على الساعة العاشرة صباحا من يوم الاربعاء 15 فيفري 2012 شهدت المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية في مختلف انحاء الجمهورية حركة لافتة شاركت فيها كل الاطراف من اساتذة وقيميين والادارة وتلاميذ وذلك استجابة للبلاغ الصادر عن النقابة العامة للتعليم الثانوي يوم 7 فيفري 2012 والذي دعت فيه كافة التشكيلات النقابية الى المساهمة بكثافة في اليوم الوطني التحسيسي حول استحفال ظاهرة الاعتداء على المربين وعلى كافة العاملين بالمؤسسة التربوية حيث ازداد الوضع التربوي ترديا وتعقيدا امام ما ميز أداء سلطة الاشراف من صمت وعدم اكتراث امام ما يجرى في المدة الاخيرة. أهداف اليوم التحسيسي اليوم التحسيسي الذي دعت اليه النقابة العامة للتعليم الثانوي تمحورت فعالياته حول ثلاث مسائل رئيسية: أولا: فتح حوارات مع كافة العاملين داخل المؤسسة التربوية حول كيفية حماية المؤسسة من الاعتداءات تحت اشراف النقابات الاساسية. ثانيا: تنفيذ وقفة احتجاجية رمزية ب 20 دقيقة وذلك من الساعة العاشرة الى العاشرة وعشرين دقيقة صباحا. ثالثا: تأثيث المؤسسة باللافتات والشعارات والملصقات التوعوية ضد العنف داخل الوسط المدرسي. وكانت الهيئة الادارية القطاعية المجتمعة يوم 3 فيفري 2012 قد اعلنت رفضها لكل اشكال العنف المادي واللفظي المسلط على المدرسة وعلى كافة العاملين بها مهما كانت الدوافع والغايات ومهما كانت الافراد والمجموعات المرتكبة لهذا الجرم في حق قطاع التربية. وأدانت الهيئة الادارية في نفس اجتماعها الصمت المريب ازاء ما يحدث والذي ما انفكت تنتهجه مختلف الجهات الرسمية من وزارة التربية الى مختلف السلطات المركزية والجهوية والمحلية. كما عبرت الهيئة الادارية عن استيائها الشديد من استمرار الاعتداءات وتواصل التراخي في التصدي لها مؤكدة استعداد رجال التعليم للوقوف الفعلي والميداني دفاعا عن كرامة المدرسين وحرمتهم الجسدية وسلامة التلاميذ والمشرفين على تأطيرهم وتأمين المدرسة بكافة الاشكال النضالية المشروعة. مؤتمر صحافي: دقة ووضوح ومن جانبها عقدت النقابة العامة للتعليم الثانوي نهاية الاسبوع الماضي مؤتمرا صحافيا قدم من خلاله الاستاذ الاسعد اليعقوبي الكاتب العام مواقف النقابة العامة من جملة المسائل المطروحة وأهمها ملف المفاوضات، حيث بين ما تواصلت اليه النقابة من اتفاقيات ترجمت بعض المكاسب غير المالية رغم ان عديد المطالب للتعليم الثانوي ظلت عالقة منذ سنوات نظرا لدقة الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد. وقد تعلقت الاتفاقيات بالانتداب في وزارة التربية ووزرة الشباب والطفولة وبوضع مقاييس ضرورية يرتبط الاول بعمر المترشح ويتعلق الثاني بأقدمية الشهادة العلمية رافضة النقابة العامة بذلك شرط الاختبار الشفوي الذي اقترحته سلطة الاشراف لما له علاقة بالولاءات وبالمحاباة وبالرشوة. وبين الاستاذ الاسعد اليعقوبي ان النقابة العامة للتعليم الثانوي اختلفت مع وجهة النظر الرسمية حول الاصلاح التربوي والتي اعتمدت على طرح الملف على المستوى الدولي بمشاركة البنك الدولي وهو ما شكل في نظرها حيفا ضد الشأن الوطني بكل مكوناته الحزبية والمدنية والحكومية. وابرز الكاتب العام ان النقابة العامة للتعليم الثانوي التي تؤمن بالمدرسة العمومية مازالت تناضل من اجل ان يكون التعليم عموميا ومجانيا وديمقراطيا وذا مضامين تقدمية تجذر التلميذ في هويته العربية الاسلامية وتُنمَّى فيه القدرة على الانفتاح مع حضارات العالم أخذا وعطاء. وتعرض الاستاذ الاسعد اليعقوبي لجملة من القضايا الاخرى تتعلق اساسا بالنقاب الذي يتناقض ومبدأ التواصل البيداغوجي فضلا عن كونه وسيلة للغش والعنف سيما ان المؤسسة التربوية مقبلة على امتحانات. وركز الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي تدخله حول ملف العنف من حيث الاسباب والتداعيات والنتائج، مقدما في السياق ذاته نماذج عن هذا العنف ودراسة مقارنة بين درجة استفحاله من السنة الدراسية الماضية والنسب المسجلة خلال السنة الدراسية الحالية. بنك بيانات مفزع وتولت النقابة العامة للتعليم الثانوي توزيع بنك معطيات يتضمن نماذج من الاعتداءات على المؤسسة التربوية على غرار ما وقع في المدرسة الاعدادية «الجمهورية» بالمنيهلة حيث هاجم عدد من الاولياء المدرسة محاولين تعنيف الاساتذة على خلفية طرد تلميذ لمدة قصيرة. معتمد يسبّ الجلالة وشهد معهد دور هيشر من ولاية منوبة اعتداء مادي من أحد الغرباء على تلميذة ومحاولة مجموعة من الغرباء تعنيف المديرة وحضور معتمد المنطقة وتبادل سب الجلالة مع عملة المعهد. قنبلة مسيّلة للدموع وعرف معهد رواد بأريانة دخول مجموعة من مخمورين بسيارتهم المعهد والاعتداء على تلميذة كما عرف نفس المعهد صراع بين مجموعتين على أسوار المعهد جعل أحد الأطراف (عون أمن) يرمي قنبلة مسيّلة للدموع حذو المعهد ممّا تسبب في ارهاب التلاميذ وإلحاق الضرر بالبعض منهم. الجنس في مخبر فيزياء ولم يسلم معهد بن أبي الضياف بمنوبة من العنف حيث تمّ ضبط تلميذ يجامع زميلته داخل مخبر الفيزياء مثلما عرف نفس المعهد تهديدات أحد التلاميذ (الذي ينتاول كميات من مخدّرات) بقتل الأساتذة واحراق المعهد. حملة فايسبوك ولم يسلم معهد الكرم بتونس (I) من دخول الغرباء بشكل يكاد يكون يوميا قصد تأطير التلاميذ وحثّهم على الاعتداء على الأساتذة فضلا عن أن مدير وناظر المعهد المذكور لم يسلما من السب والشتم والاهانة من قبل هؤلاء الذين قاموا بحملة شعواء عبر الفايسبوك للاساءة إلى أستاذة عضو بمجلس التربية قصد اقالتها وحملها على النقلة الى مؤسسة أخرى. استعمال أسلحة بيضاء أمّا على صعيد المؤسسات التربوية داخل الجمهورية، فقد عرف معهد المظيلة بولاية قفصة تكرار احداث العنف بشكل تصاعدي واستعمال أطراف غريبة عن المعهد أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة. كما قام بمعهد 2 مارس بقفصة بالاعتداء على قيّم عام بالعنف الشديد بما تسبّب له سقوط أسنانه!! ولي وابنه يعنّفان أستاذًا ! وفي معهد الأغالبة بالقيروان قام أحد الأولياء باقتحام قاعة الدرس وعنّف أحد الأساتذة كما قام أحد الأولياء رفقة ابنه بتعنيف أستاذ باعدادية الحصري بنفس الولاية. بيانات تهديد وفي سيدي بوزيد قامت مجموعة من العاطلين عن العمل باصدار بيان يهدّدون من خلاله الأساتذة والنقابة. تكفير المربّين أمّا في معهد أكودة بسوسة، فقد اقتحم غرباء المؤسسة ورفعوا شعار Dégage في وجه أستاذيْ فلسفة بدعوى إلحادهما، كما عرف معهد بالنفيضة اعتداء عناصر خارجية بالعنف الشديد على أحد الأساتذة وصفع تلميذ لأستاذ داخل قاعة الدرس!! الحرس يعنّف المطالبين بالماء وفي اعدادية الهادي بن حسين تدخل عناصر أجنبية المؤسسة وهي مدججة بأسلحة بيضاء ثم تقتحم قاعات الدروس، كما سجلت اعدادية سوق الجملة بنفس الولاية اعتداء أعوان الحرس الوطني على التلاميذ المنفذين لوقفة احتجاجية مطالبين بتوفير الماء الصالح للشراب والمنقطع تقريبا منذ شهرين. أسئلة حارقة ولئن تعدّدت مظاهر العنف وتنوّعت أشكاله داخل جلّ المؤسسات التربوية في جلّ ولايات الجمهورية حيث لم يستثن هذا العنف أحدا من العاملين داخل المؤسسة. فإنّ الأسئلة المحيّرة التي تظلّ في حاجة إلى اجابة شافية هي تلك المتعلقة بتحديد الأسباب الموضوعية لتنامي تيارات العنف ذاته وضبط الأطراف التي تقف وراءه وخاصة تفسير أسباب صمت الوزارة المتواصل وعدم تدخل الجهات المعنية حتى يستتب الأمن ضمانا لنجاح دور المؤسسة التربوية التي تظلّ في حاجة إلى اصلاح جوهري وتأمينٍ لسير الامتحانات الوطنية القادمة.