هل يمكن القول بأن قضية الانتصاب الفوضي بمدينة تونس وعدد من ولايات الجمهورية قد أخذت طريقها نحو التسوية النهائية خاصة بعد أن تمت في ظلّ ثورة الحرية والكرامة هيكلة القطاع وتنظمه في نقابة مستقلة شكلت المخاطب الشرعي والكفء للسلط الادارية؟ حول هذا الموضوع استضفنا في صفحتنا المخصصة للنقابات التي ولدت من رحم الثورة السيد عبد المؤمن الذهبي رئيس نقابة التجار المستقلين والسيد عادل بن حسن والي تونس لصلته الوثقى بتسوية هذه القضية. يقول السيد عادل بن حسن حالما تم تعييني على رأس ولاية تونس وجدت امامي كما هائلا من المطالب الاجتماعية ومشاغل المواطنين كان ابرزها على الاطلاق ملف الباعة المتجولين او ما اصطلح على تعريفهم بباعة الانتصاب الفوضوي خاصة بعد ان صدر بشأنهم قرار بمنع الانتصاب اثر حالة الانفلات والفوضى التي شهدتها العاصمة مباشرة بعد 14 جانفي. في ذلك الوقت اضاف السيد عادل بن حسن جاءت مئات من هؤلاء التجار الى مقر الولاية مرددين شعارات الثورة ومطالبين بتوفير حل لوضعياتهم وكان لابد ان استمع اليهم فطلبت منهم تكوين لجنة لدراسة مطالبهم وتم الامركذلك حيث شعرت منذ البداية بنبرات صادقة في تبليغ صوتهم والتعبير عن معاناتهم، ولمست فيهم جدية بالغة في العمل بكرامة وبدأنا رحلة البحث عن الحلول خاصة بعد ان اسسوا نقابة مستقلة رأينا فيها مخاطبا كُفْءًا ملتزما ومؤمنا باهداف الثورة وبعد ماراطون من الجلسات والتفاعل والتعاون والمرور بعدة مقترحات توصلنا الي حل تمثل في ضرورة تسخير مقر الشركة التونسية للتوزيع سابقا الكائن بشارع قرطاج لإيواء هؤلاء التجار خاصة والشركة تمت تصفيتها منذ سنة 1994 والمبنى يقع على ملك المجلس الجهوي لولاية تونس. غير ان حالته الآيلة للسقوط بفعل التقادم وعدم الصيانة والتعهد فرضت علينا إعادة ترميمه فسعينا إلى رصد الاعتمادات الممكنة ودعونا كل المتدخلين من بلدية ووكالة التهذيب العمراني والمعهد الوطني للتراث وغيرهم إلى المشاركة في عملية إعادة التهيئة بما يستجيب لطبيعة الموقع وجمالية المظهر وسلامة التجار وحرفائهم. وأكد السيد عادل ان الاشغال تسير الآن بخطى حثيثة من أجل تيسير نقلة هؤلاء التجار اليه بأسرع وقت ممكن لأننا نشعر بمعاناتهم وبالمسؤوليات الملقاة علي عاتقهم خاصة في ظل قرارمنع الانتصاب وتواصل بطالتهم وحول طاقة الاستيعاب بين السيد عادل بن حسن ان هذا الفضاء سيؤوي في مرحلة اولى حوالي 500 تاجر من ذوي الاقدمية والحالات الاجتماعية المؤكدة وسيتم ذلك بالتنسيق مع النقابة التي اثبتت عبر كل الجلسات التي جمعتني بها انها جديرة بالاحترام والتعاون والتشريك الفعلي في كل ما يهم حياة هؤلاء التجار ورأى ان مدّ هذه النقابة سيصل عديد الجهات الاخرى خاصة أنّ المسألة تعد لدينا من أوكد اهتمامات الثورة واهدافها. وفي خاتمة حديثنا معه أشار السيد عادل بن حسن إلى ان ولاية تونس شرعت في البحث عن فضاء مماثل بسيدي حسين ويبدو ان هذا الفضاء متوفر وتتم الآن تسوية وضعيته العقارية لتنطلق تهيئته قريبا مما سيساعد علىخلق مواطن رزق قارة ويخفف من حدة الاكتظاظ على جانب الطريق. ولم يخف السيد والي تونس انه قام بعدة زيارات إلى هذه المنطقة حيث وقف عند عديد العوائق والهنات أكدّ انها ناجمة عن اهمال اداري وعدم شعور بالمسؤولية بجدية ونزاهة وأكد ان النية تتجه إلى فتح آفاق تنمية محلية بما يتماشى وخصوصيات المنطقة وكثافة سكانها وأعلن ان موفى شهر ماي القادم سيشهد انتهاء الاشغال الجارية على شبكة الطرقات. في مطلع حديثه معنا ركز السيد عبد المؤمن الذهبي رئيس نقابة التجار المستقلين عن ظروف نشأة هذه النقابة مبرزا ان القطاع يعد بالآلاف ويمتد علي كامل تراب الجمهورية ويعيش نفس الواقع من الشمال الى الجنوب واقع ظلّ علي مدى عقود من الزمن يتسم بالاقصاء والتهميش والريبة والتشكيك والقمع الذي يصل إلى حد السجن وقد تواصل هذا الواقع حتى بعد ثورة 14 جانفي حيث صدر قرار إداري يمنع عن هؤلاء التجار الانتصاب بكافة شوارع المدينة وانهجها وهو ما فاقم من المشاكل الاجتماعية للمئات من هؤلاء التجار الذين تجمعوا امام مقر الولاية مطالبين بحل لمعاناتهم وبتأسيس نقابة ترعى حقوقهم ومطالبهم وتحمي كرامتهعم وقد وجدوا في استشهاد البوعزيزي شرعية يستندون إليها وبدأ التحرك في اتجاه التأطير والقيام بالاجراءات الادارية والقانونية للاعلان عن تأسيس النقابة وذلك ما تم فعلا بمساعدة من السيد والي تونس الذي آمن بأحقية هؤلاء في تعاطي مهنتهم بشرف وكرامة وكذلك بمساعدة بعض الاقلام الصحافية الحرة والنزيهة والتي كانت ترقب واقعهم كل يوم وبمساعدة مشكورة أيضا من بعض رجال القانون. واضاف السيد عبد المؤمن الذهبي قوله هذه ظروف نشأة نقابتنا التي نتمنى ان يصل مدها الي كل الجهات وان يجد زملاؤنا المساعدة والتأطير وتوفر لهم الدوائر المسؤولة الفضاءات اللازمة لتعاطي تجارتهم وبكرامة محفوظة وتعاون نزيه وبنّاء تنتفي حالات الكر والفر ويسوده شعار «لا.. للفوضى... لا.. للتهميش». وبالمناسبة توجه السيد عبد المؤمن الذهبي بنداء إلى الحكومة المؤقتة من اجل ايلاء هذا القطاع العناية اللازمة والاحاطة الضرورية عبر توفير الفضاءات ورفع كل التضييقات علي نشاطه كما دعا الحكومة إلى تسريع وتيرة تهيئة فضاء شارع قرطاج لأن بطالة التجار المعنيين الذين كانوا ينتصبون بشوارع العاصمة قد طالت وبدأت تتفاقم مشاكلهم الاجتماعية بما يُخْشى معه العودة إلى الفوضى.