ادلى الاخ عبد السلام جراد الامين العام للاتحاد التونسي للشغل بحوار للزميلة فاطمة بن عبدالله الكراي نشر في جريدة الشروق، ونظرا لاهمية هذا الحوار نعيد نشره ثانية. ما حقيقة علاقة الاتحاد العام التونسي للشغل مع الحراك السياسي والشعبي الذي تعرفه الساحة التونسية الآن؟ وما سرّ قبول المركزية النقابية الدخول في حكومة الغنوشي ثم الانسحاب منها؟ ثم ما هو برنامج الاتحاد العام التونسي للشغل وهل أن له برنامجا خاصا به، وماذا عن المشاورات التي قام بها ولا يزال مع ألوان الطيف السياسي والفكري في تونس؟ سبق هذا اللقاء الذي خصّ به »الشروق« الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل السيد عبد السلام جراد، جلسة مشتركة تشاورية حول مجريات الوضع في البلاد، بين الاتحاد العام التونسي للشغل وعدد كبير من المنظمات المهنية والحقوقية فيما مقرّر أن يكون اجتماع مماثل بعد الظهر )أمس) بين أعضاء المكتب التنفيذي ومسؤولي الأحزاب السياسية المعارضة... سألت »سي عبد السلام« عن آخر المستجدات: هل أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل هو الآن في حالة تفاوض مع الحكومة أم لا؟ ثم ما حقيقة انضمام الاتحاد إلى الحكومة الحالية وتراجعه؟ يقول الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وقد قطع كلامه، رنين الهاتف بصنفيه الجوّال والقار: الاتحاد في حالة مفاوضات مع رئيس الدولة المؤقت (فؤاد المبزّع( وكذلك مع رئيس الحكومة المؤقت (محمد الغنوشي) وبلغناهما قرار الهيئة الإدارية التالي: حل الحكوومة الحالية وإعادة تشكيلها على أن لا يكون من بين أفرادها أي عضو من الحكومة القديمة... وإذا قبلنا بوجود السيد محمد الغنوشي، فالتزاما بالفصل 57 من الدستور الذي ينصّ على أن يتولى رئاسة الجمهورية رئيس مجلس النواب، والذي بدوره يختار أو يعيّن رئيس الحكومة... وهذا كما أسلفت، احتراما لمبدإ النص 57 من الدستور ما عدا ذلك يجب التشاور في كل الأسماء... ونحن نحبذ أن لا تكون وجوه قديمة ساندت أو عملت مع النظام القديم، أن تكون موجودة في هذه الحكومة... وحتى وإن كانت حكومة مؤقتة. كيف تتم هذه المشاورات هل هي مشتركة أي أنها تجمع كلا من الرئيس والوزير) المبزع والغنوشي) في نفس الجلسات أو المشاورات أم أنكم تتفاوضون مع كل منهما على حدةٍ؟ تتمّ المفاوضات والمشاورات مرة مع الرئيس المؤقت ومرة مع الوزير الأول المؤقت... يعني الاتصالات لم تنقطع؟ أبدا... ماذا تقترحون في هذه المفاوضات أو الاتصالات، على الحكومة إضافة إلى رفضكم كاتحاد لوجود وجوه وزارية من النظام السابق أي عن ماذا عبرتم في هذه الاتصالات؟ أن تكون كل التيارات السياسية موجودة أي من الذين لم تكن أصواتهم مسموعة كلّ الحساسيات السياسية لا بد أن تكون موجودة.. الآن هناك مشروع سوف يقدّم) أي خلال الجلسة التي تلت هذا الحديث(، ما أطلق عليه أصحابه »مجلس صيانة الثورة« ويضم) المجلس) كل الحساسيات والأحزاب السياسية... هذه المطالب التي يعبّر عنها الاتحاد العام التونسي للشغل، هل هي نتيجة الثورة أو تفاعل معها أم هو برنامج قديم؟ الاتحاد العام التونسي للشغل لم ينطلق من فراغ، بل انطلق من وضع ومن اعتبار لما يوجد من أصوات... أصوات الشعب... الاتحاد منظمة وطنية معنية بشأن تونس ومصير تونس يعد شأنا من شؤون الاتحاد... هذه ثورة الكرامة والحرية، عبّرت بصدق على أن الشعب التونسي قادر على أن ينظر إلى المستقبل وإلى الوسائل التي تمكنه من حقه في إصلاح سياسي في الدستور وفي الحكم... إصلاحات جوهرية... هل يمكن للأمين العام لأكبر منظمة (نقابية) في البلاد أن يكشف لنا كيف كان انخراط الهيكل) الاتحاد) في مجريات الأمور ما بعد سقوط النظام؟ اجتمع المكتب التنفيذي، ومن منطلق قراراته ومواقفه تناقشنا في كيفية تجميع الأفكار... حتّى لا يكون المجهول هو المتربص بنا... إذ أخشى ما أخشاه هو المجهول... لقد نادى الاتحاد في بيانه الصادر يوم 15 جانفي بحكومة ائتلافية دون إقصاء أحد... كان الاتحاد يحاول بكل الوسائل ليجد حجة الاقناع ويوحّد موقفه في جميع الاتجاهات وبها... قلنا حكومة لتصريف الأعمال وبتشاور وتوافق من كل الأحزاب، لكنها تكون حكومة خالية من المسؤولين الذين كانوا في الحكومة السابقة... ونادى الاتحاد بالعفو التشريعي العام وبفصل الدولة عن الأحزاب وبنظام برلماني وعلى غرار ذلك، قرّر الاتحاد أن يساهم في الحكومة بخبراء من الاتحاد وليس من المسؤولين فيه وفي هذا الشأن قابلت الوزير الأول المؤقت (الغنوشي) وتناقشنا في القاعدة التي يمكن أن تتشكّل على أساسها الحكومة وبينت له أن) الوزير الأول) من المستحب أن يكون شخصية مستقلة لكن نحن بما أننا ملتزمون بالدستور لا نرى مانعا في أن تكون أنت) الغنوشي) لكن البقية لا.. إضافة إلى أن يكون التشاور معمّقا مع كل الأطياف... ونحن سنساهم بثلاثة حقائب وزارية بعد ذلك، بدأ الوزير الأول المؤقت مشاوراته ولم يرجع لنا ثانية... ثمّ ما راعنا إلا وقد سمعنا أنه سيعلن عن تشكيل الحكومة فرفعت سمّاعة الهاتف وقلت له) للغنوشي): يبدو أن ليس هذا الذي تفاهمنا حوله... لذا نطلب منكم أن تؤجلوا الإعلان عن تشكيل الحكومة لمدة 48 ساعة فقط، حيث كان استحقاق اجتماع الهيئة الإدارية من الغد... فأصر الغنوشي على الإعلان عن الحكومة، إذن وجدنا أنفسنا أمام الحدث... ولأن القاعدة التي اخترناها لأن ندخل على أساسها إلى الحكومة كانت تلك التي ذكرتها، ولا نستطيع أن ندخل ونحن نخالف قراراتنا داخل الهيئة الإدارية التي اتخذناها بكل ديمقراطية، فإننا انسحبنا من الحكومة التي تم الإعلان عن تشكيلها، فيما التزمت الهيئة الإدارية للاتحاد ببيان المكتب التنفيذي الذي أشرت إليه آنفا. ما الذي وقع السبت الفارط؟ جد لقاء بيني وبين الرئيس المؤقت) فؤاد المبزّع (والوزير الأول المؤقت )محمد الغنوشي) وكان النقاش قويا وصريحا، من ذلك أنه قال إنه مستعد للتنازل على الكل) الوزراء القدم ما عدا ثلاثة: شلعوم وشلبي والجويني( وقلت للوزير الأول بعد هذا النقاش الطويل أن »الغاية ليست تعجيزكم« ونحن لا نريد أن نتجه إلى المجهول بل إلى تأطير الشارع) عبر الاستماع إليه...) فالشارع أضفت مخاطبا الوزير الأول لا يسيطر عليه أحد... ووعدته أنني سأبلغ هذا الأمر إلى المكتب التنفيذي وسوف أعود وأجيبك... وواصل الأمين العام حديثه: »نحن لا نركب على الشارع لكن حجة الإقناع لا بد أن تكون موجودة... غايتنا أن نخرج من هذا الوضع وأن يعود الجميع إلى العمل ولكن لا بد أن يشعر الشعب أننا أخذنا باقتراحاته... لقد أصدرنا نداءات حتى تصان المؤسسات وتكون في مأمن... لكي تعود الأمور إلى نصابها... ولكن قلنا نحن نريد أن يكون هناك وفاق... هذه ثورة الكرامة والحرية لا يجب أن يقع السطو عليها من أيّ أحد... مصلحة تونس فوق كل اعتبار، لكنها المصلحة التي تبني وتعطي المجال الدستوري مكانته... غايتنا الوصول إلى وفاق يجمعنا حول مطالب نعتبرها دستورية حتى نقنع الناس...« وهنا ختم السيد عبد السلام جراد، بجواب عن سؤال حول مبادرة بن صالح والمستيري والفيلالي أن: »لا أحد تحدّث معنا بخصوصها...«