مجموعة تركية تعتزم الاستثمار في زيت الزيتون التونسي..#خبر_عاجل    العرب قطر 2025: المنتخبان السوداني والجزائري يستهلان مشوارهما غدا الاربعاء    هدايا قد تقتل الهرمونات! تحذير عاجل للآباء حول لعب الأطفال    والي تونس يدعو الى تنفيذ برنامج لقنص الكلاب السائبة    عفو جبائي لتسوية الديون: البرلمان يصادق رغم رفض وزارة المالية!    عاجل/ قضية "انستالينغو": رفع جلسة الاستئناف وهذا ما قررته المحكمة..    بعد التضارب بين عدد الحاضرين والمصوّتين: البرلمان يستأنف جلسته وبودربالة ينبّه النواب..#خبر_عاجل    السجن مدى الحياة لملاكم مصري أنهى حياة ابنته    لكلّ تونسي: كيفاش تستغلّ ''تيك توك'' للتسويق وتحقيق الربح؟    النادي البنزرتي: غيام تام للترشحات.. ومساع لتكوين هيئة تسييرية جديدة    النادي الإفريقي: إستقالة جديدة في صفوف الإدارة    عاجل : أرقام صادمة في دولة عربية... كل يوم 270 شاب يعرّسوا عرفي    عاجل/ إصابة إسرائيليين اثنين بعملية طعن قرب رام الله..    البرلمان يواصل مناقشة الفصول الجديدة المقترحة لمشروع قانون المالية    عاجل - كأس العرب: شوف مباريات اليوم و القنوات الناقلة    نحو ارساء منظومة إسترسال ملائمة لنشاط الزربية والنسيج اليدوي في تونس    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    وزارة الصحة: انطلاق وحدة الإسعاف والإنعاش المتنقلة لخدمة المواطنين بغار الدماء    اكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن الإصابة بالأمراض العقلية..    المنستير تستعد لاحتضان الدورة 29 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح من 6 إلى 13 ديسمبر الجاري    منوبة: تركيز فضاء للمطالعة الرقمية بالمكتبة العمومية بطبربة    تراجع أسعار لحوم الدجاج في تونس...علاش؟    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    عاجل/ هذا ما كشفته التحقيقات في حريق شركة النقل بساحل..    عاجل: 3 سنوات سجن لرجل أعمال من أجل هذه القضية..    حركة لاعب سوريا بعد الهدف على تونس تثير الفضول ... شنوّا حكايتها ؟    هل يُعدّ بنك تونس العربي الدولي أفضل بنك في تونس؟    عاجل: موعد وصول التقلّبات الجوية الى تونس...ريح وأمطار وبرد    نسبة الفائدة تنخفض الى أدنى مستوى منذ 2023!    مدرب المنتخب القطري: أهدرنا فرص التسجيل أمام منتخب فل..سط..ين وعلينا استعادة التوازن سريعا    بطولة إسبانيا: رايو فاليكانو يتعادل مع فالنسيا 1-1    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    البريد التونسي يصدر سلسلة طوابع جديدة تحت عنوان "نباتات من تونس"    وزارة الصحة تبحث شراكة دوليّة لتحسين رعاية مرضى الهيموفيليا    هندوراس تتهم ترامب بالتدخل في انتخاباتها الرئاسية    "رويترز": ترامب أمهل مادورو حتى الجمعة ليغادر البلاد وفرض الحظر الجوي بعد رفض الأخير    فرنسا: منزل الرئيس الأسبق هولاند يتعرض للسرقة... التفاصيل    سيدي حسين: تفكيك شبكة خطيرة لترويج الأقراص المخدّرة ومواصلة الحرب على الجريمة المنظمة    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    نيجيريا: استقالة وزير الدفاع بعد موجة من عمليات الخطف    كارثة الفيضانات في إندونيسيا: مقتل 613 ونزوح مليون شخصا    البرلمان يرفض مقترح "قرض المساعدة على الزواج".. وفاطمة المسدي توضح دوافع المبادرة وخلفيات إسقاطها    "لا نريد أحدا منهم".. وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية تقترح حظر سفر كامل على بعض الدول    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    شراكة دوليّة لتحسين رعاية مرضى الهيموفيليا    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    المهدية ...في إطار البرنامج الوطني للتّرويج للمواقع التاريخيّة.. يوم سياحي بقصر الجم الأثري    الباحث والناقد المسرحي الكويتي يوسف الحمدان ...يجب أن يرتفع صوت المسرح دفاعا عن القضية الفلسطينية    كأس العرب: فلسطين تنتصر في أولى مبارياتها امام صاحب الأرض    الحرارة تصل 4 درجات هذه الليلة..    عدد السيارات الكهربائية التي تم ترويجها في تونس منذ بداية العام..#خبر_عاجل    عدد المتعايشين مع السيدا والخاضعين للعلاج في تونس يبلغ 2236 شخصا الى حدود ديسمبر 2024    الاكتئاب الشديد يعفي من قضاء الصلاة؟ التفاصيل هنا    عاجل: منخفضات قطبية تضرب المغرب العربي    القصرين: تقدّم بطيء في جني صابة الزيتون وسط نقص اليد العاملة وتراجع الأسعار (الإتحاد الجهوي للفلاحة)    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    الفروض التأليفية 2025-2026: التواريخ الرسمية لإنجاز وإصلاح الفروض    أولا وأخيرا .. نحن أفسد الفاسدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السرد من المكتوب الى المرئي في الملتقى الدوري لنادي القصة
نشر في الشعب يوم 23 - 09 - 2006

استهلال: صمد «نادي القصة» ويصمد منذ ما يناهز الخمسين عاما، يستميت دفاعا على وجوده ونشاطه الثقافي رغم التحولات والعواصف الوطنية والاقليمية والدلوية، هو يعمل بلا كلل من اجل تفعيل المشهد الثقافي وتحفيز الابداع السردي على وجه الخصوص قصة ورواية وبحثا في كل ضروب القص.
هو جمعية ثقافية متخصصة يجمع بين اجيالها المتعاقبة ودّ حقيقي ورصانة محبذة وكلف بالحكي والحكاية، وان لمن الحكاية سحر.
تآلف أسري لا فرق فيه بين الدكتور والمتخصص جدا في السرديات (محمد القاضي أو عبد القادر بن الشيخ او فوزي الزمرلي) وبين عصامي لم تتلف مقاعد الدرس سراويله (احمد بن براهيم او رحيّم الجماعي او بسمة البوعبيدي...) هذا الجو الاليف جاد على القصة التونسية بكتاب جيدين (احمد ممو ومحمد العروسي المطوي ورضوان الكوني وحسن نصر ومصطفى الفارسي ويوسف عبد العاطي ويحي محمد واحمد البدري ومراد الحجري وحسن مشري وناجي الفرشيشي...) ومختصر الحكاية «نادي القصة» مؤسسة عريقة للابداع والصبر على الادب القصصي في بلادنا.
هي «بنك مركزي» لدراسة الثروة السردية التونسية التي حاكها كتاب انتسبوا او رواد النادي عبر ما يقارب النصف قرن من الزمن.
وقد دأب النادي على تنظيم ملتقيات دورية سنوية تنكب على تناول مسألة ذات صلة بالقص والسرد تشرحها وتدرسها من زوايا مختلفة اعتمادا على أجهزة نقدية شتى وعلى كفاءات متخصصة في المجال البحثي المقرر، اضافة الى ذلك سلك «نادي القصة» توجها محمودا يجيز في كل دورة أجمل وأفضل المجموعات القصصية وأجود قصة ضمن مسابقة وطنية مفتوحة تشجيعا على الابداع ودفعا للمبدع على الانشاء...
من المكتوب الى المرئي
نحن نعيش في عصر الصورة والصورة بألف كلمة كما يقول المثل الصيني بل بملايين الكلمات الصورة ترتبط بمجال الوسائط والميديا وتربتط بعالم التربية والتعليم والاخلاق والدين والخيال والابداع، عصرنا يسميه المفكر الفرنسي «جي ديبور» مجتمع المشهد او مجتمع الفرجة والعرض والاستعراض، لكن هذا الواقع الجديد الذي فرضته الثورة الاتصالية لا يقلل من اهمية الكلمة المكتوبة او يهمّش الخطاب المكتوب الذي سبق الخطاب البصري بزمن كبير لا يكاد يقاس.
هذا الاشكال النظري والملموس هو الذي خصصت له جماعة نادي القصة ندوة احتضنها المركز الثقافي الدولي بالحمامات ايام 1 و 2 و 3 سبتمبر 2006، طرحت الندوة أسئلة اساسية تتصل بالعلاقة بين السرد المكتوب والسرد المرئي اي العلاقة بين القصة المكتوب والقصة التلفزيونية او السينمائية.
من اجل ذلك استدعت وجوها رائدة في القصة (رضوان الكوني وامال مختار وعبد القادر بالحاج نصر) وفي المجال السينمائي (عبد الكريم قابوس والنوري بوزيد والهادي خليل) الذين عرضوا تجاربهم المختلفة مؤكدين على امكانيات التكامل بين الادب والسينما بتحويل الكلمة الى صورة وتمر عملية التحويل هذه بمراحل كثيرة منها بالخصوص: السيناريو والتصوير والتركيب.
1) ملامح كاتب السيناريو (رضوان الكوني روائي) يوكد بدءا ان السيناريو فن لا يدرس بل يمارس بعد العشق الاصيل للسينما، فالمتفرج الوفيّ والمحلل النبيه للافلام يمكن ان ينتهي الى خبرة تمكنه من كتابة سيناريو يقوم على فكرة اساسية وأطروحة وجمل درامية وشخصيات ونهاية.
كاتب السيناريو وسيط مبدع يعيد صياغة القصة تبعا لمقتضيات التقنية السينمائية التي تعتمد الصورة والفضاء المرئي بلغتها الخاصة وهي اللغة السينمائية.
2) البشير خريف وعلي الدوعاجي في السينما التونسية (الهادي خليل جامعي وناقد سينمائي).
يتنزل قوله في صلب القضية المحورية للندوة على حضور الكتاب في السينما التونسية، فيقر بتشاؤم ومرارة ان «الكتاب مكبوب سعدو» لأن الناس يتظاهرون بالقراءة ولا يقرؤون والعلاقة المفترضة بين السينما والكاتب شائكة بل تكاد تكو منعدمة الا فيما ندر: الناصر خمير في شريطه «طوق الحمامة المفقود» المقتبسة عن «طوق الحمامة» لابن حزم الاندلسي ومعز كمون في شريطه «كلمة رجال» عن رواية حسن بن عثمان «برومسبور» وهما نموذجان لاقتباس ضعيف يتسم بالتذبذب والتشويه.
ومن التجارب الناجحة في تعامل السينما مع السرد المكتوب فيلم «راعي النجوم» وهو شريط قصير عن قصة للدوعاجي أخرجه مراد بالشيخ المثقف الفرونكفوني حيث حُوفظ على متانة وشاعرية لغته العربية.
3) كتابة السيناريو من المتخيل الى التمثيل (امال مختار روائية وصحفية).
تبرهن ان السرد المكتوب والمدوّن يبدأ شفهيا عبر الحكاية والخرافة المتخيلة، فالقصة القصيرة لحظة مكثفة بينما الرواية تفاصيل.
اما الصورة فهي فن يختزل الزمن بناء على السيناريو الذي لا يعدو ان يكون فن كتابة الصورة التي سيجسمها المخرج برؤيته وتأويله للمكتوب في قراءة نهائية للحكاية بواسطة الصورة، السرد المرئي والسرد المكتوب كلاهما ابداع، وتخلص السيدة امال مختار الى ان اجمل الافلام هي تلك التي تعتمد اعمالا سردية عظيمة.
4) كتابة السيناريو واشكالياته الادبية والتقنية (النوري بوزيد مخرج سينمائي).
قدّم الفنان النوري بوزيد درسا ممتعا في اللغة السينمائية لكتاب شبه أميين في المجال.
تعانق العلم والمعرفة بالخبرة والتجربة السينمائية الفنية، اذ للرجل رصيد من الافلام ذاع صيتها ومثّلت نقلة نوعية في السينما التونسية (ريح السد صفائح من ذهب البزناس بنت فاميليا عرائس الطين.
وقد ركز المحاضر في مداخلته على اللغة السينمائية وهي تقوم على السيناريو المنظم التي تتحول الى لقطات صغيرة تبني وتركب، واللقطة وحدة اساسية في الفيلم لا تجزأ، ترصد الحركات اليومية والتفاصيل الساحرة.
النوري بوزيد يذهب للمجهريّ وينتقيه وهو اساس السحر السينمائي المعتمد على المخاتلة والاختزال بخلاف التلفزيون الذي يمطط اللقطات لأنه يبيع الوقت.
ويختلف هذا السينمائي عن الكثيرين بتأكيده على الكتابة السينمائية بما هي معرفة معمقة وتقنية، وربما اختلف اكثر بجهله المريع للأدب والسرد التونسيين، مخرج سينمائي تونسي لا يعترف ضمنيا بالسرد المكتوب وينطلق في افلامه من جنون الفكرة الطارئة وتأملات الذات ووجع الذاكرة والطفولة الاولى، فهل تسعفه هلوسات الذات لإبداع شريط يضاهي «بقايا صور» لمحمد ملص المأخوذ عن رواية «بقايا صور» للروائي حنامينه. هل يضاهي شريط «بنت فاميليا» فيلم سعيد صالح «المخدوعون» وهو تحويل لقصة غسان كنفاني الكاتب الفلسطيني.
5) قدم الكاتب كمال وناس ورقة «مدخل الى العلاقة بين الادب والسينما»، وحاضر عثمان بن طالب في «اشكاليات الكتابة الدرامية في تونس» اما الناقد السينمائي عبد الكريم قابوس فقد تناول لب الندوة في بحثه «من المحكي الروائي الى المحكي بالصورة».
تكريم وجوائز
الفارسي الصفاقسي: مصطفى الفارسي كاتب ومثقف قديم متجدد.
جاء الى الملتقى مبجلا ومكرما، لم يكن ذلك الرجل الخفيف، لعن الله المرض الذي أنهك جسده وأنشب فيه مخالب الوهن، لم يرقص رقصته الصفاقسية الرشيقة تلك التي بهرت الفتيان والفتيات المشاركين في ندوة القصة القصيرة في قفصة.
مصطفى الفارسي هو من مؤسسي نادي القصة كتب القصة والرواية والمسرحية والمقالة وأدب الرحلة، مر كما قال الباحث البوراوي عجينة «من الواقعية الاجتماعية الى الواقعية الجديدة الى التجريبية»، لكنه لا احد يعرف انه ربما كتب كتابا في خصال الدكتاتور الروماني الذي أعدم شنقا في ساحة عامة إبان الثورة الشعبية العارمة الرجل «الفارسي» الأنيق الذي تقلد منصب رئاسة اتحاد كتاب افريقيا واسيا وصاحب مؤلفه «حركات» واخيرا صراحته التي لم تكن تروق الحزب الذي كان ينتمي اليه وهو حزب الشعب وزعيم الشعب بورقيبة، في نهاية الترحيب به قلّده النادي «درع الريشة الذهبية لنادي القصة» تقديرا له مؤسسا ومبدعا.
نتائج مسابقة نادي القصة لموسم 2006:
أ مسابقة تلامذة المعاهد الثانوية: فازت بها الكاتبة ناهد حمودة من بنزرت عن قصتها «البحث عن السعادة».
ب مسابقة القصة القصيرة الواحدة، آلت الى كل من حسونة خيار الدين من شربان عن قصته «هواء» وخيرة أولاد خلف الله من المطوية عن قصة «إمرأة من درجة ثانية» والمنجي السغيدي من مدينة عين دراهم عن قصة بعنوان «زيارة خاصة جدا».
ج مسابقة المجموعة القصصية: كاتب من نصيب القاصة آمنة الوسلاتي عن «عروسة بوزيان».
وجوه في الزحام
الروائي الناصر التومي أدى دوره اللوجستي بكل نجاعة وهدوء سقراطي.
حسونة المصباحي دليل على حضور الجنون في السرد التونسي على غرار أولاد احمد في الشعر التونسي المعاصر والحديث.
سوف عبيد الشاعر يقترح تمثيل المبدع في لجنة الرقابة على الابداع والاستاذ جلول عزّونة يدين مبدأ الرقابة الجائرة على الابداع جملة وتفصيلا.
نهاية البداية
وضعت الدورة أوزارها وحصلت بعض القناعات لمن تابع هذه الدورة الناجحة بكل المقاييس:
علينا كتابة هذا السيناريو العجيب، كتابة أكداس من الاوراق تعدم بعد تصوير الفيلم، كما ينبغي التنويع في اساليب القص وارتقاء بها الى مستوى عال من الجودة والحرفية أخيرا فالعلاقة بين الخطاب السينمائي والخطاب السردي حميمة يوحّد بينهما الحكاية المروية هنا وهناك.
نجاح التزاوج بين الخطابين عملية معقدة جدا لان اعظم الروايات كفيلة بأن يقتلها سينمائياكاتب سيناريو غير مدرب داخل الروايات، بل اكثر الموضوعات بساطة وترددا يمكن ان يرتفع الى قمة النجاح السينمائي في يد كاتب سيناريو مبدع ومخرج حرفيّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.