قال السيد معن بشور المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية والرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي ان تنفيذ حكم الاعدام بحق الرئيس صدام حسين واخيه برزان ابراهيم والسيد عواد البندر ليس جريمة اغتيال سياسي فحسب، بل انها حماقة كبرى سترتكبها سلطات الاحتلال الامريكي وادواتها وتضاف الى سلسلة الحماقات الاخرى التي ارتكبها الاحتلال وادت الى فشل مشروعه في العراق. كلام بشور هذا جاء خلال مقابلة اجرتها معه الفضائية اللبنانية (LBC) في الحادية عشرة من مساء الجمعة //، ضمن برنامج «العالم الليلة» وقبل ساعات من تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس صدام. بشور كشف في مقابلته ان اي عربي لا يمكن ان يقبل بان ينفذ جيش محتل حكم الاعدام برئيس عربي، وان هذا الرفض لا علاقة له البتة باية ملاحظات كانت لنا حول النظام العراقي السابق للاحتلال وكل الانظمة المماثلة، مشدداً على ترابط القومية العربية بالديمقراطية، فبالديمقراطية تزدهر الحركة القومية العربية وتنتصر وبدونها تذبل وتتراجع وتنكسر. بشور استعاد في مقابلته جانبا من اللقاء الذي جمعه بالرئيس صدام حسين في 5 فيفري 2003 اي قبل العدوان باسابيع قليلة حيث قال الرئيس صدام حينها: لقد وصلت الى كل ما يطمح اليه اي عراقي من نفوذ وسطوة وقدرة، لكنني ما زلت اعتقد ان المرتبة الاعلى من كل هذا هي مرتبة الشهادة، فاين نحن من هؤلاء الاستشهاديين والابطال في فلسطين وجنوب لبنان.
بشور رفض اعطاء اية خلفية طائفية او مذهبية لحكم الرئيس صدام مؤكداً ان خصوم الرئيس قبل اصدقائه يقولون انه لم يكن في ممارساته سنياً او شيعياً بل كان صدام حسين لا سيّما ان حزب البعث في العراق لم يكن يوماً حزباً طائفياً او مذهبياً، بل كان فيه دائماً غالبية من ابناء المذهب الشيعي وفيه من ابناء المذهب السني، فيه المسلم والمسيحي والصابئي، فيه العربي والكردي والتركماني مجسداً بذلك وحدة العراق وعروبته وهذا سبب هذه المحاولات الامريكية الصهيونية النيل منه، والعمل على اجتثاثه في اطار المشروع الامريكي الصهيوني الرامي الى تمزيق العراق وضرب هويته العربية الاسلامية. بشور تساءل انه اذا كان السنة وحدهم هم المستهدفين باعدام الرئيس صدام، فماذا عن استهداف رمز المقاومة في لبنان السيد حسن نصر الله وحزب الله وهو شيعي كما يعلم الجميع. المطلوب اذن هو ضرب اي رمز مقاوم والسعي لاشعال الفتنة المذهبية على امتداد المنطقة باسرها باعتبارها الاسلوب الانجح في تنفيذ المشروع الامريكي الصهيوني. وبعد لحظات من تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس الشهيد صدام. استهجن بشور ان يجري تنفيذ حكم الاعدام برئيس عربي على يد قوات الاحتلال فيما يسود الصمت الرؤساء والملوك العرب الذين كان للرئيس الشهيد على معظمهم افضال كبيرة، بكل ما في الكلمة من معنى. و اعتبر ان اصرار المحتل الامريكي واعوانه على تنفيذ حكم الاعدام صبيحة اول ايام عيد الاضحى المبارك، ومع توجه المؤمنين العرب والمسلمين الى اداء صلاة العيد، هو امعان في اذلال العرب والمسلمين وفي استفزاز مشاعرهم وفي اهانتهم واذلالهم متساءلاً عن سبب الاستعجال في تنفيذ حكم الاعدام رغم ان كل الملفات القضائية الاخرى ما زالت عالقة. بشور رأى سببين لهذا الاستعجال اولهما محاولة الادارة الامريكية والرئيس بوش تحقيق «انجاز ما» لتغطية واقع الفشل والارتباك الذي يحيط بسياسته في العراق والمنطقة والذي كشف عنه بوضوح تقرير هاملتون بيكر الاخير، اما السبب الآخر فهو منع كشف الاسرار الكبرى المتصلة بالملفات الاخرى لا سيّما الحرب العراقية الايرانية، وحرب الكويت وخصوصاً بعد ان وصلت المحاكمة في قضية الانفال الى مرحلة بالغة الحساسية وتهدد بكشف ادوار واسرار لدول اقليمية واجنبية بما فيها الادارة الامريكية نفسها والشركات التي زودت العراق وايران باسلحة كيماوية. واتهم بشور الكيان الصهيوني بانه وراء الضغط لاستعجال تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس صدام لسببين، اولهما الانتقام والثأر من قائد عربي تجرأ وقصف الكيان الصهيوني بالصواريخ عام 1991، كما تجرأ واستمر في دعمه للمقاومة الفلسطينية وشهدائها واستشهادييها رغم الظروف الصعبة التي كان يمر بها العراق، وثانيهما محاولة استخدام هذا الاعدام والتفاعلات التي ستطلقها للالتفاف على الايجابيات الكبرى التي حققها انتصار المقاومة اللبنانية الباسلة في حرب تموز، بما في ذلك داخل العراق ذاته، مذكراً بالتحية التي وجهها الرئيس الشهيد من سجنه للمقاومة اللبنانية وقائدها السيد نصر الله. فالصهاينة، حسب بشور، الذين يسعون لتطويق المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين بالفتنة، سيحاولون من خلال اعدام الرئيس صدام حسين ان يستخدموا بعض تداعيات هذا الاعدام لتوسيع دائرة الفتنة وتعميق الشرخ بين العراقيين والعرب والمسلمين، لكن وعي العراقيين واشقائهم وادراكهم لمصدر كل الشرور التي تحيط بهم سيفوّت الفرصة على اعداء العراق والامة. اما في حديثه لاذاعة « صوت بيروت ولبنان الواحد « فقد رأى بشور ان تنفيذ الاعدام بالرئيس الشهيد صدام حسين يحاول ان يعيد الامور داخل العراق الى المربع الاول، اي مربع الفتنة والاقتتال الداخلي، وان يزعزع الايجابيات التي تحققت خلال العدوان الصهيوني على لبنان، حيث برزت بوادر مواقف موحدة تجاه هذا العدوان وراعيته الادارة الامريكية. وشدّد بشور على ان تنفيذ الاعدام هو جريمة اغتيال موصوف لانه جرى اثر محاكمة مطعون في قانونها واجراءاتها، وفي شفافيتها وعدالتها، في نزاهتها واستقلاليتها، في كونها ناشئة عن الاحتلال الذي يحرّم عليه القانون الدولي انشاء اي محاكم او قوانين او اجراءات، وفي كونها انعقدت في ظروف غير آمنة وغير سليمة حيث جرى اغتيال عدد من محامي الدفاع، ومنع البعض منهم من الحضور، ولم يسمح للمتهمين باستكمال دفوعهم حول التهم الموجهة اليهم، بالاضافة الى تغييب كل الملفات الحساسة، والاتهامات الخطيرة عن هذه المحاكمة. وتساءل بشور ما هي المهلة التي يفرضها القانون الامريكي بين صدور الحكم بالاعدام وبين تنفيذه، وكيف تسمح حكومات دول تحرّم عقوبة الاعدام كبريطانيا ان ترحب بحكم الاعدام، وكيف تسمح ادارة الاحتلال وادواتها بتجاهل كل هذا الكم من الاعتراضات القانونية على المحاكمة والحكم والتي تحدثت عنها منظمات انسانية ودولية مشهود لها كهيومان رايتس واتش، ومنظمة العفو الدولية، بالاضافة الى موقف رئيسة لجنة حقوق الانسان في الاممالمتحدة، ناهيك عن رفض دول اوروبية ومرجعيات روحية وانسانية لتنفيذ حكم الاعدام. و قال بشور ان اعدام الرئيس العراقي سيعطي حزب البعث دفعة قوية في المستقبل، لان لحزب البعث في العراق جمهوره الواسع العابر للطوائف والمذاهب والاعراق، وله اليوم قضية مهمة جداً هي قضية مقاومة الاحتلال، وقد اعطاه اعدام قائده الشهيد الرئيس صدام الرمز الذي يحتاجه كحزب سياسي يواجه المحتل. بشور لفت الى جهل المحتلين وادواتهم بقوانين حركة التاريخ وتجاربها، مذكراً ان الشهداء في العراق بشكل خاص يلهمون حركة النضال والجهاد في بلادهم، فالكل يذكر ان اعدام الضباط الاربعة (صلاح الدين الصباغ وزملاؤه المشاركون في ثورة رشيد عالي الكيلاني في الاربعينات) بقي ملهماً للنضال الوطني العراقي ضد الانتداب البريطاني والاحلاف الاستعمارية حتى زوال قواعد الاحتلال البريطاني وسقوط حكم الاحلاف عام 1958، كما يذكر العراقيون ان اعدام ضباط ثورة الموصل في اواخر الخمسينات () كناظم الطبقجلي، وعبد الوهاب الشواف، ورفعت الحاج سرّى بقي ملهماً لنضال الحركة القومية، وفي مقدمها حكم البعث، حتى سقط حكم عبد الكريم قاسم عام 1963 بشور توقف امام ما ردد الرئيس الشهيد حين صدور حكم الاعدام بحقه، وقبل توجهه برباطة الجأش المعروفة عنه الى حبل المشنقة، حيث جدد تمسكه بفلسطين وعروبتها فاشار الى ان الرئيس صدام لو ساوم في القضية الفلسطينية لبقي في حكم العراق هو واولاده واحفاده الشهداء الذين سيدفن معهم غداً في مسقط رأسه، ولكنه فضل ان يخسر الحكم والنفوذ والجاه ورغد العيش على ان يساوم على حقوق شعبه وامته. وختم بشور ان الذين ساقوا الرئيس الشهيد الى المشنقة صباح اليوم سيجدون انفسهم امام محاكمة العصر غداً على ما اقترفت ايديهم في العراق وافغانستان، وما اقترف حلفاؤهم الصهاينة من جرائم في فلسطين ولبنان وفي العديد من دول العالم.