أكان الشاه والشاهات فينا من أصابعنا ولم نعرف؟ وكم شاه أقام على أصابع أقام هناك في فندق أقام هناك في خندق أقام ولم نكن نعرف؟ أحقا لم نكن نعرف؟ لكننا من الحقيقة نعرف كل شيء ونخفي الحقيقة ونتوارى وراء اقنعتنا المزيفة ويلهث سماسرة الوطن والشعب وراء مصالحهم، وراء أرباحهم ويظهرون في وسائل الاعلام منتفخي الصدر يرددون العبارات الثورية ويرفعون شعارات الثورة وحب الوطن ولكننا نعرفهم ونعرف ماضيهم وحاضرهم واي مستقبل ينتظرهم وسيكون مصيرهم نفس مصير المخلوع الذي رمى به الشعب في مزبلة التاريخة. ثار الشعب التونسي لانه سُلب كل ما يملك من امواله، خيراته شركاته وكرامته سُلب الحق في المستقبل والحق في العيش ثار لانه اختنق من الديكتاتورية انتفض من أجل استرجاع سيادته على أرضه، من أجل استرجاع ممتلكاته التي نهبتها المافيوزة النوفمبرية العميلة بامتياز للدوائر والرأسمالية العالمية ومن أجل حقوقه والعيش من مناخ ديمقراطي يمكنه من الابداع والتقدم. ولكن الواقع اليوم عكس ما أراده الشعب فقد التفت الامبريالية عبر عملائها بتونس على ثورته وتنكرت لمطالبه الاجماعية والسياسية فالمواطن التونسي يعيش وضعا اجماعيا واقتصاديا ونفسانيا مزريا خاصة مع سيطرة الاحتكاريين على المو اد الاساسية فأثمان الخضر والغلال تعرف ارتفاعا كبيرا الفلفل مثلا وصل سعره الى 1800مي وهو ثمن مرتفع جدًا مقارنة بنفس الفترة من السنوات الماضية اي انه تضاعف ما يقارب ثلاث مرات اضافة الى غياب مواد اساسية اخرى نذكر خاصة الزيت الذي فقد من السوق التونسية يضطر المواطن الى شراء زيت «القطانيا» بما يفوق?الثلاثة دنانير وهنا نتساءل اين تبخر الزيت؟ وهل يستطيع المواطن ذو الدخل المحدود ان يجابه هذا الارتفاع الكبير للاسعار خاصة امام ضعف دخله والنقص الواضح لمواطن الشغل؟ وحتى الشرائح الوسطى أصبحت عاجزة عن مجاراة نسق الارتفاع خاصة أمام بقاء المداخيل في نفس المؤشر ولا يكفى الشعب ذلك فقد قامت شركة السكك الحددية بالترفيع من ثمن تذاكر التنقل في اتجاه احواز العاصمة ليحرم المواطن حتى من التمتع بالشواطئ اضافة الى كل ذلك انعدام الامن وكثرة حوادث السرقة. امام هذا الوضع لا تحرك لا الحكومة المؤقتة ولا الاحزاب السياسية ساكنا لمواجهة الوضع ولا نسمع سوى الحديث عن الانتقال الديمقراطي وانتخابات المجلس الوطني التأسيسي وتمويل الاحزاب والحداثة ولا نرى في المشهد السياسي سوى الصراعات والتراشق بالتهم فكيف لشعب يعيش هذا الوضع الاجتماعي والاقتصادي الخانق والصعب ان يهتم بالشأن السياسي ويشرك فيما يسمى «تحقيق الديمقراطية»؟ ولكن الحقيقة غير ذلك فالممسكون بدواليب الدولة يسعون بكل الطرق الى انعاش خزينة الدولة وعوض ان يتوجهوا الى استرجاع اموال الشعب المنهوبة من قبل بن علي ومافيوزته وان يتتبعوا الأموال التي نهبتها عديد العصابات ورجال الاعمال المرتبطة بالطرابلسية وان يؤمّموا الشركات الوطنية التي تمت خوصصتها بطرق غير شرعية وبيعت باثمان زهيدة عوضا عن كل هذا فالحل الاسهل للحكومة هو بتعميق أزمة الشعب التونسي واستغلاله وتفقريه اكثر وذلك عن طريق الترفيع من اثمان الاساسية وعدم مراقبة الاحتكاريين والاقتصاد بصفة عامة واغراقه في الديون وب?لتالي فحتى في هذا الوضع الثوري مازال الخاسر الوحيد هو الشعب التونسي من الفئات المتوسطة والفئات الفقيرة والمهمشة والرابح هي نفس الفئة التي نهبت البلاد وخربتها في عهد بن علي ومن وراءها سيدها الاول الامبريالية العالمية التي في أوقات الازمة والفوضى التي تخلقها تزيد من استغلالها ومن ربحها وثرائها. اما بالنسبة إلى معظم الاحزاب السياسية فقد تخلت بوضوح عن تبني المطالب الاجتماعية والاقتصادية للشعب التونسي لتنخرط بأسلوب انتهازي ومكشوف في لعبة الديمقراطية المزعومة وتسعى جاهدة الى ارضاء اسيادها من الخارج سواء الامبريالية الامريكية او الامبريالية الفرنسية مقدمة نفسها كبديل لنظام بن علي من أجل حماية مصالحها في تونس وتمرير كل المشاريع المسقطة والمفقرة لشعبنا والمدمرة لاقتصادنا وتعليمنا وثقافتنا وهويتنا وخير دليل على ذلك عدم تجريم التطبيع في «العهد الجمهوري» اذ ان معظم هذه الاحزاب تعتبر التطبيع موقفًا سياسي?ا غير ثابت يتغير مع متطلبات كل مرحلة ولكن في الواقع فان مناهضة التطبيع هو مبدأ لا يمكن الحياد عنه فالحركة الصهيونية والامبريالية العالمية وجهان لعملة واحدة ولا غاية لهما سوى نهب ثروات الشعوب واستغلالهما والسيطرة عليها فكيف لاحزاب تدعى اليسارية، القومية، العروبة ان تتخلى عن قضية الشعب الفلسطيني وعن حقه في استرداد كامل اراضيه وعودة كل لاجئيه واستعادة ديارهم وممتلكاتهم؟ اضافة إلى ذلك فالحراك الثوري في تونس سمح بميلاد المئات من الجمعيات التي تتدعي النضال من أجل تنمية عادلة ومتوازنة ولكن في الحقيقة اغلبية هذه الجمعيات مرتبطة ارتباطا وثيقا بما يسمى «المنظمات غير الحكومية» الممولة من قبل الاتحاد الاوروبي والتي تمول بدورها برامج عمل الغاية منها محاولة التخفيف من استغلال رأس المال ولكن في الواقع فهي تقوم باخفاء واقع الاستغلال الفاحش للشعوب عبر تجميل الامبريالية ومحاولة اضفاء طابع انساني عليها داعية الى التعايش السلمي بين مكونات المجتمع. انطلاقا مما ورد فالأمور واضحة وجلية فما يقع في تونس اليوم وبقية الدول التي تعرف حراكًا اجتماعيًا وثوريًا الهدف منه ليس مجرد انتقال ديمقراطي او تحقيق بعض الحريات الساسية ولكن ما يحدث هو صراع طبقيّ بين من يملك الثروة ووسائل الانتاج وبين المفقرين والمهمشين. لذلك نقول لكل من يقترحون التعايش السلمي بين ناهبي خيرات الشعوب الذين لا يتوانون عن المشاركة في حكومات تدفع الديون وترفض اعطاء الاراضي للفلاحين الصغار وتخوصص السكك الحديدية والمرافق العامة وتزيد من بؤس الشعب ويقولون بان الرأسمالية المؤسسة على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج أفق لا يمكن تجاوزه نقول لهم بان الفوارق المتعددة للانسانية تزداد حدة من يوم إلى آخر والتي تعيش التقسيم والخصاصة هي نتاج لنظام رأسمالي وصل إلى مرحلة توقفت فيها قوى الانتاج على التطور ولا يمكنه ان يتواصل إلا بالحروب، بالبؤس، وبالمجاعات وتقسي? وتحطيم الشعوب وكل قواعد الديمقراطية. نقول لكل هؤلاء بأن الشعوب المفقرة لم يعد لها ما تخسر ولكن في المقابل بالثورة يمكنها ان تكسب عالما جديدا وان تسترجع حقوقها وسيادتها وثرواتها وان تسعى الى تحقيق الملكية الجماعية لفائدة الانسانية جمعاء. هذا رد على كل المتخلين عن مطلب الشعب التونسي، على كل الذين يسعون وراء مصالحهم الذاتية والحزبية الضيقة وعلى كل القائلين بان الزمن ليس زمن الصراع الطبقي وليس زمن تحقيق حقوق العمّال والمفقرين والذين يسعون إلى افراغ اليسار من محتواه الثوري تحت تسميات مختلفة ويعتبرون انفسهم يسارًا حديثًا.