سعيد يجتمع بعدد من الوزراء ويؤكد على اهمية اصلاح التربية والتعليم    سلطات مالي تعلن تحرير 4 سائقي شاحنات مغاربة    من مسبح المرسى الى سماء العالمية ..أحمد الجوادي قاهر المستحيل    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    دراسة.. مواد غذائية بسيطة تقلل خطر السرطان بنسبة تقارب 60%    شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة    سفنه تنطلق من تونس يوم 4 سبتمبر .. 6 آلاف مشارك في أسطول الصمود إلى غزّة    عاجل/ واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرة عمل أو سياحة..    أخبار الحكومة    بلاغ رسمي للملعب التونسي    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    تونس: تجميع أكثر من 11,7 مليون قنطار من الحبوب إلى غاية نهاية جويلية 2025    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    النادي الصفاقسي يعلن رسميا تعاقده مع علي معلول الى غاية 2028    الدكاترة المعطلون عن العمل: ضرورة توفير خطط انتداب ب5 آلاف خطة    ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية    القصرين: العثور على جثة كهل تحمل آثار عنف    المنستير: تظاهرة "فنون العرائس على شاطئ روسبينا" في دورتها الثانية بداية من 15 أوت 2025    مهرجان العروسة: جمهور غاضب وهشام سلام يوضح    وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة    التعاون بين تونس وإيطاليا : طاقة التفاوض وفوائض الطاقة    بطولة افريقيا للشبان لكرة الطاولة بنيجيريا: المنتخب التونسي يختتم مشاركته بحصد 8 ميداليات منها واحدة ذهبية    القصرين: سواق التاكسي الفردي يتوجهون نحو العاصمة سيرًا على الأقدام تعبيرا عن رفضهم للقائمة الأولية للمتحصلين على رخصة "تاكسي فردي"    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    رونالدو يتحوّل إلى صانع القرار في النصر... ويُطالب بصفقة مفاجئة    488 تدخل للحماية المدنية في 24 ساعة.. والحرائق ما وقفتش!    التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    عاجل: ''تيك توك'' تحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو ودول عربية في الصدارة    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    التوانسة حايرين والتجار زادا مترددين على الصولد السنة!    عاجل: الاتحاد العام التونسي للشغل يردّ على تهديدات الحكومة ويؤكّد حقّ الإضراب    الدلاع راهو مظلوم: شنوة الحقيقة اللي ما تعرفهاش على علاقة الدلاع بالصغار؟    في بالك ...الكمون دواء لبرشا أمرض ؟    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    نواب ديمقراطيون يحثون ترامب على الاعتراف بدولة فلسطين..#خبر_عاجل    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء    بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..    محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية    البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة    جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء على الفساد الإداري والمالي لتحقيق أهداف الثورة الشعبية
بقلم: عز الدين مبارك
نشر في الشعب يوم 29 - 01 - 2011

لابد من تحقيق مطالب الشعب التونسي على أرض الواقع بعد انتصار الثورة وطرد هرم الفساد وعصابة السوء التي سطت على ثروة البلاد ونهبت الخيرات بعد ان كمّمت الأفواه وشرت الذمم وفتّت المجتمع.
فالاصلاحات السياسة لا تكفي لتمكين الشعب والشباب بالخصوص من تحقيق رغباته المتمثلة اضافة الى حرية التعبير، في الشغل والعيش الكريم والدراسة والتطور الاقتصادي والاجتماعي في جميع الميادين.
ولقد فتحت هذه الثورة المجيدة الأبواب الموصدة وفجّرت الطاقات الكامنة والمكبوتة على مدى عقود طويلة لكن الوصول الى الاهداف المرجوّة يتطلب يقظة تامة واصلاحات هيكلية وسياسية في العمق.
فالخلل الذي توطّن في عظام ومفاصل الدولة والتشوهات التي أحدثها النظام القائم وحاشيته في المجتمع الى حد الموت السريري لوطن بكامله ودخوله غرفة الانعاش.
فقد خفتت اصوات المثقفين أياما قليلة قبل انطلاق الثورة وأصاب اليأس الجميع واصْطفّت أحزاب كثيرة الى جانب الدكتاتورية بحثا عن الغنائم والسلامة.
فالشباب الذي لم تلوثه دهاليز السياسة مع اشتداد وطأة البطالة والتهميش قام بثورته في غفلة من جميع المراقبين وهذا ما أدهش المحللين.
واستغلّ الشباب الثورة التكنولوجية التي عوّضت حرية الاعلام الكلاسيكي وأصبحت جمهورية الفايس بوك هي عنوان الحرية والديمقراطية وتجاوز الكبت وحجب المعلومات والتسلط على حرية التعبير.
وبما ان النظام قد وصل الى درجة كبيرة من الفساد وقد ابتعد عن هموم الشعب وكأنه يعيش في عالم آخر لم يتفطن الى تسلل الثورة الشبابية في لحظة حاسمة أدهشت العالم حيث دبّ الخوف في قلب الجنرال بن علي الذي خيّر الفرار وقد فهم الرسالة أخيرا بعد 23 سنة من حكمه.
وقد استشرى الفساد الاداري والمالي في كل مفصل من مفاصل الدولة حيث اصبح الامر منهجا وطريقة لتكديس الثروات دون ضوابط قانونية واخلاقية لعائلة الرئيس وأقربائه وحاشيته القريبة والبعيدة.
لقد وقع افساد المجتمع بطريقة مدروسة على مرّ سنوات طويلة واصبحت الدولة في يد عصابات تنهش لحمها نهشا مرضيا بعيدا عن كل منطق اخلاقي او اقتصادي او سياسي.
كما اصبح المجتمع في خدمة عصابة حاكمة جشعة فاسدة لا ترحم ضعاف الحال ولا يهمها مصير العباد والبلاد شيئا فانعدمت الثقة والمصداقية واصبح المستقبل مظلما والأفق مسدودا والوجود عدما.
ولهذا الامر لا تكفي الاصلاحات السياسية لتحقيق مطالب الثورة ومن الأكيد القيام بإصلاحات هيكلية على مستوى الادارة التي نخرها سوس الفساد والرشوة والمحسوبية والنفوذ حتى اصبحت عجلة مثقوبة ومرتعا للصوص فعطلت الحركية الاقتصادية والاجتماعية.
ودون ادارة كفؤة وقادرة على تفعيل مبدأ المساواة والعدالة بين المتعاملين والمتدخلين لا يمكن تحقيق المطالب على أرض الواقع.
فالادارة هي لتي ستشرف على الانجاز والفعل والقرار والتحقيق وكل ما يأتي من السياسي لا معنى له إن لم يصبح حدثا يمسّ المواطن من قريب فيؤدي الى تغيير واضح للعيان.
فتوزيع الثروة الذي كان مختلا وممركزا في جهات الساحل ولفائدة بعض المقربين من سلاطين الحكم والماشين في ركابه والخادمين له دون غيرهم ترك شروخا ومعاناة في قلوب عدد كبير من المواطنين.
فغياب الاعلام النزيه والشفافية ترك العيون مغمضة لا ترى الظلم والتفاوت الجهوي وغياب العدالة الاجتماعية.
فالثورة التي تراكمت بفضل عمل الكادحين البسطاء نهبت من طرف المتنفذين دون مقابل وقد وقع السطو على المؤسسات البنكية والعقارات والتفويت في القطاع العام والفتك به وذلك دون محاسبة وتحقيق.
لقد وصل الفساد الى القضاء فتم شراء الذّمم وليّ عنق القانون وتكميم أفواه الرافضين وطردهم والتنكيل بهم.
فأغلب المسؤولين في القطاع المالي والاداري يعملون حسب التعليمات المسقطة من جهات مشبوهة وغير مكتوبة وقضية بوعبدلي البوصيري خير شاهد على ذلك ومن يخالف التوصيات الفوقية يزاح ويعوّض بمن يطيع الأوامر دون نقاش وهكذا اصبح اغلب المسؤولين في المناصب العليا للدولة وحفاظا على كراسيهم وامتيازاتهم الوافرة يسكتون عن الظلم ومتواطئين مع من مكنهم من المواقع المتقدمة، وكي يتمكن المسؤولون المتواطئون من تحقيق رغبات أصحاب النفوذ يصبحون أشخاصا في مسؤوليات عليا حسب المقاس ودون اعتبار الكفاءة وهكذا تفشت المحسوبية والزبونية والتجاوزات مما أثرّ على الجدوى وتدني المردودية الاقتصادية والتظلّم الاجتماعي والاحساس بالقهر واللامبالاة.
فسنّ القوانين في ظل ادارة متهالكة لا يؤدي حتما الى تحقيق متطلبات المرحلة والتطور الاقتصادي والعدالة الاجتماعية لأن المتحكمين في دواليب الادارة الاقتصادية والمالية لا يملكون الكفاءة اللازمة والمصداقية الضرورية لتحقيق ما هو مطلوب.
واذا لم نتمكن من تحقيق مطالب الثورة بعد مرحلة مظلمة وقاتمة فالخيبة ستكون شديدة التأثير ومحبطة للجميع.
وللانطلاق في مرحلة جديدة على أسس صحيحة وثابتة والقطع مع الماضي لابد من المحاسبة وتحديد المسؤوليات واعطاء كل ذي حق حقه والاعتماد على آليات قيمية تفرز بين الغث والسمين وتجعل من عنصر الكفاءة أساسا ثابتا للمسؤولية عوض المحسوبية.
فلابد من تحجيم منظومة الفساد والقضاء على الرشوة والفساد والتعليمات الفوقية وشراء الذمم والضغوطات الخارجة عن القانون حتى يتم تنفيذ القرارات السياسية على أرض الواقع.
فالتحول الديمقراطي بتركيز منظومة المساءلة والنقد وحرية الصحافة والتعبير والشفافية والتعددية الفكرية والحزبية والقطع مع التسلط الفوقي واستعمال النفوذ والاتكاء على قوة السلطة القاهرة الظالمة التي لا تخضع الى القانون هي من الضوابط اللازمة والضرورية الرادعة للفساد وتجاوز القوانين والمحسوبية حتى تكون الادارة المالية والاقتصادية وسيلة لتحقيق الأماني والمتطلبات الشعبية دون الرجوع الى الوراء والانقلاب على الثورة والغدر بها.
فالمال والنفوذ والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة خاصة في ظل تفسخ الاخلاق وتدني القيم والتكالب على الكراسي والجشع المفرط.
فتكديس الاموال حلالا وحراما وقهر الناس وتفقيرهم حتى الكفاف لصالح القلة المتنفذة هو الذي أشعل الثورة المباركة وأعطانا أملا للاصلاح وتعديل المسار بعد سنوات الجدب والرصاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.