بعد اضراب يوم 9 مارس الفارط، نفّذ حوالي 300 عامل بمصنع »الكترون« للإلكترونيك بحي التحرير بالعاصمة اضرابًا عن العمل يومي 23 و24 مارس الجاري بالتنسيق مع الاتحاد الجهوي للشغل بتونس. العمّال، وأغلبهم نساء، اضطرّوا إلى تنفيذ حركتهم الاحتجاجية بعد أن ذاقت بهم السبل وزادت معاناتهم اليوميّة وتناسى ظلم الادارة المصرّة على الاستغلال المتواصل ونهب قوتهم وقوت عيالهم. ولقد ثمّن فيهم روح التوحّد والتمسّك بمطالبهم المشروعة والأمل في رجوع الحقوق إلى أصحابها بقوّة النضال، وكان ذلك باديًا على وجوهم وحماسهم الكبير في إنجاح اضرابهم والضغط على الادارة حتّى تأتي إلى طاولة الحوار بشكل جدّي ومسؤول وأن تحترم القوانين وتنزع عن نفسها لبوس المناورة والتخويف. حقوق مهضومة المصنع يملكه مستثمر انڤليزي ويشغّل حوالي 350 عاملة وعامل، وقد بدأت المعاناة دخلة بإصرار الادارة على عدم تسوية وضعية عمّال المناولة ورفضها تحسين الأجور والمنح وترسيم العمّال واعتمادها عقود شغل غير قانونيّة وعدم خلاص الساعات الاضافية وحرمانهم من بطاقات خلاص فضلاً عن عدم تسوية وضعيات العديد لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتتواصل المعاناة داخل المصنع، في ظروف العمل غبر الصحية وانعدام شروط حفظ الصحة والسلامة المهنية، وعوض أن تقدم الادارة على تحسين هذه الظروف يعمد المسؤول إلى الإهانة والاستفزاز والطرد والحطّ من الكرامة والتّرهيب والتخويف بعقلية وممارسة استعبادية متخلفة. والظاهر أنّ هذا المسؤول اعتقد أنّ هذه الطريقة مجدية لإخماد صوت العمّال، لأنّه تفاجئ بإرادة قوية لدى الشغيلة وقدرة على التنظم والتنسيق وخوض أوّل حركة احتجاجية من أجل مطالبهم. وهذه المرّة واجههم »العرف« بتكتيك جديد، وهي المراوحة بين الترغيب والترهيب، فتمكّن من شراء ذمم البعض القليل حتى يفرّق الاحتجاج ويقسم العمّال، لكن هذا الأسلوب لم ينجح أيضا وتفاجأ بإضراب ناجح جدّا لمدّة يومين تعالت خلاله الأناشيد والزغاريد والشعارات المنادية بحق العامل والكادح والمؤكدة أيضا واجب تنقية المناخ الاجتماعي ولم يكن ذلك غريبًا على مؤسسة »الكترون« فهم الذين عملوا بكدّ وحافظوا على مصنعهم ورصاص بن علي يتهاطل فوق رؤوسهم قبل 14 جانفي.