقاضي تطول اكثر واصبحت محاكم الشغل محل اهتمام قضاء مدني بمحاكم الاستئناف وهو ما يمسّ من خصوصية القضاء الشغلي. واعتبر الاستاذ فرج منصور ان تنقيح سنة 2006 عقّد وضعية العمال واصبحت عملية التقاضي اكثر عسرا مؤكدا على ضرورة التمسك بخصوصية القضاء الشغلي بوجود دوائر خاصة ولها اجراءات خاصة ومن المفروض ان تكون لمجلة الشغل خصوصياتها المرتبطة بالعلاقات الشغلية وبطريقة تنظيمها. وهنا تدخل الاخ علي بن رمضان ليبيّن ان تنقيح 2006 تم بشكل احادي الجانب من طرف وزارة العدل وقد راسل الاتحاد سلطة الاشراف موضحا لها خطورة هذا الاجراءوأكدت التدخلات ان عملية التقاضي اضحت معقدة للغاية واعتبر الاخوة النقابيون ان قانون 2006 مسّ من الامن الاجتماعي وجعل القضايا الشغلية بلا قيمة في حين انه يفترض ان تكون المادة الشغلية مادة تفاوضية وتعايش بين طرفين ولا يجب ان تكون هناك ارادة اقوى لفرض قانون على احد الطرفين. وتم التصريح على طول مدة التقاضي وما يفرزه من عدم حصول العمال على حقوقهم المادية مما يثقل كاهلهم المادي والمعنوي. وقدم الاستاذ نورالدين العسيلي مداخلة حول اجراءات الدعوى الشغلية مبينا الاجراءات المكبلة التي تواجه العمال عند التقاضي في نزاعات شغلية. من جهته اوضح الاستاذ محمد صالح التومي وجود صعوبات في تنفيذ الاحكام مبينا ان 80 من الاحكام لا تنفذ من بينها 70 خاصة بالعمال وهي مسألة غريبة حسب المحاضر باعتبار ان القضايا العمالية هي مطالب معيشية ويجب ان تنفذ للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي. وأقر بوجود اجراءات معقدة تواجه العمال للحصول على حقوقهم وأعتبر الاستاذ الهادي الشماني وجود اجراءات تنفيذية تعجيزية بحق العمال داعيا الى ضررة حماية ديون العمال عند غلق مؤسستهم مؤكدا على ضرورة ان يتم تنقيح القوانين حتى تصبح مستحقات العمال اولوية الاولويات. وبيّن الاستاذ محمد الفالح (عدل منفذ) ان العامل وما ان يتجاوز اجراءات التقاضي المعطلة والطويلة حتى تبدأ رحلته العسيرة مع التنفيذ لاسباب عديدة من بينها التشريع وطرق التنفيذ التي لم تواكب التطور ودعا الاستاذ الفالح الى تطوير التشريع كي يكون ناجعا ليحمي العمال من المتهربين والمتحيلين الذين لهم ديون. وأكد الاستاذ رشاد المبروك ان الدولة ملزمة بالتنفيذ عبر الوسائل الشرعية عند امتناع صاحب العمل على الوفاء بدينه وكشف المبروك ان القضايا العرفية تدوم سنوات ثم يجد المتقاضي نفسه امام ورقة مجردة لا جدوى لها دون تنفيذ. واوضح ان العدل ينتفي بعدم تنفيذ الاحكام فالعدل ليس بقضاء مستقل فحسب بل بمحاكمة عادلة وبإيصال العدل لصاحبه... واعتبر ان تنقيح 2002 انتج اجراءات معقدة مبينا وجود ثغرات قانونية وعدم تمكن عدول التنفيذ من الحصول على معلومات حول المعقول عليه. واقترح تحديث مناهج التنفيذ وتمكين عدول التنفيذ من كل المعطيات عن المدين. شكلت مختلف هذه المداخلات ارضية للنقاش ولطرح حلول للواقع الصعب الذي يعيشه العمال عند التقاضي والتي عرقلت عملية حصولهم على حقوقهم. التوصيات واكدت الندوة من خلال توصيات الحاضرين الى اتجاه المشرع الى تعقيد اجراءات التقاضي في مختلف مستوياتها وآخرها صدور القانون عدد 18 سنة 2006 المتعلق بدوائر الشغل. ولاحظ المشاركون التراجعات الكبيرة الحاصلة في الترسانة القانونية وخاصة التنقيحات التي ادخلت على مجلة الشغل 94، 96 و2006 وإحداث قانون انقاذ المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية وتنقيحات بالاضافة الى التنقيحات في النصوص ذات العلاقة مثل قانون الشركات التجارية وكل هذا يتنزل في إطار توفير المنظومة القانونية المتلائمة مع سياسات اعادة الهيكلة. وسجل المشاركون التقليص في قيمة المستحقات المستوجبة للعامل بموجب النصوص القانونية القائمة من ذلك تسقيف غرامة الطرد التعسفي.. وامام هذه التنقيحات دعا المشاركون الى تبسيط الاجراءات على مستوى التقاضي والتنفيذ وتقليص مدة الاجال واختزالها وضبط سقف زمني أقصى لها مع احداث مؤسسة قاضي التنفيذ. وطالب المشاركون بتفعيل دور المستشارين لدى الدوائر الشغلية والتزام السلطة بتنظيم دورات تكوينية وتمكين العمال اليا من اعانة عدلية على صعيدي التقاضي والتنفيذ تأكيدا لمبدأ مجانية التقاضي في المادة الشغلية ودعوا الى توسيع اختصاص الدوائر الشغلية وتمكينها من الحجز على أموال المدين. وأكد المشاركون على اهمية توسيع السلطة التقديرية للقضاء في تحديد مستحقات العمال وسجلوا تراكم اعداد ضخمة من الاحكام الشغلية التي لا تجد طريقها للتنفيذ جراء الصعوبات والعراقيل التي تسبب في حرمان العامل من مستحقاته الامر الذي يفقد الاحكام والهيئة القضائية حرمتها وهيبتها.. كما لاحظوا عدم اقرار السلطة بخصوصية مجلة الشغل لذلك طالب المشاركون بان تكون مادة تفاوضية مع الاتحاد العام التونسي للشغل.