الصافي: إعتداء تلميذة على اُستاذها بشفرة حلاقة تفضح فشل المنظومة التربوية.    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة.    التحديث الجديد من Galaxy AI يدعم المزيد من اللغات    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    فيديو لأمني ملطّخ بالدماء ومُحاط بأفارقة: الحرس الوطني يُوضّح.    عاجل/استدعاء مدير وأستاذ بمدرسة إعدادية للتحقيق: محكمة سوسة 2 توضح..    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    تقلبات جوية منتظرة خلال اليومين القادمين (وثيقة)    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    العاصمة: القبض على قاصرتين استدرجتا سائق "تاكسي" وسلبتاه أمواله    مصر تكشف حقيقة إغلاق معبر رفح..    الحماية المدنية:15حالة وفاة و361إصابة خلال 24ساعة.    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    حركة الشعب معنية بالإنتخابات الرئاسية    البرلمان: النظر في تنقيح قانون يتعلق بمراكز الاصطياف وترفيه الاطفال    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    قوافل قفصة مستقبل المرسى (1 0)... انتصار العزيمة والاصرار    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    إسرائيل وموعظة «بيلار»    «فكر أرحب من السماء» بقلم كتّاب ((شينخوا)) ني سي يي، شي شياو منغ، شانغ جيون «شي» والثقافة الفرنسية    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    طقس اليوم: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    اليوم: لجنة الحقوق والحرّيات تستمع لممثلي وزارة المالية    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة شرعية، لكن الشرعية التوافقية أنجع
نشر في الشعب يوم 21 - 04 - 2012

السبت 7 أفريل 2012 الاثنين 10 أفريل 2012 ، المكان: شارع الشوارع لافيني بالدارجة التونسية الحلوة. وهو في التسمية الرسمية شارع الحبيب بورقيبة. وهو في الوعي التونسي ما بعد الثورة شارع 14 جانفي. وهو في الذاكرة الأقدم شارع جول فيري. هو في ذاكرة المؤرخين شارع الكاردينال لافيجيري وما حف به من صراع اختزلته ثنائية التبشير والأسلمة، عندما عوضته دولة الاستقلال بتمثال بن خلدون، وشارع 9 أفريل 1938 المجيدة، و03 جانفي 1984، و14 جانفي 2010، وسيظل مؤرخنا يعدد الأحداث والتواريخ ... لكنها لن تخرج عن رمزية النضال والمقاومة.
أصر المجتمع المدني على دخول الشارع في لحظة اعتبرها مكثفة ومشبعة رمزية:إحياء ذكرى عيد الشهداء الذين سقطوا لتحرير تونس في المكان نفسه الذي أشّر للتحرير الثاني للبلاد من نير الاستعباد والاستبداد... كان الحلم كبيرا بتعميد المكان المقدس، وربما في لحظة ما تراءى للمتظاهرين أنهم بإصرارهم ذاك يؤكدون لأنفسهم أولا أن الثورة قد وقعت فعلا، و أنها لن تتوقف إلا بتحقيق أهدافها. ولكن متى تحققت أهداف أي ثورة؟ و أن ما هم معترضون عليه من سياسات للحكومة لا بد أن يجد المكان الذي يحتضن الاعتراض ذاك، وأن لا مكان أرفع وأصفى من شارع بورقيبة، شارع الثورة، شارع 14 جانفي، وتعدد التسميات هذه و تجاورها ليس بالأمر الهين، بل لعله و في غفلة من احتكاريي التسميات و مطلقيها قد يعكس وعيا دفينا بالتجاور بل والتعاقب التاريخي: من التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي إلى التحرر السياسي الديمقراطي. إننا أمام احتفال عام في ساحة عامة تنشد الانطلاق ،ربما، إلى أوسع مما يمكن للحكومة، أي حكومة، أن تحتمله. والمعذرة عن هذا التعميم. ذلك أن المسألة قد تتجاوز حلم حكومة مثقلة بما لا تستطيع حمله وحدها لو درت، وقد تتجاوز أيضا أحلاما لا تتسع لها رحابة وضع وطني مأزوم لحظة تأزم إقليمي و دولي أشد.
إلا أن هذا التوصيف لا يبرر بأية حال ما صدر عن وزارة الداخلية من قمع قيل عنه الكثير...لكنه لا يخرج عن مقارنته بقمع بن علي الدكتاتور الأسبق . بل وصل الأمر حد تشبيه أحد الفاعلين المدنيين وزير الداخلية الحالي بعبد الله القلال الذي احتفظت لهم ذاكرة التونسيين بتفنّنه في القمع واستئصال الإسلاميين... وللتشبيه دلالاته...
هل نحن أمام استبطان الضحية لجلاديه وفق ثنائية هيغل الشهيرة حول السيد والعبد؟
كانت الحكومة تخشى تنامي مظاهر السخط والاحتجاج على سياساتها. بل كانت ترى في ذلك مؤامرة ما، أو على الأقل إرباكا لسياساتها و هي التي لم تقدم برنامج عملها إلا حديثا.
إننا نعتقد أنه كان بالإمكان تلافي هذا الحدث. ولنقل رب ضارة نافعة ،هذا إن راهنّا على القول بعفوية ما لما حدث وبإمكان التجاوز.
على الجهاز الحكومي أن يقتنع نهائيا بألا مصلحة لأي كان بإسقاط الحكومة وإلا أصبح هذا شعارا تبرر به بطء إنجازاتها. إن ذلك البطء، اذا صح ذلك، نتيجة تكاد تكون حتمية لوضع نعلم تعقيداته... عليها أن تستثمر ما كانت قد بدأته فعلا من جلسات تشاور مع مختلف الحساسيات السياسية وغيرها، وأن تدعم ما همست به أحيانا بشجاعة من صعوبة الوضع وعزمها أن تكون حكومة كل التونسيين، وما أرسلته من إشارات على قلتها وضبابيتها أحيانا، من إمكان التشاور مع الهيئات التي قد تتبادل وإياها الاتهام وتتقاسم معها عدم الاطمئنان، وأن تسهم في تدعيم ثقة بعض أطراف اجتماعية لا صالح لأحد في استعدائها.
سيكون من الشجاعة أن:
- يعلن عن تأسيس منتدى سياسي لتذويب الخلافات ولامتصاص الاحتقان الممكن و للتشاور الفعلي في كل ما من شانه أن يثير الانقسام. و إذا كانت الطبقة السياسية قد تلقت بارتياح كبير موقف الحكومة تحديد تاريخ الانتخابات المقبلة فإن خطوة أخرى لا تزال تنتظر:تحديد تاريخ مضبوط للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
- التوافق على مسار سياسي واضح المعالم ومفصل ينهي التخوفات والاتهامات المتبادلة.
-تدعيم ما بدا من جرأة أحيانا لدى الحكومة بالكف عن التبرير وتقديم الحجج الواهية.
-المبادرة بإرسال رسالة تطبيق القانون والعمل على احترامه وذلك بمحاكمة من تورط في أي جريمة محاكمة عادلة. وسيكون من المفيد بعد ذلك البحث عن مصالحة أو تسامح عميقين يؤسسان لمرحلة جديدة من التعاطي السياسي.
إننا لا نراهن على العدم. فبإمكان هذا السلوك، وهو ليس بالجديد المطلق،أن يسهم في إزالة جليد الريبة بين الحاكم والمحكوم وهو الذي راكمته ذاكرة التونسيين على مر القرون.
ويكفي تأكيدا لما نذهب إليه ما قوبل به تحديد موعد الانتخابات القادمة 20 مارس 2013 من استحسان وتشجيع وما صدر عن أهم ممثلي المعارضة بالمجلس التأسيسي من تصويت لوزير الداخلية، موضوع الاحتجاج، من تثمين لعمله و لدوره كرجل دولة...
من حق المعارضة أن تتوجس خيفة من سلوك الحكومة، أي حكومة. بل لعله من واجبها المراقبة والنقد المتواصل.
ولكن ليس من حقها التشكيك المطلق وهو الأمر الذي لم نره من قيادات المعارضة التي يعتدّ بها. أما ما يصدر هنا وهناك من تطرف مواقف فعلينا ألا نحمله إلا محمل الأحلام الضرورية لحياة كل شعب، والأقصى اللازم لاستمرار الحياة و للتذكير بأن الإنسان مشروع لن يكتمل...
طالما أسعدنا القول إن تونس صانعة الربيع العربي، ولكن السعادة الحقيقية ستكون و لا شك في القول إننا صانعو التوافقات التاريخية ومبدعو البرامج التوافقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.