رئيس البرلمان يلتقي ممثلات عن هيئة مكافحة الفساد السابقة    اجتماع وزاري تونسي ليبي وهذا أبرز ما جاء فيه.. #خبر_عاجل    مبلغ "ضخم للغاية": متحف اللوفر يكشف عن قيمة المسروقات..    عاجل/ بريطانيا ترفع "هيئة تحرير الشام" من قائمة الإرهاب    المجبري يواجه إتّهاما أمام الاتحاد الانقليزي.. #خبر_عاجل    حالة الطقس هذه الليلة    الخميس.. مفتتح شهر جمادى الأولى    الحية: "ما سمعناه يطمئننا أن حرب غزة انتهت"    نائب : عدد من النواب اقترحوا لائحة لوم ضدّ الحكومة    ريال مدريد يعترض على إقامة مباراة برشلونة وفياريال في ميامي    بودربالة امام الاتحاد البرلماني الدولي: الأوضاع العالمية كشفت بوضوح قصور النظام متعدّد الأطراف    الدورة 28 للمهرجان الوطني لمسرح التجريب بمدنين مهداة لروح مؤسسها الفقيد أنور الشعافي    سلّم نفسه إلى سجن «لا سانتيه» في باريس..لعنة القذافي تسقط ساركوزي    رابطة ابطال اوروبا: ألونسو يشيد بمبابي قبل مواجهة جوفنتوس    الحمامات تستضيف الملتقى الجهوي الأول للموسيقى بنابل في دورة تحمل اسم الفنان رشيد يدعس    المنستير: انطلاق أشغال مشروع بناء دار الثقافة بقصرهلال بكلفة 4 ملايين و879 ألف دينار    زغوان: تخصيص اعتمادات بنحو 120 ألف دينار لإحداث مشاريع في مجال تربية النحل    تحبّ تخزّن الدقلة لرمضان؟: هذه طرق بش تستحفظ عليه أطول فترة ممكنة    تحذير/ 7 أعراض لا تتجاهلها..فقد تشير إلى الإصابة بسرطان الدماغ..    موسم القوارص يبشّر بصابة قياسية في تونس... اتحاد الفلاحة يكشف    ما حقيقة دهس مواطن بسيارة أمنية في قابس؟.. مصدر أمني يكشف #خبر_عاجل    9 دول أوروبية تطالب بفتح معابر غزة وضمان وقف إطلاق النار    تونس: عائلات المفقودين في عمليات ''الحرقة'' يحتجّون    أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل يعبّرون عن رفضهم لمشروع قانون المالية 2026    17 فيلما من 10 بلدان في الدورة الثامنة لمهرجان "وثائقي المتوسط"    القصرين: عملية بيولوجية جديدة لمكافحة الحشرة القرمزية    النادي البنزرتي: الدخول في تربص مغلق إستعدادا لمواجهة الملعب التونسي    إستعدادا لمونديال كرة السلة 2027: المنتخب الوطني يبرمج 4 مباريات ودية    كيفاش تحافظ على زيت الزيتونة ويقعد معاك مدة طويلة؟    عاجل : دراسة صادمة... لحوم البقر والأسماك تسبب أعراض الاكتئاب    بن عروس: الشروع في تأمين عيادات في اختصاص جراحة العظام بالمراكز الوسيطة بالجهة    صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025 إلى 3.3 بالمائة..    عاجل/ حادث اصطدام عربتي المترو 3 و5: تفاصيل جديدة ووضعية المصابين..    تأمينات البنك الوطني الفلاحي: رقم الأعمال يزيد ب9،8 بالمائة ويبلغ 136 مليون دينار موفى سبتمبر 2025    التجارة الخارجية: هل لا تزال تونس قادرة على الحفاظ على استقلالها الاقتصادي؟    بمناسبة الذكرى 77 لتأسيسها: الخطوط التونسية تطلق عروضا استثنائية لمدة 77 ساعة    البطولة العربية للجيدو للاكابر بالعراق: تونس تتوج بذهبية مسابقة الفرق للسيدات    تونس تشارك بثلاثة لاعبين في بطولة العالم للكرة الحديدية المقيدة لاقل من 18 و23 عاما    قابس: تنفيذ الاضراب العام الجهوي مع تواصل العمل ببعض القطاعات الحيوية    عاجل: الخميس القادم...القضاء ينظر في قضية ضدّ المجمع الكيميائي    عاجل: حضّروا كلّ الوثائق...التسجيل للباك يبدأ غدوة    تونس تتألّق في الصين: 7 ميداليات في بطولة العالم للووشو كونغ فو    مسيّرات تضرب منطقة مطار الخرطوم قبيل إعادة افتتاحه    "حرق جثمان السنوار": تفاصيل مقترح إسرائيلي "غريب"..ما القصة..؟!    مدنين: استعدادات حثيثة لاحتضان جزيرة جربة الملتقى الدولي للمناطيد والطائرات الشراعية    ساناي تاكايشي أول امرأة في تاريخ اليابان على رأس الحكومة    أصداء التربية بولاية سليانة .. مهرجان circuit théâtre    في ظل عزوف الأطفال عنها .. كيف نحوّل المُطالعة من واجب إلى مُتعة ؟    مواطنة من أمريكا تعلن إسلامها اليوم بمكتب مفتي الجمهورية!    وكالة النهوض بالصّناعة والتجديد تفتح مناظرة خارجية بالاختبارات لانتداب 14 إطار    شركة نقل تونس: اصابة عون التأمين وحالات هلع في اصطدام بين عربتي مترو... ولجنة للتحقيق في الحادث    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة بهذه المناطق مع أمطار متفرقة    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقاب الصهيوني الإمبريالي للشعب التونسي بعصي التربية و التعليم ...
بقلم : المختار الأحولي
نشر في الشعب يوم 19 - 02 - 2011

إنّ عمليّة التجهيل المتعمّد ، وتكريس التخلّف العلمي قي تونس ، انطلقت منذ زمن وقبل حتى رفع شعار مدرسة الغدّ من خلال الحثّ نحو خوصصتها بدوافع عدم الجدوى والجودة فيها كنظام تعليمي مجاني ضمنه الدستور لكلّ أبناء الوطن على حدّ السواء وتوجيهها نحو غايات تسرّع من تدهور حالتها إلى درجة يمكن إن نطلق عليها مدارس محو الأمية في أفضل الحالات.
من خلال منح القدرة لرئس المال لفتح والاستثمار في ميدان التعليم من جهة وتحطيم القدرة والذكاء والمناهج والبرامج التعليميّة في المدارس العمومية بتعلله التطوير و مسايرة العصر حسب ما هو موجود في الغرب وكأنّ النموذج الغربي هو بالضرورة قدوة لابدّ أن نقتدي بها . بدون دراسة سوسيولوجية ونفسية بسيكولوجيّة لقدرات الطفل والشاب التونسي وما يصلح لتطوّره معرفيّا وبيداغوجيّة تختصّ في وضع البرامج المناسبة لقدرة الذكاء والعقليّة للتونسي شابا وطفلا على حدّ السواء ومدى تأثير البرنامج على قدراته الإدراكيّة من ناحية والإبداعيّة الخلاّقة المستنبطة من ناحية أخرى .
لذلك أفرغ البرنامج من محتواه وبقي جملة عناوين شحّت منابعها بقصد تضليل الرأي العام الداخلي والمنظّمات الدولية التي تسهر على مستوى التعلّم في العالم كمنظمة اليونيسكو والألكسو وغيرهما حتى وصلت بنا الحال في السنة الماضية وفي قائمة 500 جامعة الأولى في العالم لا نجد ولا حتى جامعة على كثرتها في تونس مثبتة ضمنهم وموجودة كدليل على وجودنا كمتعلّمين ووجود منارة علميّة تهب المعرفة للمتعلّمين و لا أقول مبدعين ومبتكرين وحتى على سبيل التعاضد والدعم السياسي بين المستعمر والمستعمر لم نطال حتى المراتب الأخيرة لنكون أضحوكة مثاليّة وأمثولة لمجتمع المعرفة . وهذا الغياب كان مصدره الأول والأساس ما مرّ على التعليم التونسي من مصائب جمّة منذ زمن اعتلاء الصهيونيّة والإمبريالية العالميّة سدّة الحكم في تونس من خلال موظّفها الألمعيّ المتعلّم والمثقّف والعارف إلى درجة لا يطاولها إدراك المعارضين من أمثالي زين العرب فالقرارات التي اتخذت منذ زمن تولّيه الحكم كانت تحطيميّة للقدرة التي أثبتتها المدرسة التونسية في إنشاء أجيال متعلّمة ومثقّفة ومبدعة رغم توسطيتها في قدرة الذكاء والإبداع لغياب الوسائل كالمخابر والدعم المالي الكافي .على وجهه العام في غالبيّة زمن التمدرس وما بعد نتيجة عدم ثقة رأس المال في القدرة الإبداعيّة المحلّية وهذا ما كرّسته دوائر مشبوهة منها محلّية.
وحتى لا يكون الحديث بلا دلائل أنطلق من الأساس أو ما سمي تضليلا المدرسة الأساسيّة : أو وبصراحة . قتل المخيّلة من مهدها الطفل حتى يكون مؤهّلا للتلاعب بشخصيّته وذاته وكينونته وحتى وطنيّته . ويكون التابع الطيّع والمستهلك المثالي لكلّ ما تنتجه دوائر الصهيونيّة العالميّة والغرب التابع للإمبريالية .
إنّ التلميذ في الابتدائي . وأيضا في الإعدادي والثانوي مع عدم إغفال تطور العقل المتعلّم والمتمدرس . كان وعلى مدى عقود يتعلّم كيفيّة إعمال العقل والخيال معا ويزاوج بين التعلّم وابتكار الذات الفاعلة في التعلم ذاته وبالتالي شخصيته الاجتماعية . من خلال استنباط الحلول للمسائل المطروحة عليه سواء في الخوارزميات الحساب ثم التجريد في الرياضيات أو اللغة أو القواعد اللغويّة أو العلوم الإنسانيّة كالتاريخ والجغرافية وفنون كالرسم ثم الموسيقى والمسرح . على بساطة وتدرّج ما يتعلم بحكم السنّ والقدرة النفسية والعقليّة . وكان المعلّم ومن بعده الأستاذ . يزاوج بين المحسوس والملموس في طرقه التعليميّة مثلا الأعواد والأقراص في الحساب ثم مخابر العلوم . الإلقاء على بدائيته المسرحيّة في المحفوظ من اللغة والصلصال في التشكيل الذي يتحوّل في ما بعد للفنون الإنسانيّة المهذّبة للشخصيّة .. وبما يسمح من اللعب الموجّه زمن التعلم الهادف والداعم للعملية التعليمية حيث تربط المتعلّم بالدرس عفويا وتفاعليّا ويقحم التلميذ في جدليّة تكبر وتقنن وتوظّف مع تقدّم السنّ والقدرة الإدراكيّة التفاعليّة وكم المعلومات التي خزّنها زمن التمدرس . وبتوفّر المعلومة وتكوّن الشخصيّة يدعم التنوع وتبعد النمطيّة المملة وكانت الحصّة التعليميّة أو ما يسمى زمن التمدرس ساعتين صباحا وساعتين بعد الظهيرة وفي المرحلتين الثانويّة حصص متباعدة ومتجانسة بيداغوجيّا ونفسيّا وعقليّا . وكانت كافية لخلق جيل يتحمّل مسؤوليّة البلاد الآن ويتحكم في أسس ثروتها وثورتها . لكن ماذا حدث لتنقلب أحوال المدرسة التونسية إلى مدرسة محو للأميّة .
كلّ الذي أتينا على سرده محي بجرّة قلم مغرض حاسد وحاقد وهدّام استعماري صهيوني وإمبريالي المؤسس. مقابل إيهام المستثمر بلغة المستعمر . الوليّ العاجز عن فرض إرادته بوجوب تكديس العلم الحديث وما حديثه الذي لا قديم له؟ . كأنّ العلم يقتصر على حديث يلغى قديمه لمسايرة الزمن قيل . (والحداثة) الكلمة التي مجّت من كثرة ركوبها مطيّة لتحطيم ما رأوه فيه معيق لربط هذا التونسي العنيد برأسمالهم ليكون ذلك التابع الذليل المستهلك بشراهة ونهم البلهاء على وجميع الأصعدة. وهذا الربط يتمثّل في القروض المشروطة ومن شروطها تحديث المدرسة والتعلّم لمواكبة العصر قيل وهنا أتساءل هل تحديث المدرسة التونسية يفرضه قرض من صندوق النقد الدولي أم أنه حاجة تفرضها التطورات ومسايرة العصر ؟ وهل مدرستنا كانت معاقة من حيث عدم مسايرتها للعصر إلى درجة أن اقتصاديي صندوق النقد الدولي أي رأسمال متحرّك ومأمور من طرف المساهمين والقائمين عليه أمريكا وجنودها الغربيين والصهيونية على رأس القائمة لتوفير ما يرونه صالح لاسترجاع أموالهم من خلال اقتصاد تابع إلا ما لا نهاية وحدود تاريخية .و يوفّر لهم حتى الولاء المشبوه في الظروف المريبة كالحرب على غزّة التي قمعنا في الوقوف مع الواقفين سندا لإخواننا ورفاقنا هناك حتى وان اختلفنا معهم في الرأي . وهذا ما حصل في تونس . ومن أوجهه تدمير المعرفة والثقافة و التعليم .
فرغم الطاقة المحدودة والمحددة للطفل عموما والتونسي خصوصا بحكم نشأته في محيط شبه متكامل ومحافظ في البدء أي 1987 . كان أن كدّست له المواد حتى غدا حمّال أسفارا و أصفارا يحفظ ما يقدّم له ببلاهة لا توصف وبغير فهم لما تعلّم وكدّس من كم كتب وكراريس فلا تبيت في عقله معلومة اثر إفراغها على ورقة الامتحان وذلك في أفضل الحالات حفظا . وحتى أن جسده أصبح ينحني كلّ بداية موسم دراسي بما يكفي لينقلب إلى وجهه من ثقل الحقيبة المكدّس فيها العلم الذي لا علم له وفيه. وكم توالت عليه التجارب المنهجية قيل وأثقل بفروض لا دخل لها في تعلمه حتى أصبح فأر مخابر لا طائل من وراء ما يتعلّمه سوى التذبذب والهشاشة وتصل حدود البلاهة وفقدان أسس الشخصيّة الاجتماعية وغياب التركيز رغم محاولات الحشو التي أصبح يقوم بها بعض المدرّسين الذين بقي لديهم بعض ضمير مهني . فلا هو متعلّم حسب الإفهام والشموليّة القديم ولا هو من الحفظة الجدد. ولا حتى مراوحا بينهما كما كنّا من قبل . والمصيبة أنه يحرز على الامتياز نتيجة ما دفعه الوليّ خصوصا حصص ما سمي تدارك كأنّ الحصّة التي هي زمن التمدرس الحقيق لا تكفي لنظيف عليها ومن زمن راحة مفترضة للعقل حتى يشحن بالراحة اللازمة ليمتلئ في الغد بشراهة المتعلّم للمعلومة . التي لم تعد متوفّرة لنشاهد مظاهر الهروب المتعمّد من المدرسة وحتى الهرب في المدرسة من خلال حالات الشرود الذهني زمن التعلّم. والوليّ يدفع للجمعية التنموية ولحصص التدارك وللورق الذي يطبع عليه الدرس عدى الأدوات واللباس والأكل وغيره. فحتى بلغة رأس المال، الاستثمار في العقول والغد . فهي سلعة خاسرة في هذا الاتجاه ففي عمليّة حسابيّة بسيطة في أول كلّ شهر ولا أقول كلّ مستهلّ سنة دراسية كم يدفع الولي في استثماره هذا وما هو المردود الذي يعود عليه بالنفع فعلى الأقل قبل كنّّّا نفتخر حين نردد للجيران والأهل بأن أبنائنا نجحوا وهم الآن بالجامعة وسيكون لهم مستقبل والآن والجامعة أصبحت معهد في أفضل الحالات و في متناول حتى العديم المدارك العقليّة .إذ بحساب بسيط يكفي أن نبلغ المعدّل 50،7 من 10 وبإضافة ال25 بالمائة ينجح ويمرّ إلى الجامعة هذه التي كنت أسلفت الحديث عن تأخّرها إلى النكرات في عالم كنّا وقبل سنين خلت قريبة وعلى قلّتها أي الجامعات المثال للأمّة وللعالم الثالث كلّه في الإنتاج العلمي والتعلم .
ما الضير أن أبقينا على مدرستنا كما كانت وحدّثنا مخابرنا بما أنتجه العقل البشري من علوم معاصرة . وعصرننا بها مدارسنا ولم نضف إليها مصيبة أخرى حين تلاعبنا بشريحة كانت تمدّ الوطن بالخبرات الصناعيّة العلميّة من كوادر وسطى ودنيا وكوادر عليا بنظامنا التعليمي المهني وكان في تعلّمهم ليس الجانب الصناعي والعلمي فقط وإنما حتى الجانب الأدبي والثقافي الذي يجعل منهم موطنا واعيا ومسئولا وعوض فتح الأفاق أمامهم بتمكينهم من فرصة التقّدم أكثر في التعلّم بفتح حلقات جديدة معاصرة من العلوم الحديثة واعتماد مناظرة وطنيّة مفتوحة للجميع عوض الانتخاب بالمعدّل لاجتياز هذه المناظرة . تركناهم للتلاعب الرأسمالي من خلال الاستثمار الخاص أي مدارس الخاصة. وقلّة ممن رحمهم الربّ فدخلوا مدارس المهن التي تارة تكون تحت إشراف وزارة التربية وأخرى تحت إشراف وزارة التشغيل ولست أدري تحت أي وزارة سيكون حالهم بعد زمن من الاستثمار.
وان كان حديثنا عن المرحلة الإعداديّة والثانويّة هو ذات النهج قديما الذي مرّ علينا في الابتدائي مع تعميق المحتوى لكن المنهج الأساس الذي ينبني على الشموليّة والأخذ من كلّ شيء بطرف حتى نبلغ مرحلة الاختصاص (التوجيه) وهنا تكرس مفهوم التخصص مع عدم إغفال ما يدعم من علوم مجانبة للاختصاص التي وجب توفّرها في المنهاج العام وهذه المرحلة هي الثانويّة والتي تهيؤ التلميذ لمناظرة دخول مرحلة الجامعة . والتي أصبح التلميذ فيها لا يركّز سوى على ما يمكن إن ينقذه من خلال ال25 بالمائة التي أصبحت محلّ اعتماد وليس إنقاذ لمن خانته قواه يوم الامتحان .
وتنطلق هذه المعطيات من تعلّم الاتكال والإستكانة لما ينقذ الموقف منذ الإعدادي المرحلة التي يدخلها الطفل وهو على بيّنة أنه في كلّ الحالات لن يطرد قبل سنّ مقررة وأن له حقوق تتمثّل في عدم معاقبته بما يمسّ من شخصيته .(وهذه كلمة حقّ أريد بها باطل) فعن أي إهانة نتحدّث ؟ هل الأستاذ قديما كان يهين التلميذ حين يعاقبه ألم يكن آبائنا يقولون العصي خرجت من الجنّة وكانوا حين يشتكي المعلم لأبونا نأكل ما كتب حتى أننا في بعض الأحيان نخيّر عقاب الأستاذ لأنه أرحم في كل الحالات وبعد مرور زمن ألم يكن ذلك العقاب هو الذي أبقى المعلومة في أذهاننا حتى أننا في جلسات جانبية نفتخر بأننا عوقبنا ومن فوائد معاقبتنا أن المعلومة راسخة في أذهاننا حتى الكبر وحتى الممات . ولكن لأن أبناء علية القوم لا يجب أن تمس أمام العوام خرج علينا من يمنع العقاب الذي كان على قسوته أحيانا دافعا للنجاح برسوخ المعلومة. والحال أن حقوق الطفل والشباب مصونة ومضمونة فحقّهم الأول والأخير في الحياة هو التمدرس والتعلّم المجاني الذي تمنحه المجموعة الوطنيّة كلّها وليس لرأس المال فيه أي دخل بمفهوم استثمار وعن أي استثمار نتحدث في غياب الاستثمار الرئيسي وهو توفير المخابر من طرف رأس المال ولقاء ذلك يربح أحقية التصرف في المنجز والمبتكر وهذا هو الاستثمار الحقيقي في الغرب وهو نموذجهم الذي عملوا على تكريسه عندهم وتدميره عندنا من خلال مقولة (هذاكة آش عندنا) وكأن أبنائنا لو تحصّلوا على تعليم متميّز وشمولي حتى زمن الاختصاص غير قادرين على ولوج عالم الابتكار والحال أن مخابرهم تزخر بأبناء عالمنا الذي ننتمي نحن إليه سواء سموه بالعالم الثالث أو النامي أو في طريق النمو .
ولكن التوجّه الأخطر هنا هو دفع المدارس العموميّة نحوا التدجين والتجهيل حتى يبرز الميدان التعليمي الخاص كقطب تعليميّ هو الحلّ للاستثمار الجيّد والبناء لجيل الغد في مدرسة الغد وهذه هي مدرسة الغدّ مدرسة خاصة لها كلّ ما يمكن أن يحوّلها إلى قط( (كقطب قرطاج لصاحبته ليلى) وكذلك الجامعة وقتل متسع الفقراء بتحويلها إلى فضاء محو الأميّة وربّما برز منها ما يمكن أن يعتبر استثناءا . لذلك كان ولا يزال حتى الآن أن أفرغ المحتوى بحيث بقي عناوين برّاقة متواضعة المضمون إن لم أقل فقيرة الكنه تنتج عددا متزايد من الشخصيات المسلوبة الإرادة والمفاخرة (بالامتياز) الذي حصلت عليه مع عشرين من أبناء فصل واحد متناسين أن من يستحق هذا الامتياز هو الأب الذي دفع أموال طائلة في حصص تدارك يدخلها المعلّم والأستاذ وهم في حالات إنهاك وإجهاد فيقاربون الامتحان حتى تتواصل الحصص وحتى يكون التلاميذ على بيّنة من النجاح وطرقه .
ولن أتحدث على أملاءات وزارة الإشراف للمدرّسين بأن يتحاش، وان لا يدرّسوا نصوصا بعينها خصوصا في علم الفلسفة وتعويضها بدروس عن مآثر السابع من نوفمبر المجيدة وبتوصية من التجمّع قصد ترويض هؤلاء المشاريع طلبة جامعات تونس المفرغة من محتواها العلمي والثقافي وبذلك ينجح المستعمر في إنشاء الجيل الفارغ التابع والمستعمر عقليا وروحيّا مثلما رغب.
وهنا أخلص إلى النتائج التي أظهرتها الثورة . إن شبابنا الذي عاش في مخابر تعددت وطال أمدها ومداها حتى يرضى علينا صندوق النقد الدولي ومن ورائه أمريكا وإسرائيل الصديق الحميم لزين العرب. قد تعلّم الثورة الثقافية والعلميّة. وأبدع بها ومن خلالها ثورته العالميّة من خلال أستاذ جديد هو (الفايس بوك والأنترنات عموما) هذا الذي جمع بين الفن والسياسة والعلم والثقافة وتداول المعلومة بسرعة فائقة . ورغم أن الآباء المغلوبين على أمرهم نتاج إلهائهم بتوفير ما يلزم للعائلة حتى نسي ذاته وانصهر في المنظومة الرأسمالية المقيتة التي هدمت حتى جدار وأخلاقيات العائلة نتاج الضغط المتواصل . والذي نجح في تمرير هذا الضغط لروح متّقدة هي روح الشباب ليكونوا سند ثورته والصف الأمامي له والحامي لنتاجاته حتى أنّي وفي ظرف وجيز ومن خلال التجمّعات المعارضة رأيت كهولا لم أكن لأراها تعود للجدوى من العمل السياسي لولا هذه الثورة المجيدة . فلا تخذلوا الآن ثورتكم يا أبناء مدرسة (الفايس بوك) شيبا وكهولا وشبابا .وواصلوا نضالكم من أجل رجوع المدرسة لأصلها مع مواكبة التطور ألمخبري والمنهجيّ بالتنويع والعصرنة لا بإقصاء ما أفرز تونس التي الآن. خصوصا ونحن نعلم أن الموجود هو من مدرسة قبل زين العرب والقادم يجب إن يرسكل بهذه العقول حتى تعود بمدرستنا لما هي حريّة به من إشعاع ونبوغ كنّا نبز به غيرنا ونعاند به من تفوقوا علينا ولو إلى حين . وهنا يجب ان يتلاحم التاريخ مع الحاضر أي كلّ شرائح والأعمار في المجتمع ليكوّنوا جدارا أمام الردّة والمرتدّين إلى أحضان أمريكا والصهيونيّة العالميّة .
والثورة دائمة : تونس بعد شهر من انطلاق الثورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.