إلى حدّ كتابة هذه الأسطر لا تزال الاحتجاجا متواصلة لاعوان وعمال البلديات وخاصة في توسن المدنية على الاقل، احتجاجا على تراجع الوزارة الاولى على الاتفاق التي كانت ابرمته مع الاطراف الاجتماعية والجانب النقابي بخصوص ترسيم حوالي 1171 متعاقدا و2031 عرضيا مقترحة صيغا أخرى للانتداب دون المستوى. اضراب عمّال القطاع في عدة جهات أدّى إلى توقف عديد الخدمات المتوجّهة للمواطن وخاصة خدمة التنظيف ونقل الزبالة ولافضلات من الشوارع والاحياء فانتشرت الروائح الكريهة ومكبّات ضخمة للزبالة في الطريق العام منذرة بانتشار الامراض والاوبئة في مشهد لم تشهده عديد المدن وخاصة العاصمة منذ عقود. ❊ مسؤولية من؟! هذه الاوضاع جعلت فئات واسعة من المجتمع يستاؤون، ودفعت عديد الاصوات والفضاءات الاعلامية الى تصوير عمال البلديات متهمين باتم معنى الكلمة ب»جريمة تلويث الشوارع ومسؤولين عما آلت اليه جمالية المدن من انتهاك«. وحتى نوضّح، نقول ان هذه الاصوات تناست أو تغيب عن وعيها، أن اضراب عمال البلديات جاء اضطرارا وردة فعل على انقلاب الوزارة الاولى على اتفاق أمضته لتسوية وضعيتهم وليضع حدّا لسنوات من الاستغلال والظلم عانى خلالها عامل البلدية تدني الاجور والامراض والاوبئة من أجل تقديم خدمة جليلة للمواطن وإلى كافة فئات المجتمع وضمان الحق في النظافة وفي بيئة سليمة. فالوزارة ودون سابق إنذار أو اعلام رفضت ان تكون للعمال اجور محترمة وان يتمتعوا باستقرارفي الشغل وحماية اجتماعية وهي ادنى ما نادت به المواثيق الدولية ونادت به ثورة الكرامة في بلادنا، لكن على مايبدو ان كل ذلك لا ينتمي الى منطق الوزير الاول ووزارته، خصوصا اذا كانت من بين المطالب المرفوعة اقالة المدير العام للجامعات المحلية الذي يمثّل رمزا من رموز النظام الفاسد... من جهة اخرى، فإضراب عمّال البلديات انطلق منذ يوم 6 أفريل الجاري بشكل متواصل ونشيط، دون اي حراك جدّي من قبل الوزارة رغم اتصالات الاتحاد العام التونسي للشغل والاخ الامين العام، وكأنها تتمتع برؤية أكداس الفضلات الملقاة وتتقزّز من مطالب مشروعة لكادحين أعطوا الغالي والصحة للمجتمع. ولم نر أي تحرك، الا عندما قرّرت الوزارة احالة مرسوم يتعلق بتسوية الوضعيات على انظار مجلس الوزراء (في اجتماع يوم الخميس 14 أفريل الجاري) متهرّبة من تحمل المسؤولية وتنفيذ الاتفاق المبرم بين وزاة الداخلية والطرف النقابي يوم 15 فيفري الفرط ومهما تكن نتائج مداولات مجلس الوزراء اما بالسلبي أو الايجابي فإنّ هذه التجربة التي عاشها عمّال البلديات وكل المواطنين التونسيين تعطي عديد الدروس ومن أهمها عدم جدّية الحكومة في التعاطي مع الملفات الاجتماعية واعتمادها المناورة والانقلاب على الاتفاقات وتجاهل مطالب اقالة رموز الفساد وهي لعمري تكتيكات تطرح تساؤلات جوهرية حول امكانات التغيير السياسي والاجتماعي بالبلاد في ظلّ حكومة انتقالية لا تحترم تعهّداتها...