ان المتعقب لمآل الاحداث او التطورات الاخيرة في تونس يلاحظ من الوهلة الاولى ان «نشوة الانتصار» بهروب المخلوع والتي تبرز من خلال مصطلح «الثورة» المتداول في مختلف وسائل الاعلام المحلية وحتى العالمية لم يعد يغطي مرارة الواقع اليومي وارتفاع نسب الفقر والبطالة والامية والعجز الاقتصادي المتفاقم. ان مجرد ذكر كلمة ثورة يعد تعتيما على الواقع المعيش، فما بالك حين تواتر على مسامعنا عشرات المرات يويما وفي مختلف الامكنة ومع كل نشرة اخبارية. ما تغير وما لم يتغير حين لا يتغير شيء بعد نظام التغيير المزعوم مع بن علي ونظام تغيير أوباما؟ لا تستغربوا وركزوا جيدا فهناك علاقة وطيدة بين التغييريْن. لم تكن الثورة تعني الا التغيير. انه تغيير في المضمون وطرق التفكير والعقول ولكن من دون شك انكم سمعتم عن ثورة الموضة او ثورة اللباس وعارضات الازياء، تلك هي الثورة وذلك هو معناها. أو ليست الملابس الداخلية ثورة؟ اضف اليها النقاب انه ايضا ثورة اي الخروج عن المعتاد والمألوف. نعم لقد «ثرنا» في تونس من أجل الملابس الداخلية ومن اجل النقاب! ولكن ما يزيد الطين بلّة هو تصريح احد اعضاء المجلس التأسيسي عن حزب فاز بعدد كبير من المقاعد بان مسألة النقاب تستوجب استشارة وطنية. لابد ان فقراءنا في المناطق الداخلية سيأكلون النقاب، ولابد ان اقتصادنا المنهك سيستعمل النقاب عملة جدية في السوق ولكن بعد ان تكون الملابس الداخلية حلا لسياحتنا المنكوبة. ذلك هو التغيير الذي حدثتكم عنه وتلك هي العلاقة بين تغيير بن علي وتغيير أوباما وهكذا اريد بنا ان نكون. انها الحرية الموعودة والتي يجب ان نسأل اوباما عنها ودون عناء سيقول لنا انها تمثال في امريكا فلا تترددوا في زيارته كما يفعل الكثيرون ولكنه لن يخبركم بان الحرية ايضا اسم لجريدة حزبية كانت لسان حال التجمع الدستوري الديمقراطي. ثورة الاشكال ونظرية التمثال يبدو ان المعنى قد اتضح الآن، تغيير بن علي وتغيير اوباما سأقول كلمة واحدة هنا وهي ان الرئيس الامريكي نسي ان يشكر بن علي لانه منحه عنوانا لحملته الانتخابية السابقة، وبالتأكيد فالعلاقة بين التغييريْن تتعدي العنوان الى المضمون. شكرا بن علي شكرا أوباما فقد منحتمونا ثورة النقاب والملابس الداخلية لنبقى اذن مجرد تماثيل ثورية.