مرّت عجلة الأحزاب بسرعة البرق. أحزاب مرّت تحت الجسور ولم يرها أحدٌ وأخرى مرّت فوق الجسور فلم تعبر إلاّ بركة متعفّنة ولم تعبر نهرًا. ربّما لم تعبُرِ الأحزاب سوى قوسِ قُزَحٍ وقوسٌ قزحٍ له علاقة بالشيطان في الثقافة العربيّة. منذ انتشرت الأحزاب مثل البعوض والقُراد والقُمّل كنت أشعر برائحة تنبعث في كلّ مكان هي بالضرورة رائحة الانتهازية والتجارة الرّخيصة. وعلى هذه الكائنات الصّغيرة أن تعود من حيث أتت وتلتئمَ في شكل مصبّات مياه وتذهب إلى جحيم البؤس اليوميّ الذي تعيشه الأوساط الشعبيّة. لماذا مارست الأحزاب كذبها المقيت ونفاقها واستدرارها للعواطف؟ كيف لهذه الحشرات الصغيرة أن تعالج إرثا رهيبًا من الخوف والخسارة والنّهب والاحتكار؟ وكيف لها أن تجابه أكثر من نصف مليون حالة بطالة ومديونية ثقيلة رهنت الحجر والشّجر والبشر إلى يوم يُبعثون! ولا أرى حقّا سوى تعليق الدّيون وإلغائها. على الأحزاب والجمعيات والمنظمات تعليق هذه الديون لأنّها هربت في جيب بن علي وعائلته وعائلة أصهاره وبعضها بقي في جيوب أزلام تعيش بيننا! وعلى الدّول الدّائنة أن تسترجع ديونها من أرصدة المجرمين واللّصوص. هذا المطلب الأساسي للشعب التونسي المفقّر من الحكومة الانتقالية القادمة والمجلس التأسيسي والأحزاب والمنظمات. ❊ ❊ ❊ لا أعتقد أنّ حزب الأزرق والأبيض قادر على إيقاف النزيف (البطالة والمديونية وغلاء الأسعار اليوميّ) بإحداث صندوق »زكاة« هو عبارة عن صندوق آخر كاذب اسمه »26/26«. فالوضع الاجتماعي والاقتصادي يؤذنُ بالخراب والإتلاف والحرق والنّهب. لا أرى أنّ حزب الأزرق والأبيض قادر على بناء مأوى لآلاف المتسوّلين وعابري السّبيل والجياع والمحرومين والمدمنين في المحطّات وعربات القطارات والشوارع والأسواق والأزّقة. أطالبُ زعماء الأحزاب جميعهم بالخروج على سيقانهم لزيارة المحطّات والشوارع والصعود في الحافلات وعربات الميترو والقطارات. وأنا متأكّد من أنّه سيقع نشل هواتفهم الجوّالة وأموالهم وسيقع الاعتداء عليهم في الأزقة المظلمة والأماكن المنزوية وفي وضح النهار. وسيعرف حزب الأزرق والأبيض مواء قطط المزابل وعواء أعمدة الكهرباء لأوّل مرّة!