اجمع الذين عرفوه وعاشروه من أصدقاء وطلبة وعمال وخاصة منهم المهاجرين على ان اسمه اقترن بأغنية « بابور زمر» كلمات عم خميس زليلة. «بابور زمر بالصوت عالي يحمل شباب عالشعب غالي عالشعب غالي» إنه الفقيد الهادي غلة الذي رحل عنا جسدا في الأيام القليلة القادمة بعد أن سخر حياته لرفع راية الأغنية الملتزمة عاليا. الشعب التقت ببعض الوجوه التي عرفته عن قرب. الأستاذ الجامعي رضا الزواري: الفنان الهادي ڤلة عرفته في أواخر الستينات حينما كنت أدرس بجامعة السربون وكان هو يتابع تعلّمه بجامعة «فانسون». وكنا نلتقي باستمرار في الاجتماعات التي تقع بدار تونس بباريس تحت إشراف منظمة «UGET» التي تضم الطلبة التونسيين المساندين للاتحاد العام لطلبة تونس في محنته التي تعرض لها خلال مؤتمر قربة 71 المشهور والانقلاب على شرعيته. لم يكن ملتزما بأي تيار سياسي بل كانت كل أعماله في سبيل نصرة قضايا الحق و الوقوف إلى جانب المضطهدين وخاصة من العمال المهاجرين حيث كان يزورهم باستمرار ويغني لهم خاصة بضاحية «بال فيل» أين يوجد العمال التونسيون والجزائريون والمصريون. لقد توصل الفنان بفضل آلة العود و صوته الشجي أن يدافع عن المسحوقين و يبلغ صوتهم عن طريق أعاني الشيخ إمام و هو الذي كان سببا للتعريف به حتى لدى المصريين. المرحوم كان محبوبا لدى الجميع ويحرص على أن يكون صديقا لكل الأطراف السياسية والنقابية رغم قربه إلى الفكر التروتسكي وقد كان الجميع يرحب بقدومه من بعيد حيث عرف بنظّاراته الكلاسيكية. الشاعر و الروائي عبد الجبار العش: لقد حصل لي الشرف أن كنت من بين المدعوين لحفل تكريمه الذي انعقد يوم الجمعة 2 مارس 2012 بدار الثقافة بمدينة حمام الأنف و قد كان البرنامج غزيرا بالنشاط حضره جمع غفير من المحبين للهادي قله فضلا عن عدد من الكتاب والروائيين والشعراء ومن بينهم شقيق الراحل جمال قلة الذي غنى بالمناسبة ألقيت أنا كذلك قصائد مختلفة وأهديته قصيدة تحت عنوان: «مهبول» وقدّم الأخ جلال المخ مداخلة تحت عنوان «تجربة الإبداعية» وتم كذلك عرض شريط وثائقي لأغاني المرحوم هادي قلة. لقد عرفت من خلال الأمسيات التي كنّا نؤثثها سويا واكتشفت فيه الصوت الشجي العميق وكذلك الرجل المبدئي هادئ الطّبع. إن رحيل خسارة أتمنى أن الواقع الجديد يفرز مبدعين على شاكلته ليعزز المجموعات الملتزمة كالبحث الموسيقي وعيون الكلام ومحمد بحر وأولاد المناجم و الزين الصافي وغيرهم. أقول هذا لأني لاحظت أن الساحة لم تعد تفرز قامات مماثلة باستثناء العشريتين الأخيرتين اللّتين أهدتانا عادل بوعلاق ورضا الشمك.