من المظاهر المحمودة التي تمخضت عن انتفاضة الشعب التونسي ضد نظام الاستبداد والقمع اعتصامات العمال والموظفون في المؤسسات العمومية أمام مقرات الإدارة بدافع المطالبة المهضومة، وهذا حق لا جدال فيه لما تعرضت له هذه الفئات من غبن وتهميش لكن ما يدعو الى الفزع والخوف على تأسيس الثورة هو مضمون الشعارات التي ترفع أثناء الاحتجاجات ومن اخطرها »الأولوية لأبناء الشركة والمؤسسة« فشعار الأولوية لأبناء الشركة وإن كان في الظاهر يطالب بأولوية انتداب أبناء المؤسسة للعمل فإنه يحمل في طيّاته داء في ثقافتنا الاجتماعية ولم يندمل بعد بفعل الانتفاضة ويتمثل في المحاباة والمحسوبية وتبجيل مواطن على آخر وبالتالي تصنيف هذا الشعب بإقصاء شريحة مهمّة من حقها في العمل في المؤسسات التي لا يشتغل فيها ذويهم. وهنا نتساءل عن أبناء الكادحين والعاطلين والمهمشين ... الخ في أي مؤسسة يمكنهم العمل؟ فشعار الأولوية لأبناء الشركة هو شعار » فتاك« يؤسس لتنظيم اجتماعي يقوم على التفرقة بين فئات الشعب، فيصيّر المؤسسات ملكية خاصة للمشغلين بها ويحصر الانتداب في أبنائهم بالتالي يشرّع توريث الحقّ في العمل. فشعار »الأولوية لأبناء الشركة « يقصي أهم مطالب الانتفاضة وهي المساواة والعدل والكرامة ويبقى على سياسة ما قبل 14جانفي والمتمثلة في آلية »الأكتاف« كما يقضي في ظاهره محسوبية المسؤولين ويرسخ في باطنه آلية خطورة وهي محسوبية العمال والموظفين .