قرّرت الهيئة الإدارية للإتحاد العام التونسي للشغل عقد المؤتمر القادم للاتحاد أيام 14 و15 و16 ديسمبر القادم بمدينة المنستير بدلا من شهر فيفري وهو ما يعني عقده قبل شهرين من انتهاء المدة القانونية التي حددها النظام الداخلي للقيادة. وكان المكتب التنفيذي دعا الى عقد هيئة ادارية استثنائية يوم الاثنين 4 سبتمبر الجاري للبت بصفة نهائية في موعد عقد المؤتمر خاصة بعد الخلاف الذي برز حول هذه المسألة سواء بين اعضاء المكتب التنفيذي أنفسهم أو بين النقابيين. وعلمت «الموقف» ان جلسات الهيئة الادارية شهدت تدخّلات نوعية ومعمّقة واستماتة كبيرة في الدفاع عن القانون. ومن تلك التدخّلات مداخلة كل من السادة عبد النور المداحي وعلي رمضان عضوي المكتب التنفيذي، وحسين العباسي وعبد الستار منصور والمولدي الجندوبي عن كل من الاتحادات الجهوية بالقيروان والمهدية وجندوبة إضافة الى تدخلات كل من ممثلي التعليم الثانوي والتعليم العالي. وحسب العديد من المتابعين للشأن النقابي فإن هذه التدخّلات اثّرت بشكل كبير على نتيجة التصويت، فقد عارض ما يقرب من عشرة أعضاء مبدأ تقديم موعد المؤتمر وتحفّظ عشرة آخرون وهو ما لم يرض القيادة النقابية التي كانت تصر على ان يكون التصويت بنعم بأغلبية ساحقة. ويقول المعارضون لتقديم المؤتمر أنّهم كانوا يفضّلون حلاّ وفاقيا يقوم على تأويل مقتضيات نص القانون وأنهم لم يكونوا ينتظرون تصويتا بالشكل الذي تمّ خلال الجلسة وشدّدوا على أنّ نتيجة التّصويت كانت ستكون مختلفة لو تمّ اللّجوء الى الاقتراع السرّي. القواعد النقابية: لماذا التقديم؟ غير أنّ ما شغل القاعدة النقابية خلال الفترة الماضية أكثر من مسألة التقديم او التأخير هي الخلفيات التي دعت الى اتّخاذ مثل هذا القرار خاصة ان الظروف التي تمّ فيها الاعلان عن هذا التقديم لم تكن عادية بالمرّة فاغلب النقابيين كانوا في عطل والأمين العام نفسه كان في اجازة وعدد من اعضاء المكتب التنفيذي كانوا في زيارة عمل الى سوريا والبعض الآخر كان منهمكا في بعض المسائل الخاصة ممّا يوحي بأنّ القرار اتّخذ فجأة وبصفة فردية أو في أطر ضيّقة للغاية ودون سابق حوار أو نقاش لا بين القيادة النقابية ولا بينها وبين قواعدها هذا من حيث الظرفية اما من حيث الدوافع فان عددا كبيرا من النقابيين لا يرون اسبابا داخلية تبرّر هذا التقديم فما الذي يجعل القيادة النقابية تصر عليه؟ التفرّغ للملفات القيادة النقابية تقول ان مبرراتها لتقديم موعد المؤتمر عديدة منها على سبيل المثال فسح المجال لتناول الملفّات النقابية الكبرى التي لن تحتمل انتظار الانتهاء من الانكباب على المؤتمر. ومنها اعتبار المؤتمر تتمّة لمؤتمرات تجديد الهياكل الجهوية والقطاعية. إضافة الى ذلك يعتبر دعاة التقديم ان إنجاز المؤتمر قبل شهرين من موعده الأصلي لن يغيّر شيئا إن على مستوى التحضيرات وخاصة فيما يتعلق باللوائح التي يشدد البعض على أنّها تقريبا جاهزة منذ انعقاد المجلس الوطني الأخير في قليبية، أو في ما يتعلق بمعركة التنافس على مقاعد المكتب التنفيذي ويرى هؤلاء ان فترة الشهرين التي تفصل بين الموعدين لن تؤثر في التوازنات الانتخابية فالاجماع حاصل حسب رأيهم حول الأمانة العامة التي لن تخرج كما يرون من بين أيدي الامين العام السيد عبد السلام جراد وان بقية الأطراف قد حسمت منذ مدة تحالفاتها الانتخابية وبالتالي فلن تتغير مجريات الأمور كثيرا بسبب هذا التقديم. رؤية غير واضحة وحسب المتابعين فإن هذه السجالات والاختلافات تعكس حقيقة واحدة وهي عدم وجود رؤية واضحة للأولويات التي على المنظمة ان تنهض بها في هذا الظرف بالتحديد، وعلى هذا الأساس فإن الاختلافات لن تزيد إلا في تأزيم الوضع داخل أكبر وأعرق منظمة بالبلاد وعرقلة حركتها في الوقت الذي تتّجه فيه اليها انظار الجميع للتخفيف من الاعباء والمظالم الاجتماعية التي باتت ترهق كاهل الشغالين، فهل أنّ تقديم المؤتمر هو لخدمة الملفّات الكبرى المفتوحة الآن داخل المنظمة وهي التعليم والتأمين على المرض والصحّة وغيرها. محمد الحمروني جريدة الموقف