لم أكن على أهبة نفسيّة للقبول بالوضع الإجتماعي الذي لقيت عليه الكاتب، الشاعر والمترجم اللافت: الطيب دلدول بمنزل والده القديم بمدينة طوزة (ولاية المنستير)، خيّل لي وأنا أرمق كرسيه المتحرك ببهو المنزل المتهرئ وتغريد الحمام بؤبؤ جدران البيت ثم نثار كومة أوراق جافة تكدست أمام غرفته البائسة وكأني أطأ تربة »زريبة« للمواشي أو قاب قوسين أو أدنى من مصبّ عشوائي للفضلات المنزلية وبقايا أشغال بناء من فرط الانكسارات والتصدّعات التي عصفت بهذا البيت.. العتيق الذي يمكث به صديقنا وأخينا الخجول الطيب دلدول... ❊ أحوال بائسة ومعنويات تحت الصفر... فمن يتدخل لإنقاذه من الموت المحدق به كلّ لحظة؟ لا يسعني وأنا أرى مستجدّات زيارتي البرقية التي أديتها برفقة التشكيلي: عبد الرحمان دلدول إلا أن أدلي بواجب الاعتراف بالجميل وردّ اعتبار الكائن إبداعي يعايش الأمرين... صابر على ما ابتلاه ربّه به... ولكن اذا كان بالإمكان احسن مما كان وإن أقررنا بريادة القرارات الرئاسية ووجاهتها من أجل الارتقاء بأوضاع مبدعي وطننا العزيز أينما ولينا وجوهنا وتوفير العيش الكريم لهم، فإنّه بات متأكدا التدخل وبأسرع وقت حتى ننجده خوفا من حصول المحضور ويسقط البيت بين اللحظة والاخرى على ساكنه الوحيد... ويحضرني لتحقيق هذا الحلم والمبتغى تدخل عديد الهياكل والاطراف مجتمعة على آن يتسنى للطيب دلدول ان يقيم بين ظهراني أهله واصدقائه في هدوء وسلام وطمأنينة ومن حقه ان يكسب وبرضا أشقائه جزءا يتيما من تركة أبويه لإقامة بيت متواضع وبنائه من جديد ليبدع فيه نثرا، ترجمة وشعرا.. ولعمري أن هذا المبتغى بات قريب المنال ولو كف شقيقه الأكبر عن تهديده بالعدول عن مطلبه وسعى للصلح عبر تمكين الطيب أخيه من حقه في ميراث أبيه.. وفي هذا الصدد لا يمكنني الا ان أناشد السلط الجهوية ممثلة في السيد والي المنستير (الذي تفضل ووعد في وقت سابق الكاتب الطيب دلدول من منحة مالية محترمة لبناء بيت) لتمكين مبدعنا من حق التملك في ميراث أبيه حسب مقتضيات النواميس والاعراف القانونية المتعارف بها في جمهورية المؤسسات والقانون. كما لا يفوتنا ونسجا على منوال السيد وزير الثقافة الاسبق: محمد العزيز بن عاشور الذي دعا الطيب دلدول بمكتبه واقتنى منه كمية محترمة من كتابه الاول: »Une Ame Frustrée En délire« حفظا لماء الوجه ودعما لوضعيه الاجتماعي المتردي فإني على يقين من تدخل وشيك لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث وإيلاء الكم الهائل من كتب هذا المبدع المكدسة بغرفة آيلة للسقوط كرد الإعتبار بواسطة اقتناء عدد وفير من روايته الثانية: »Les Noces De Cléopâtre« أما في الجانب الآخر من هذه الحكاية التراجيدية فهو الوضع الاجتماعي والصحي نظرا وأن الطيب ليس له مورد رزق وهو المقعد العاجز عن الحراك لولا فسحة الكتابة وبالتالي فإننا نمنّي النفس برصد منحة مالية قارة لتجاوز الحاجة وحفاظا على صحته عبر استخراج دفتر للعلاج بالمستشفيات العمومية أو زيارة أطباء الاختصاص لمقاومة الأمراض العرضية في كهولته أو زمن الشيخوخة أطال اللّّه في عمره.. ننتظر من وزارة الشؤون الإجتماعية والصحة معا البحث عن خلاص لهذه الحالة الإجتماعية عبر زيارة الطيب دلدول لدعوة أهل القرار لوقف هذا النزيف وإدراج حالة الطيب دلدول صوب أعينهم وقلوبهم لصنع الخلاص القريب والحل الجذري المفيد ووضع نقطة النهاية لهذه المهزلة أو بالاحرى المظلمة الانسانية التي لا يرضاها لا القريب ولا البعيد، نحو لفت النظر لمبدع يعايش كل يوم بين المطرقة وسندان كل الخطر.