سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التراجع عن الاتفاقيات هو اعتداء من الوزارة على القانون في أشغال الهيئة الإدارية القطاعية أعوان التربية الى الوزارة:
الأخ محمد شندول: الإتحاد بكل هياكله مع نضالات القطاع
بعد أن كان أملَه معقودًا على ولاية، بات يمتهن الوراقة بأحد دهاليز السلطان واحيانا يتولى تمحيص خطب صاحب السموّ، فيخرج منها دررًا، واستمر حال أبي حيان التوحيدي على ازدواجية الغربة في الوطن والاستلاب الفكري حتى جمع ذات مرّة شتات جرأته وكتب لابن عبّاد، يقول »إلى متى التأدب بالخبز والزيتون، واللّه، لقد شحّ الحلق، وفسد الخلق وذهبت الوراقة بالعمر والبصر«. ولمّا اشتد البؤس ودب اليأس في العامة، عزمت الخاصة من أهل الفكر والعقد، لقاء السلطان الذي كان عائدا لتوّه من متعة الصيد، لتنقل إليه حرقة سؤال العامة وجرح الخاصة ووجع الرعية فأجابهم »ألم تأكلوا النخالة بعد؟!« هذا الإرث الثقافي والحضاري الضارب بجذوره في عمق مخيالنا العربي والذي امتد من القرن الثاني الى الرّابع هجري، قفز الى ذهني، وأنا أتابع اشغال الهيئة الادارية لاعوان التربية الملتئمة يوم الاثنين 4 أكتوبر 2010 بدار الشغالين بالعاصمة برئاسة الأخ محمد شندول الأمين العام المساعد المسؤول عن الاعلام والنشر بالاتحاد العام التونسي للشغل، فارتبط في ذهني ماضي أبي العلاء المعرّي، حين قال: »هذا ما جناه عليّ أبي وما جنيت على أحد«، اذ ان تاريخ انعقاد هيئة الوجع التربوي لاعوان الدولة قد تزامن مع الذكرى الثامنة لميلاد ابنتي سلمى ومع الذكرى التسعين لتأسيس فريقي المفضل »النادي الافريقي«. أنين عشرات الآلاف أنين عشرين ألف »موْطنون« ووجع من ورائهم من عائلات، انحبس في حلق الأخ عبد الحفيظ الديناري الكاتب للنقابة العامة لعملة التربيّة، وهو يسرد بمرارة ما خلفته الابواب الموصودة والآذان الصمّاء من انسداد الأمل وانغلاق الأفق رغم الاصوات التي بحت من الاستغاثة والنعال التي اهترأت اسلاكها على أرجل أعوان التنظيف والصيانة والادارة لمؤسسة نزعم جميعا ا نها تستثمر في عقول الناشئة من ابناء المدارس والمعاهد. ❊ مطالب عالقة لأكثر من عقد هيئة الوجع البليغ والجرح الذي لم يندمل منذ أكثر من عقد ونصف العقد وقع »حافر« مطالبها على حافر حاجياتها الخصوصية من: تعميم المنحة الجامعية والسكن في المبيتات الجامعية على كافة الطلبة ابناء العملة. تمكين عملة التربية من المنح المسندة لنظرائهم من عملة الدولة، خاصة منحة المسؤولية، منحة التعهد والصيانة ومنحة خطر العدوى ورفع الفواضل. تعميم المساعدات والمنح المدرسيّة على جميع ابناء العملة قبل مفتتح السنة الدراسيّة واعفائهم من معاليم التسجيل والترسيم . الترفيع في القيمة المالية لمنحة الحراسة الليلية وتنظيرها بقطاع الصحة. سحب منحة الامتحانات الوطنية والعودة المدرسية على عملة التربية. تمكين ابناء العملة من الاولوية المطلقة في الانتداب. تطبيق التصنيف المهني عند الانتداب والتعويض واحترام الاختصاص وتحديد الانتداب في الصف الثاني لعملة التنظيف والحراسة ومراجعة مدونة الخطط بما يتماشى والنظام الاساسي لاعوان الدولة. توخي المرونة في الترقية في الصنف بالسماح لكلّ من تتوفر فيه شروط الترقية للترشح وضبط الاعتماد المالي للترقية طبقا لما ورد في الأمر عدد 2509 لسنة 1998(50٪ من مجموع المترشحين بالامتحان والاختبار. واحتساب الاقدميّة في الصنف والمفعول المالي من تاريخ غرة جويلية من كلّ سنة وتشريك النقابة الجهوية في لجان الامتحانات المهنية). رفض كلّ الاشكال الهشة للتشغيل التي تستهدف قطاعات اعوان التربية وخصوصا شركات المناولة والسمسرة باليد العاملة والانتداب بالتعاقد. تشريك اللجان الاستشارية في اسناد الاعداد الصناعية على غرار منحة الانتاج. تسوية الوضعية الادارية للعملة القائمون باعمال مختصة والمصنفون تصنيفا أدنى تسوية وضعية العملة المكلفون بعمل اداري. ارجاع المطرودين. 13 مطلبا حسيا ومباشرا كان بالامكان الاستجابة لكل مطلب مع كل وزير تربية أتى على رأس هذه الوزارة منذ سنة 1987 الى اليوم. وإلى اليوم، لم يشنّ هؤلاء »الغلابة« ولو اضرابا واحدا عبر تاريخهم النضالي والنقابي، وهو ما يدفع بنا الى السؤال: »هل أن لغة الحوار وحدها تظلّ عاجزة على اختراق الأبواب الموصدة والآذان غير الصاغية؟ ثم لماذا بات حال أهل التربية من معلمين واساتذة وقيمين واعوان على هذه الدرجة من البؤس في حين ان الميزانية التي تخصص للتعليم عامة هي الاكبر على صعيد السلّم الدولي؟! هذا الواقع المحيّر لقطاع التربية دفع جميع الفاعلين النقابيين الى تقليبه وتمحيصه واستنطاقه في بيان 17 جوان ,2009 والذي أكد على ما »يتعرّض اليه قطاع التربية والتعليم بكل اسلاكه وأصنافه من هجمات غير مسبوقة من قبل وزارة التربية من خلال ما تنتهجه من سياسة اقصائية ضد النقابات وضد المطالب المجمّدة منذ مدة طويلة من اتخاذ اجراءات غريبة كالتراجع عن الاتفاقيات واقرار زيادة احادية الجانب وتجزئة المطالب وغلق باب التفاوض وتعطيل المطالب الخصوصية وضرب العمل النقابي والاعتداء على حق التفاوض والاستهانة بما يعانيه المربون من تردّ لظروف العمل داخل المؤسسة وعنف مادي ورمزي وانتهاكات لكرامتهم. ❊ أسئلة حارقة وفي هذا السياق من واقعات الواقع، ونهوض واقعات الوعي الجماعي المشترك لنا ان نتساءل كمراقبين »لماذا تجازي الوزارة الموقرة الرسالة التربوية بمقتضياتها وتضحياتها ونبل رسالتها، الفاعلين بمختلف اجنحتها بالجحود والتنكر للاستحقاقات الحيوية والضرورية لحياة كريمة للمعلمين والاساتذة والقيمين واعوان التربية؟ رغم هذا التمفصل الخطير في المسار التاريخي لمنظومة التربية والتعليم تقفز جراحات أهلها على الموانع والاستحالة لتجمع انفاس أملها نحو رسم أفق أرحب يقلع من راهن التردي نحو اعادة الاعتبار للقطاع عامة، هكذا ختم الكاتب العام للنقابة العامة لاعوان »الشقاء« التربوي كلمته. ❊ أسكت حين نتحدث خيّم الوجوم وسادت السكينة قاعة التداعي الحرّ، لتفسح المجال لاستنهاض الاذان ازاء ما سيقوله الاخ محمد شندول الامين العام المساعد المسؤول عن الاعلام ورئيس الهيئة الادارية لاعوان التربية وفق دستور المنظمة الشغيلة. ❊ مسالك الجدل وقرار الاضراب قال الأخ محمد شندول متحدثا باسم المكتب التنفيذي للاتحاد العام »إنّ هذا القطاع الذي أعطى الكثير من التضحيات للمنظمة، قد استطاع تبويب مطالبه في لائحة مهنية دقيقة وواضحة منذ مؤتمره المنعقد يوم 23 جانفي من السنة الجارية فضلا عن بقية لوائحه التي أتت على مختلف جوانب الأمور المتعثرة. وارتسم قهر القاعة على جبين الأخ شندول وبرز الصراع الداخلي المحتد بين مشروعية السؤال وطرائق المعالجة، فانتهج رئيس الهيئة الادارية بيداغوجيّة التسيير من الدّاخل والحوار الثنائي احيانا والجماعي في الغالب الأعم متسلحا بخبرة التسيير ومحن الماضي ومعرفة دقائق الامور وتفاصيل المجريات في القطاع وطبيعة الضفاف المقابلة، فاستجاب بادئ الأمر لطلب لا يمكن التنازل عن سقفه والزاميته وهو الاضراب، غير انه استطاع ان يحدّد تاريخه ليوم 24 نوفمبر بعد ان استقرأ الراهن بتفاصيله ومقتضيات الطلب. ثم تطرّق الأخ محمد شندول إلى أهمية الملفات ذات الطابع المجتمعي والتي تعنى براهن الصناديق الاجتماعية والتقاعد وما افضت اليه جلسات الحوار مع وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسين بالخارج الى حدّ الان في انتظار ما ستتمخض عنه النقاشات والمقاربات والدراسات التي تأخذ حيزًا واسعا من اهتمال القيادة النقابية والتي ستدرجها ضمن جدول اشغال المجلس الوطني القادم، واستعرض الاخ محمد شندول بدقة متناهية كلّ الجوانب الخاصة بقضية التقاعد وبواقع الصناديق وبموجبات التجاوز الاصلاحي المستقبلي من خلال تحليل خصوصيات التشغيل واقعا وقانونا داخل المؤسسات الخاصة والعمومية، وكذلك ملف التأمين على المرض الذي استأثر بمساحة زمنية كبيرة من مداخلة رئيس الهيئة الادارية. ❊ مفاجآت الديمقراطية وفي سياق تعرّضه الى ضرورة اعادة هيكلة المنظمة الشغيلة وخاصة بما تستوجبه من أحقية التداول ومزيد تطوير الممارسة الديمقراطية وتعزيز حضور المرأة والشباب مع الاستئناس بذوي الخبرة والتمرّس تكريسا لشعار »الاتحاد مستقل والقواعد هي الكلّ« استطاع الأخ محمد شندول مفاجأة أعضاء الهيئة الادارية لعملة التربية حين تعرّض لقضية الفصل العاشر وخاصة »الجدل الافتراضي« الجاري حوله والتحرّك الموسوم بالمخاتلة ضده، حيث بيّن ان اعادة النظر في القانون الاساسي ليس من مشمولات المجلس الوطني بل هو من صميم مسؤولية المؤتمر مبرزا في السياق ذاته ما ساد بعض التحرّكات والمواقف من هشاشة وسطحية خاصة اذا ما عدنا الى الدرجة التي بلغها مؤتمرا جربة الاستثنائي والمنستير العادي من ديمقراطية وما افرزته المنظمة الشغيلة من تداول على المسؤولية منذ عقدين، حيث لم يستمر في قيادة المنظمة النقابية الى حدّ الان سوى الاخ عبد السلام جراد ومحمد شندول والاخ علي رمضان رغم بقائه خارج دائرة القيادة مدّة زمنية هائلة، فمؤتمر المنستير جاء بالأخ عبد السلام جراد في المرتبة الثالثة وبالاخ محمد شندول بالمرتبة الاخيرة ولم يسعف الاخ الهادي الغضباني الذي كان يشغل خطّة الرجل الثاني في المنظمة فضلا عمّا ضخّه من دماء وأكسيجين بصعود الاخوة مولدي الجندوبي وبلقاسم العياري وحسين العباسي والمنصف الزاهي. وهذا المثال الذي قدّمه الأخ محمد شندول، يعتبر أفضل مؤشر على التدليل على الدرجة العالية من الممارسة الديمقراطية داخل المنظمة الشغيلة فضلا عن شفافية صناديقها الانتخابية وحرية الاقتراع وخاصة التداول على المسؤولية، وتعرض الأخ محمد شندول الى الآليات الجديدة لقيم التضامن والعدالة الاجتماعية مستندا الى المخزون التاريخي للمنظمة الشغيلة والى نضالات روادها ورموزها ومناضليها. ❊ عود على بدء وبالعودة الى فعاليات الهيئة الادارية، أكد الأخ محمد شندول بعد نقاش مطوّل وجدل واسع بين الاعضاء استمر اكثر من ستّ ساعات على ان قطاع اعوان التربية هو جزء لا يتجزأ من المنظومة النقابية حيث لا يمكن ان تتخلى عنه المركزية النقابية والتي كانت دائما دعامة أساسية للقرارات الديمقراطية التي تتخذها الاغلبية. هذه الاغلبية اكدت من خلال جملة المداخلات على ان القطاع، بات يعيش واقعا شبيها بحالة اليتم فضلا على ان العاملين فيه لم يتعدوا عتبة الفقر وان قرار الاضراب ليس قرارا قطاعيا بل هو قرار الاتحاد العام التونسي للشغل الذي فصلت قيادته موعد اضراب التعليم الثانوي عن اضراب اعوان التربية وابعدته عن التأويلات والمؤاخذات المرتبطة بمحطات وطنية لها ابعادها ودلالاتها التي لا تستخف بها الطبقة الشغيلة بقدر ما تنزلها المنزلة التي تستحق، فضلا عمّا تؤمن به المركزية النقابية وبقية تشكيلاتها من بالغ الاهمية للحوار الاجتماعي ومقتضياته الموضوعية التي ستعيد النور بعد انقطاعه بين نقابات التعليم وسلطة الاشراف. ❊ هوامش نوّه أغلب أعضاء الهيئة الادارية بدور المكتب الجديد على صعيد المجهودات التي بذلها إن على صعيد تجديد التشكيلات أو على صعيد الاهتمام بمشاغل الجهات أو بما قام به المسؤول عن التكوين النقابي من دور هام في مجال اختصاصه. انتهج الأخ عبد الحفيظ الديناري أسلوبا خطابيّا يزاوج بين الدّارجة »المهذبة« والفصحى البليغة. قرار الاضراب تمّ اتخاذه باجماع تام وبحماس كبير ولم تتمّ المناقشة إلا في تاريخه. كلّ التدخلات والاجابات التي قدّمها الأخ محمد شندول كانت باسم المكتب التنفيذي فضلا عن كونه لم يخف ما قامت به مختلف اقسام الاتحاد من دور وما اضطلع به زملاؤه بالمكتب التنفيذي من مهام حيوية. عبّر الأخ محمد شندول عن تقدير الإتحاد لقرار رئيس الجمهورية القاضي بتنظيم حوارات تلفزية مع أعضاء الحكومة. وفي نفس الحين عبّر عن استياء الإتحاد بكل هياكله للمحاولات المتكرّرة لإقصاء المنظمة الشغيلة من هذه الحوارات التي حضرها »كلّ من هبّ ودب« إلاّ الإتحاد. وأكّد أنّ هذه الممارسة تعبّر عن عقليات متخلّفة جدّا تحاول تهميش الإتحاد وتسيء بالأساس إلى القرار الرئاسي وتفرغه من إحدى مضامينه الأساسيةيى. أكدت النقابة العامة أنّ التقاء نقابات التعليم كان حول التصدي لضرب الحقّ النقابي وتعطيل المفاوضات وليس للتنسيق حول الاضراب واستهداف وزارة التربية. الهيئة الادارية ضمت ثلاثة كتاب عامين للقطاع وهم عبد الحفيظ الديناري ومحمد المنصف بلحولة ومحمد شعبان. مطالب القطاع ظلت مجمدة لمدة عقد ونصف العقد!! أكد أغلب اعضاء الهيئة الادارية ان الاضراب ليس غاية في حدّ ذاته رغم أنّه الاول في تاريخ القطاع بل هو أداة لاختراق حال الجمود وإعادة نور التيار الكهربائي المنقطع داخل وزارة التربية من خلال تحسين شروط التفاوض ودعم نسبة الانخراط ومزيد تفعيل التشكيلات الاساسية. أصدرت الهيئة الادارية لائحة داخليّة حظيت بالمصادقة الواسعة. تولّى الاخ محمد المنصف بلحولة توزيع الدرس الثالث من البرنامج التكويني الذي صادق عليه اعضاء مكتب النقابة العامة.