هجرة غير نظامية: تراجع عدد التونسيين الواصلين إلى إيطاليا ب 18,52 %    اتحاد الفلاحة بمدنين : الأضاحي تفي بحاجيات الجهة    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    Titre    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية بهذه المناطق    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    الاحتفاظ بمسؤولة بجمعية تعنى بشؤون اللاجئين و'مكافحة العنصرية'    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    لأول مرة في تونس.. البنك الفلاحي يفتح خط تمويل لمربي الماشية    أبطال أوروبا: ريال مدريد يستضيف غدا بايرن ميونيخ    عاجل : صحيفة مصرية تكشف عن الحكم الذي سيدير مباراة الاهلي و الترجي    هام/ الليلة: انقطاع المياه بهذه المناطق في بنزرت    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    تالة: ايقاف شخص يُساعد ''المهاجرين الافارقة'' على دخول تونس بمقابل مادّي    هذه الآليات الجديدة التي يتضمنها مشروع مجلة أملاك الدولة    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بأحواز برقو    وزيرة الأسرة تعلن عن احداث مركز جديد للاصطياف وترفيه الأطفال بطبرقة    وزير السياحة : قطاع الصناعات التقليدية مكن من خلق 1378 موطن شغل سنة 2023    انقلاب "تاكسي" جماعي في المروج..وهذه حصيلة الجرحى..    حماس: اجتياح الكيان الصهيونى لرفح يهدف لتعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار    ليبيا تتجاوز تونس في تدفقات الهجرة غير النظامية إلى إيطاليا في 2023    سليانة: تخصيص عقار بالحي الإداري بسليانة الجنوبيّة لإحداث مسرح للهواء الطلق    أبطال إفريقيا: الكاف يكشف عن طاقم تحكيم مواجهة الإياب بين الترجي الرياضي والأهلي المصري    يومي 10 و 11 ماي:تونس تحتضن بطولة إفريقيا للجمباز.    تونس تسيطر على التداين.. احتياطي النقد يغطي سداد القروض بأكثر من ثلاثة اضعاف    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    مخاوف من اختراق صيني لبيانات وزارة الدفاع البريطانية    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    فتوى تهم التونسيين بمناسبة عيد الاضحى ...ماهي ؟    وزارة التربية تنظم حركة استثنائية لتسديد شغورات بإدارة المدارس الابتدائية    لاعبة التنس الأمريكية جيسيكا بيغولا تكشف عن امكانية غيابها عن بطولة رولان غاروس    باكالوريا: كل التفاصيل حول دورة المراقبة    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    «فكر أرحب من السماء» شي والثقافة الفرنسية    الكشف عن وفاق إجرامي قصد اجتياز الحدود البحرية خلسة    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    حوادث: 13 حالة وفاة خلال يوم واحد فقط..    الرابطة الأولى: النجم الساحلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة الترجي الرياضي    في قضية رفعها ضده نقابي أمني..تأخير محاكمة الغنوشي    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    سيدي حسين: مداهمة "كشك" ليلا والسطو عليه.. الجاني في قبضة الأمن    البطولة الانقليزية : كريستال بالاس يكتسح مانشستر يونايتد برباعية نظيفة    إشارة جديدة من راصد الزلازل الهولندي.. التفاصيل    عاجل/ هجوم على مستشفى في الصين يخلف قتلى وجرحى..    عاجل- قضية الافارقة غير النظاميين : سعيد يكشف عن مركز تحصل على أكثر من 20 مليار    مشروع لإنتاج الكهرباء بالقيروان    أولا وأخيرا .. دود الأرض    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024 الى 2ر7 بالمائة في ظل ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبذّرو الكلام والشّعارات
عبد الفتاح بن حمودة
نشر في الشعب يوم 07 - 05 - 2011

لا بدّ من العودة إلى الشّعر حيث الفكرة أمضى من السّيف والمعنى أبلغ من انتخابات رئاسيّة أو برلمانية حيث »كلّ حزب بما لديهم فرحون« (1). ففي زمن التّرّهات وضجيج المعادن الباردة أحتمي بالشعر. يصفّق الشّعر بداخلي في ليالي الصّقيع وتصطفق ريحٌ وراء الباب منادية شجر الغابات. هكذ حدّثت نفسي وسط هذا الرّكام من الألاعيب والأفاعيل الزّرقاء لمحترفي الكذب واللّفّ والدّوران.
هكذا حدّثتُ نفسي وسط هذه الفوضى العارمة من النظريّات الفوقيّة التي يمارسها المتحزّبون والمبذّرون للشعارات، حتّى أنّ المبذّرين كانوا إخوان الشياطين حسب الأدبيّات الإسلامية. ومبذّرو الكلام والشعارات الطّنّانة الرّنانة هم من تنطبق عليهم صفة التبْذير تلك فحُقَّ عليهم القول. ومن هذا يجبُ معاقبة كلّ الكذّابين ومحترفي الأقوال السياسية الجوفاء بقطع ألسنتهم ودابرهم. وعلى الشعب التونسي أن لا يصدّق هؤلاء وأن يقصّ أظفارهم وشواربهم (إن كانت لهم شواربُ أصلاً).
لن أصدّق أحدًا، ولن أعوّل على العجائز والجدران السّاقطة ولن أعوّل على جدار ليس لي أو ليس منّى، أنا المواطن الشاعر »حامل الفانوس في ليل الذّئاب« (2) لن أصدّق العجائز حاملي فكرة الهاجس الأمنيّ والفئات الصّامتة وعظمة الزّعيم الواحد الأوحد... فليس ثمّة زعيم حقيقيّ من الشعب إلى الشعب سوى فرحات حشّاد. فقد طُمس تاريخ الرّجل أكثر من نصف قرن وهو الذي يقيم حذو الشمس تمامًا بل هو الشمس الوحيدة التي كانت تسكن قلوب النّاس. كان الرّجل كوكبًا جميلاً في ليل مظلم باردٍ. وما أتفه أولئك الذين يقولون بالمجاهد الأكبر وزين العرب في محاولات سافرة لقتل النّجوم: فرحات حشاد ومحمد علي الحامّي والطاهر الحدّاد ومحمّد الطاهر بن عاشور...
❊ 2 ❊
في شارع لا أعرفه وحريّة لم أعرفْها ولدتُ يتيمًا وعشتُ لأروي هذا اليتم، حيث يكون »الغياب المركّب« (3) ضاربًا أوْتادَهُ لكن »يبدو أنّ الاشياء قطيع والأفكار ذئاب فضيّة« على حدّ عبارة علي أحمد سعيد (أدونيس) الذي لا يتكلّم إلاّ رمزًا من حيث هو يثوّر بنية العقل والفكر، لكن هيهات لزعيم تثوير العقل فقد فاجأته الثورة التونسيّة الجبّارة من حيث لا يدري، حيث كان خارج أحلام الشعوب العربيّة. اختار المنفى وترك الخارطة العربيّة منذ عقود أشبه بشجرة خرّوب كبيرة، سوريالية جرداء تصفّر الرّيح بين أغصانها، أو أشبه ببقعة زيت كبيرة ممتلئة بالاقمشة والنّيران. حتى القائلون بالأمّة العربيّة رأيتهم يتحدّثون عن هيكل سليمان، لأنهم كانوا يتحدّثون عن إبرة في قشّ أو رمادٍ، في الوقت الذي كانت فيه الشعوب العربية ترزح تحت نير الطّغاة وعملاء الامبريالية والموساد وأعوان الماسونيّة...
❊ 3 ❊
في شارع لا أعرفه وحرّية لم أعرفها ولدتُ هناك، في ممرّ ضيّق لكنّّه يفتح على الينابيع، عشتُ يتيمًا حاملاً فأسًا لقلع الأشجار الهرمة ومشطًا لكشط الحجارة من حقل الشعر المطلّ على أودية ووهادٍ ونيران. ربع قرنٍ وأنا أحمل الكلمات التي لم أستطع أن أغيّر بها شيئا، حيث لم أكن سندًا لهذا الشعب الأبيّ. لم أكن فوهةَ بركان أو بندقيّة قتال تُصَوّب نحو رأس الدّكتاتور لكنّي كنت أعرفُ أنّ عام 2010 كانَ العشاءَ الاخيرَ على موائدهم. لم أعوّل، على أحد من سدنة النظام ولن أعوّل على أحد من الغبار المؤقّت لأنّهم يواصلون قتلنا كلّ يوم.
إنّ الرّقصة الأخيرة للوزير الأوّل المؤقّت في ندوته الصّحافيّة الأخيرة، هي رقصة »نوح« على سفينة عمره الطّويل. وزير مخضرمٌ مازال يتوهّم أنّ بورقيبة »مخلّص البلاد والحبيب الغالي«. هيكل عظميّ مؤقّت ينظر في ساعته كلّ دقيقة في عجلةٍ من أمره فلم يحترم من الصّحافيين أحدًا. لذلك أطلبُ من جميع الرّفاق الصحافيّين مقاطعة كلّ النّدوات الصّحافيّة لهذا العجوز ومطالبته بالتّنحّي فورًا لأنّه مثير للشفقة ممّن حُقّ عليهم القول ولْيخْرُج منها ملُومًا مدْحُورًا! حذار أيّها الرّفاق يا حملة المشاعل والأقلام إنّ الوزراء العجائز مضرّون بالصّحة: صحّة الثورة وصحّة الشعب وصحّة الحرّية!
»نفسي حزينة حدّ الموت« (4) لأنّ الظّلام يخيّم من بنزرت إلى الذّهيبة ومخيّمي »شوشة« و»راس جدير«. فلْتخْرس كلّ الأصوات المأجورة من عملاء الامبرياليّة والبنك الدّولي وبنوك الاتحاد الاوروبي والبنك الافريقي للتنمية. حكومة تصريف أعمال وغبار مؤقّت تغرق البلاد في ديون أخرى وتقبل الهباتِ حسب أجندات خارجيّة!
(❊1) آية من القرآن الكريم.
(❊2) سركون بولص.
(❊3) سليم دولة.
(❊4) من أقوال السيد المسيح عليه السلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.