منذ سنة و أربعة أشهر نشرت مقالا بجريدة الشعب تطرقت فيه إلى موضوع البطالة و تفاقمها و ما يمكن أن ينجر عنها إذا لم تعالج بشكل جدي حيث أشرت إلى أن العاطلين عن العمل يدفعون ضرائب غير مباشرة ومحرومون من العمل و الإنتاج و غير ممثلين في المفاوضات الاجتماعية وكأنهم زائدون عن النصاب في بلدهم تونس و لعل العملية الانتحارية التي أشعلت فتيل الحركات الاجتماعية ضد البطالة هي تعبير صارخ بان المرحوم محمد البوعزيزي شعر بأنه زائد عن النصاب في بلده تونس و بالتالي قرر مغادرة هذا البلد و إلى الأبد. ذاك المقال الذي صدر بالعدد 1039 بتاريخ 2009/09/12 حول موضوع البطالة قوبل بإعجاب البعض و قوبل بالرفض من البعض. وحيث أشرت إلى أن الزيادات التي وضعت على ذمة القطاع العام و الوظيفة العمومية وأيضا الدعم بخمسة عشر دينار لكل قنطار من الحبوب للفلاحين و قد خصصت بالذكر الفلاحين الكبار فمجموع هذه الأموال المدفوعة من عائدات الضرائب لو تم وضعها على ذمة مؤسسات تابعة للوظيفة العمومية و القطاع العام مقابل انتدابات زائدة على الحاجة لغطت هذه الأموال أجور ما لا يقل عن 50 ألف وظيفة جديدة. ❊ ردود شفوية قوبل هذا المقال بإعجاب البعض و قوبل بالرفض من بعض النقابيين بل منهم من قال بان الحل كامن في الفساد أي في الأموال العمومية المنهوبة، حيث أن الأموال المنهوبة قد تكون كفيلة بتغطية جزء من أجور كافة العاطلين عن العمل في هذه المؤسسات العمومية. إن هذا الرأي صائب في جانب منه حيث أن هذه الأموال المنهوبة كفيلة بتغطية جزء من أجور كافة العاطلين عن العمل، لكنه رأي غير صائب في الجانب الثاني إذ لا يتحمل العاطلون عن العمل وحدهم مسؤولية الأموال المنهوبة و الصفقات المشبوهة، فهذه مسؤولية الجميع بدون استثناء. كنت أود لو جاء الرد كتابيا عبر جريدة الشعب لأضيف ما كنت أريد إضافته في هذا الشأن و لتثري تلك الردود النقاش عسى أن يحظى موضوع البطالة بالأهمية اللازمة. ❊ احتجاجات البطالة: أما و قد خرج العاطلون عن العمل من مرارة الصمت و الأنين، نعم خرج المعطلون عن العمل في حركات احتجاجية شملت جل المدن وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على تفشي البطالة بكامل البلاد و بالتالي وجب الحل الجذري. فلا البوليس و لا الوعود الغير عاجلة التي ألفها الشعب أوصلت إلى حل لمشكلة البطالة. ❊ هل من الصعب حل مشكلة البطالة؟ العاطلون عن العمل هم أبناء هذا البلد و بالتالي لا يضيق البلد بأبنائه مهما كبر عددهم. و حل مشكلة البطالة لا يتطلب معجزة سماوية لحلها فإحداث ضريبة تصاعدية تفي بتوفير أجور لكافة العاطلين عن العمل لانتدابهم بالقطاع العام والوظيفة العمومية هو الحل الأشد إلحاحا و المقصود بالضريبة التصاعدية هو أن من له دخل بألفي دينار يدفع ضريبة أكثر من الضعف ممن له دخل بألف دينار. إني أرى أن القرار الذي اتخذه اتحاد الصناعة و التجارة بانتداب 50 ألف عاطل عن العمل يندرج ضمن هذه الضريبة التصاعدية لحل مشكلة البطالة. فالمؤسسات التي ستستوعب إعدادا من العاطلين عن العمل لم يكن مدرج لديها هذه الانتدابات منذ شهرين و بالتالي فهي انتدابات زائدة عن النصاب و هي أجور ستدفع و لو بمقابل منتوج و خدمات إضافية إلا أنها تبقى انتدابات زائدة عن النصاب أملتها عليهم تحركات العاطلين عن العمل حتى و إن قيل عنها أن هذا القرار في انتداب 50 ألف عاطل عن العمل هو من اجل حفاظ رؤساء الأموال على مصالحهم و إيقاف توسع الاحتجاجات فقرار انتداب 50 ألف عاطل عن العمل اعتبره يندرج ضمن هذه الضريبة التصاعدية و لو تعمل السلطة على إحداث هذه الضريبة التصاعدية على الجميع بدون استثناء و توزيع عائداتها على مؤسسات تابعة للقطاع العام و الوظيفة العمومية لتغطية أجور من يتم انتدابهم من العاطلين عن العمل بهذه المؤسسات لتم انتداب جميع العاطلين عن العمل حاليا أما الحديث عن مشاريع تنموية فهذه المشاريع تتطلب أشهرا و سنين ، فسينظر في شأنها مستقبلا ثم يشرع في انجازها فيما بعد و في انتظار انجازها و الشروع في الإنتاج سيوجد عدد جديد من العاطلين عن العمل عندها ستستوعب هذه المؤسسات التنموية هذا العدد القادم من العاطلين عن العمل. و بالتالي فان الحل العاجل لحل مشكلة البطالة هو إحداث ضريبة تصاعدية تفي بتوفير أجور لكافة العاطلين عن العمل لانتدابهم بالقطاع العام و الوظيفة العمومية. و في الأثناء إحداث مشاريع تنموية لاستيعاب الأعداد القادمة من الشباب فور تخرجه أو انقطاعه عن الدراسة دون المرور بمرحلة اسمها بطالة.