إنّ التوجّه الذي يعمل على ربط مدارس المهن بما سمّي « مشروع المؤسّسة « و الذي يُخضع بدوره هذا الفضاء التربوي لمتطلّبات السّوق و تدخّل أطراف خارجيّة تفرض برامج ظرفيّة مترابطة و خادمة لمصالحها، لا يُكسب التّلميذ معارف تقنيّّة تجعل منه عاملا مختصّا و مكتسبا لمعارف نظريّة و تطبيقيّة في مجال معيّن. إنّ هذا التوجّه يرمي إلى التخلّص التدريجي من عبء هذه المدارس و من التكلفة و الاعتمادات الماليّة التي يتطلّبها تسييرها كما أنّ حشر التلاميذ المفصولين عن التّعليم في مدارس المهن في اختصاصات غير مؤهّلين لاكتسابها و استيعابها تُفقدهم القدرة على الخلق و الإبداع. إنّ ذلك يعمّق أزمة هذه المدارس و يشرّع لدى سلطة القرار التوجّه نحو التخلّص منها. إنّ التّعليم المهني و التقني في قطرنا ضرورة ملحّة لتلبية حاجات المجتمع ( أفرادا و مؤسّسات ) و إنّ ذلك لن يكون إلا بوجود تقنيّين أكفّاء ذوي تكوين عميق يربط بين النّظري و التّطبيقي و تدفعهم الرّغبة في متابعة مثل هذا الاختصاص لذلك نقترح هذا التصوّر من أجل تطوير أوضاع مدارس المهن على كل المستويات و ارتباطها بالمنظومة التربويّة. Iتشخيص واقع مدارس المهن 1 الجانب القانوني لهذه المؤسّسة التربويّة : نلاحظ غيابا قانونيّا كلّيا يتعلّق بهذه المؤسّسة التربويّة و عدم إدراجها في هيكلة المنظومة التربويّة ممّا يخلق وضعيّة قانونيّّة ينتج عنها استتباعات لا قانونيّّة بدورها ( غياب إسناد شهائد قانونيّّة معترف بها ) وعدم احتساب سنوات الدّراسة في تحديد المستوى الدّراسي للتّلميذ. 2 الفضاء الخاصّ بمدارس المهن : تفتقر هذه المدارس إلى أبسط شروط السّلامة و لا تتوفّر فيها جوانب الصّحة و أغلب مبانيها متداعية للسّقوط و بعضها مصنوع من مواد محظورة دوليّا ( Amiante Ciment) وغياب قاعات اختصاص و ورشات. 3) البرامج و المناهج والتمشّيات المعتمدة بمدارس المهن : غياب السّند القانوني للبرامج و المناهج و المراجع المعتمدة في مدارس المهن وعدم مواكبتها للتّطوّر العلمي و التّكنولوجي و تمّت صياغتها بصفة ارتجاليّة و مهمّشة. 4) نظام التقويم و التأديب بمدارس المهن : - غياب نظام تقويم موحّد وطنيا. - اعتماد طريقتين في التقويم واحدة بالنسبة إلى مواد التعليم العام و ثانية خاصة بالمواد التطبيقية و تنفرد مدارس المهن بعدم تطبيق نظام التقويم و الامتحانات المعمول به في بقية المدارس العموميّة . - غياب الإطار القانوني المحدّد لنظام التربية و التأديب داخل مدارس المهن . 5) التلميذ بمدارس المهن: يؤمّ المرفوتون و المنقطعون القدامى و الجدد من التعليم العام مدارس المهن علما و أنّ هؤلاء المرفوتين تمّ طردهم لإستنفاذ إمكانيات الرّسوب و ضعف النّتائج أو سوء السّلوك و هم بعد ذلك يحشرون في فصول غيرمتجانسة عمريّا و علميّا . 6) الأستاذ بمدارس المهن : يكابد الأستاذ بمدارس المهن معاناة إضافيّة مقارنة بزميله في التعليم العام و من ذلك صعوبة التعامل مع تلاميذ محبطين علميّا و مقهورين اجتماعيّا و العطالة المفروضة على أستاذ مدارس المهن لعدم توفّر المواد الأوليّة وعدم استقرار الوضعية المهنية مع احتمال التعرّض للأمراض المهنية و حوادث الشغل أكثر من نظيره بالمدرسة الإعدادية و الثانويّة و صعوبة الإبلاغ النّاتجة عن الاستعمال الوظيفي المزدوج لنفس فضاء التدريس. غائية مدارسة المهن : تمّ بعث هذه المدارس بصفة ارتجاليّة و اعتباطيّة بعد تخلّي الدولة عن التعليم المهني وذلك لاستيعاب المرفوتين و المنقطعين دون تحديد الغائيّة الخاصّة لخرّجي هذه المؤسّسة التربويّة في حين نلاحظ تتويجا لخرّيجي مراكز التكوين المهني الخاصّ بإسناد شهادات و اعتماد معادلاتها في سوق الشّغل. II - التصوّر النّقابي لمستقبل مدارس المهن : يُمكن حصر ملامح « المدرسة الإعداديّة التقنيّة « التي ستحلّ محلّ مدرسة المهن في النّقاط التّالية : 1) السند القانوني لهده المؤسّسة : نطالب بإضفاء الجانب القانوني على هذه المؤسّسة لتقنين نشاطها و غائيّتها و اعتبارها جزءا من المنظومة التربويّة و صنفا قانونيّا من المدرسة العموميّة و استبعاد كلّ محاولات تهميشها و تتفيه دورها و اعتبارها « مدرسة إعداديّة تقنيّة « . 2) غائيّة « المدرسة الإعداديّة التقنيّة « : نطالب برسم مسلك مهني يتوّج ببكالوريا مهنيّة ويتمّ توجيه التلاميذ إلى هذا المسلك من السّنة السّادسة أساسي أو التّاسعة حسب المهارات و الإبداع اليدوي و رغبة التّلميذ، و يتحصّل المتخرّج على شهادة الكفاءة المهنية ( C.A.P ( يمكّنه من الالتحاق بمراكز التّكوين المهني و سوق الشّغل ، أمّا المتفوّقون منهم فيواصلون الدّراسة للحصول على بكالوريا مهنيّة. ) البرامج و المناهج : - اعتماد برامج و مناهج و مراجع رسميّة معرّبة و سلسة تواكب التطوّر العلمي و التكنولوجي و تمكّن التلاميذ من المعرفة النظريّة و التطبيقيّة و صقل مواهبهم انسجاما مع ما تلقّوه. - اعتماد طرق بيداغوجيّة تربط بين النّظري و التطبيقي. - ملاحظة : إمكانيّة خلق اختصاصات جديدة مواكبة للتّطوّر التكنولوجي. ) نظام التقويم و التأديب بالمدارس الإعداديّة التقنيّة : توحيد نظم الامتحانات و التّقويم و التّأديب على غرار ما هو معمول به في الإعداديّات و المعاهد الثانويّة و تشريك المدرّسين في صياغة البرامج و نظام التّقويم. 5) التلميذ : المدرسة الإعداديّة التقنيّة : أ الكفّ عن قبول التلاميذ المرفوتين و المنقطعين من التعليم العام بالمدارس الإعداديّة التقنيّة المستقبليّة. ب ضبط مقاييس توجيه علميّة من السّنة السّادسة أو التّاسعة أساسي. ) أستاذ المدارس الإعداديّة التقنيّة : - السعي إلى تدارك النّقص الحاصل في بعض الاختصاصات. - الإحاطة العلميّة و المهنيّة بسلك التّدريس العامل بالإعداديّات التقنيّة. - توفير السّلامة ضدّ حوادث الشّغل و الأمراض المهنيّة . - عدم تكليف الأستاذ بمهام خارجة عن خطّة التدريس التي انتُدب من أجلها. 7) فضاء المدرسة الإعداديّة التقنيّة : - توفير فضاءات وظيفيّة مجهّزة بشروط السّلامة المهنيّة و قاعات ذات مواصفات علميّة قاعات مختصّة، ورشات و مخابر. - تجهيزات و أدوات مواكبة للتّطوّر التكنولوجي . - مواد أوليّة كافية لتطبيق البرامج الرسميّة و تتكفّل الدّولة بالتمويل . مدرسة عمومية نعتبر أن الصراع من أجل مدرسة عموميّة موحّدة و تعليم مجاني يمرّ أيضا عبر إعادة الاعتبار للتّعليم المهني و العمل اليدوي و إنّنا نجمل القول في ما يلي : - إضفاء الطّابع القانوني على المدارس الإعداديّة التقنيّة و اعتبارها جزءا من المنظومة التربويّة و صنفا آخر من المدارس العموميّة . - ربط المدارس الإعداديّة التقنيّة بالإنماء الاقتصادي و اعتبار التّعليم التّقني سبيلا إلى تحرير الفرد والشعب والأمّة .