كنت دائما أؤكد أن القواعد النقابية داخل الإتحاد العام التونسي للشغل هي صاحبة القرار و المحدد الأول و الأخير لكل إختيارات و خيارات هذه المنظمة الوطنية النقابية العمالية و أكبر دليل على ما أقول أن الإتحاد العام التونسي للشغل هو المنظمة النقابية الوحيدة أو تكاد تكون في العالم التي تنتخب قيادة مركزيتها من طرف النقابات الأساسية و هذا في حدّ ذاته مظهر من مظاهر ممارسة الديمقراطية و الشفافية في إتخاذ القرار و تحديد مصير المنظمة ككل لآن الإتحاد العام التونسي للشغل و كل ما يمت له بصلة ملك مشاع لكل عمال تونس بل لكل الشعب التونسي على إختلاف أطيافه و ألوانه. فالجميع بدون إستثناء يجد فيه الفضاء الأرحب و المرفأ الآمن لما عصفت ببعضهم الأزمات أو واجهتهم الصعوبات. من هذا المنطلق أو إمتدادا لهذه الفلسفة نزلت أسرة جريدة الشعب عند رغبة جموع النقابيين المهتمين بالشأن الإعلامي داخل الإتحاد الغيورين على أن يرتقي محتوى الجريدة إلى مستوى طموحات جموع العمال و الشباب العامل و الأجيال الصاعدة من النقابيين الوافدين على تحمل المسؤولية النقابية بروح فيها الكثير من الحماس والانقطاع لخدمة الصالح العام. فقد أصبحنا نجد أنفسنا أمام أجيال نقابية ذات طابع خاص حيث أن المستوى التعليمي مرتفع جدا مقارنة بالاجيال القديمة ثم أن لهؤلاء الشباب إمكانيات واسعة في الإطلاع أو الاقتراب من وسائل إعلام و إتصال متطورة متوفرة في كلّ مكان وحتى داخل غرفهم الخاصة مما يجعل من الصعب إقناعهم بالعكس. لذلك أصبح لا مفرّ من أن يواكب الإعلام النقابي هذه الطفرة الإعلامية و المعلوماتية الجارفة و العارمة و أنا أعتبر أن قرار أسرة الجريدة التخلي عن المادة الرياضية بمثلما فعلت مع أخبار المحاكم و أخبار أهل الفن قد ضربت عصفورين بحجر واحد ألا وهما الإستجابة لطلبات النقابيين ثم مراجعة النفس و محاولة تطوير المحتوى ليكون متخصصا في إتجاه إعلام نقابي أعمق من حيث البحوث و الدراسات و المقاربات و كذلك أيضا من حيث الغوص في أعماق تاريخ الحركة النقابية بتونس وفي المغرب العربي و إفريقيا و العالم من حولنا وإبراز مساهمة الرواد الأوائل. كما يفرض الوضع الجديد إفساح المجال للأقلام النقابية في مختلف الميادين حتى تبرز مواهبها و تفصح عن مخزونها من المادة الإعلامية و التثقيفية النقابية و العمالية و قد إستعرض الأخ محمد العروسي في عدد يوم 13 فيفري 2010 عزم أسرة « الشعب» على إصدار عديد الملاحق و النشريات التي يمكن أن تصاحب «الشعب» أو تصدر موازية لها بغاية إظهار الإعلام النقابي في أحسن مظهر. شيء جميل دون شكّ لكن أجمل منه أن أعود و أقول أن يكون ذلك جاء فعلا تنفيذا لرغبة النقابيين و جموع العمال وأصدقاء الإتحاد لأنني عايشت مع أسرة الجريدة الكثيرة من تلك النداءات خاصة في الندوة الدستورية لقسم الإعلام والنشر التي حضرها جمع كبير من الإخوة المسؤولين عن الإعلام في القطاعات و الجهات حيث أخذ هذا الموضوع حيزا كبيرا من وقت الندوة. وها قد إستجابت أسرة الجريدة لهذه الطلبات فصار جميلا منها أن تلغى المادة الرياضية مثلما فعلت من قبل مع صور الممثلات و المطربات وأخبارهن وكذا أخبار الجرائم والمحاكم وما لف لفها من المواد التجارية. و جميل أيضا أن يعترف الأخ رئيس التحرير أخيرا بحق النقابيين و العمال في ذلك وأن يقرّ في نهاية المطاف بأن تلك المواد لم تساهم في رواج أكثر للجريدة بالقدر المتوقع منه و هو لعمري قمة الشجاعة وهنا يحضرني السؤال التالي: ما هو الأجمل من ذلك كله؟إنه سؤال موجه لكل النقابيين بدون إستثناء بداية بالأخوة أعضاء المكتب التنفيذي إلى غاية أصغر نيابة نقابية حجما لآن الهياكل النقابية كلها متساوية في المسؤولية إذا ما علمنا بأنه داخل الإتحاد العام التونسي للشغل الجميع سواسية أمام مسؤولياتهم وأمام رفع شأن الإتحاد و إعلاء كلمته، إنّ الأجمل إذن مما قامت به أسرة الجريدة هو حتما إلتزام النقابيين بالإشتراك في جريدة «الشعب» بكثافة. كنت في الندوة الدستورية أشرت لهذا الموضوع و حملت الإخوة المسؤوليين عن الأعلام مسؤولية ضعف عدد المشتركين بالجريدة أمام العدد الكبير من النقابيين. و طالبت بأن يتحكم أعضاء الإتحادات الجهوية و الجامعات و النقابات العامة في عدد الإشتراكات بالجريدة على قدر تحكمهم في نتائج نواب مؤتمراتهم القطاعية و الجهوية و هنا اجدد الدعوة للجميع و هذه الدعوة لم تأت من فراغ إنما هي في الأساس بند من بنود النظام الداخلي للإتحاد العام التونسي للشغل الذي يعتبر الإشتراك بالجريدة واجبا نقابيا و أن عدم الإنخراط يعتبر دينا في ذمة النقابي يطالب به في المؤتمر الموالي للتشكيلة التي ينتمي إليها. كنت أتمنى لو أن الأخ رئيس التحرير أورد في مقاله «قرار نقابي» عدد المشتركين من النقابيين بالجريدة ليس من باب الإحراج إنما ليكون ذلك حافزا للذين تمسكوا بحذف مادة الرياضة و الفن والمحاكم حتى يشمروا على سواعدهم و أن تتكاثف الجهود من أجل أن تكون الجريدة أكثر رواجا مستمدة قوّتها من قوة و حماس أبناء الإتحاد العام التونسي للشغل لأن رواده أرادوا لآبنائهم الإستقلالية الإعلامية تماما مثل إستقلالية الرأي و القرار و وجوب المحافظة عليها مهما جارت عليهم الخطوب و الأزمات و قوة الأعلام و نجاحه تقاس أولا بالمادة و نوعية الإعلام المطروحة وثانية بحجم المشتركين والقراء ونحن كثر، معشر النقابيين و الحمد لله، وعاش الإتحادالعام التونسي للشغل حرا قرارا و إعلاما و نضالية.