تثبت إحصاءات النشاط البريدي بجهة ڤابس أنّ هناك تطوّرا ملحوظا سواء من حيث إقبال المواطنين على الخدمات أو من حيث المردودية المسجلة في تطور المداخيل بالجهة، غير أنّ الأوضاع المهنية والاجتماعية وصلت إلى حدّ استحال فيه العمل في ظروف ملائمة، وأصبح البريدي بجهة ڤابس يعاني وبشكل تصاعدي من عدم القدرة على التركيز في أدائه المهني وحتى العائلي. وتفاقمت الأوضاع نتيجة لعدم إعطاء الاهتمام اللازم لحلّ المشاكل من الطرف الإداري على المستويين الجهوي والمركزي. فالمشاكل مسّت أغلب وإن لم نقل كلّ الهياكل التجارية من عنصر بشري وظروف ووسائل عمل ولم نسجّل في المقابل نيّة جادة من الطرف الإداري في حلّ هذه المشاكل بل بالعكس تمّ تسجيل تراخ وعدم اكتراث وهروب إلى الأمام في أغلب الأوقات. فمنذ إحداث الديوان الوطني للبريد سنة 1999 إلى هذا التاريخ بقي عدد أعوان البريد بجهة ڤابس يتأرجح في حدود 300 عون وهذا العدد لا يستطيع بأي شكل من الأشكال مواجهة النشاط المتزايد، هذا حتى لو سلمنا جدلا بأنّ هؤلاء الأعوان يتمتّعون بإمكانيات متساوية في الأداء والإنتاج، وهذا غير واقعي نتيجة لارتفاع معدّل الأعمار وإصابة أكثر من 70 عون بأمراض مزمنة وتسجيل أكثر من 1000 يوم عطلة مرضية سنويا وارتفاع الرخص السنوية غير المسداة التي وصلت إلى أكثر من 000.10 يوم أي قرابة 330 شهرا. وفي كل جلسات العمل مع الإدارة الجهوية نادت النقابة الأساسية بضرورة سدّ الشغورات بانتداب العدد الكافي من الأعوان الذي لا يقلّ عن 48 عونا، غير أنّ الطرف الإداري وإن أقرّ في محضر الجلسة بتاريخ 27 أكتوبر 2008 بأنّ النقص الحاصل في الأعوان يصل إلى 28 عونا فإنّه لم يسع بشكل ملموس للإيفاء بهذا الالتزام لسد الشغورات. أمّا على مستوى التوزيع البريدي، فإنّ دوريات التوزيع لم تشهد مراجعة علمية وموضوعية وكأنّ جهة ڤابس لم يشهدها أي توسع عمراني أو لم تعرف أي زيادة في المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية يفرض توجها جديدا يتلاءم مع معطيات المحيط الجديد. فبقي عدد دوريات التوزيع تقريبا على حالة منذ 10 سنوات، وحين طالبت النقابة الأساسية بتكوين لجنة بمشاركة أعوان التوزيع ذوي الخبرة في الميدان لمراجعة ملف التوزيع بالجهة اعتمادا على المؤشرات والمقاييس المعتمدة في ميدان التوزيع جوبه هذا المطلب بتصلّب وبتجاهل وكأنّ الإدارة لا ترى مصلحة في أي تغيير لخدمة المواطن ولإشعاع البريد ودوره الرائد في كل شبر من أرض الوطن. أمّا في ما يخص ملفات الصحة والسلامة وظروف العمل فإنّ الإدارة تفتقد حقا لرؤية واضحة لمعالجة المشاكل المتراكمة هذا إذا سلمنا بالنيّة الصافية وأبعدنا كلّ شك في مصداقية الأداء الإداري في مؤسسة البريد حتى لا يقال بأنّنا نرمي تُهمًا باطلة. فكيف يعقل أن لا تفي الإدارة بالتزاماتها في إحداث مصعد آلي بمبنى الإدارة الجهوية التي تضمّ أربع طوابق الشيء الذي أرهق الأعوان عند الإلتحاق بأماكن عملهم والمواطنين عند قضاء شؤونهم، وللعلم فإنّ هذا المطلب مرفوع منذ 2005 وإلى هذا اليوم لم يتحقّق. ثمّ إنّ أماكن العمل من مكاتب مراكز بريدية تشكو من الكثير من المشاكل المتعلّقة بالإنارة والتهوية ووضعية المصارف والكراسي غير الصحية ووضعية الأرشيف وتقادم أسطول السيارات، ويعاني الأعوان من سوء صرف منح التنقل ومنح الساعات الإضافية من عدم التمتّع برخصهم السنوية والتعويضية حتى أنّ البعض لا يتمتّع براحته الأسبوعية، ويعاني أعوان مكتب بريد مركز الولاية من عدم احترام الإدارة للوقت القانوني حيث يفتح المكتب من الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الثامنة مساءا بدون انقطاع كامل أيّام الأسبوع وعلى طول السنة بدون أن تكون للساعات الاضافية من السادسة إلى الثامنة مساءا أي مردودية تذكر. والذي يدعو للاستغراب حقّا هو تجاهل كلّ النصوص القانونية المنصوص عليها في مجلة الشغل والقانون الأساسي الخاص في مادة الفحوصات الدورية للأعوان، فقد طالبت النقابة الأساسية بمصلحة لطب الشغل طبقا للفصل 153 من مجلة الشغل والفصل 118 من القانون الأساسي للقيام بالدور الوقائي في مجال الصحة والسلامة المهنية كما طالبت النقابة أيضا باحترام الوقت الكامل للوحدة الصحية حتى يغطّي الوقت القانوني للأعوان وبأن يتمّ تقديم الإسعافات الأولية وتوفير بعض الأدوية والمعدّات اللازمة للكشوفات اليومية والتعاقد مع أطباء الاختصاص. وأمام كثرة المشاكل وتراكمها وعدم تجاوب الإدارة وتهربها من الإنصات لمشاغل وتطلعات الأعوان، فإنّ النقابة الأساسية للبريد بڤابس تنبه من خطورة الأوضاع وتطالب بضرورة تلبية المطالب المعبّر عنها في اللوائح المهنية لأعوان البريد بالجهة وتؤكد على سعيها لتحقيق كل المطالب بكل الطرق القانونية والمشروعة. ❊ الكاتب العام للنقابة الأساسية للبريد بڤابس