يحتفل الشغالون في تونس يوم الثلاثاء القادم بالعيد العالمي للشغل، وقد عرفت البلاد انتخابات حرّة وديمقراطية يوم 23 اكتوبر 2011 اثمرت مجلسا وطنيا تأسيسيا بعهدته بالخصوص اعداد دستور جديد للبلاد... عيد الشغل هذه السنة سيشهد العودة إلى المسيرات والكرنفالات التي كان ينظمها الاتحاد العام التونسي للشغل تخليدا لهذه الذكرى العزيزة على كل عامل وعاملة بالفكر والساعد ذكرى تُبرز في ما تبرز وعي العمال بضرورة الدفاع عن حقوقهم المشروعة وتجندهم من أجل مطالبهم ودعم مكاسبهم. لقد كان الاتحاد ينظم المسيرات الحاشدة التي تجوب شوارع العاصمة ويشارك فيها العمال على مختلف اسلاكهم المهنية بزي الشغل وفي ذلك دلالة كبيرة على ان الاتحاد العام التونسي للشغل كان الحاضن لكل فئات العمال بالفكر والساعد والجامع لمختلف الحساسيات والافكار والتوجهات خاصة في ظلّ الحضر الذي كان مضروبا على الاحزاب وفي غياب الحرية والديمقراطية وحق الانتماء السياسي المعلن والمحمي قانونيا... اليوم يعود الاتحاد العام التونسي للشغل الى تنظيم ما افتك منه في السابق وحرمان النقابيين والشغالين من فرحة الاحتفال بعيد الشغل العالمي الذي يرمز إلى الوعي داخل الطبقة العاملة والى التوق إلى الحرية والتمتع بالحقوق وحفظ الكرامة بعيدا عن الاستغلال والقمع والحرمان من حق التنظيم صلب هياكل نقابية تدافع عن الكرامة وعن الحرية دون نسيان القيام بالواجب. اليوم وفي ظلّ اهداف ثورة 14 جانفي 2011 وفي ظلّ التحولات التي عرفتها تونس وخصوصا القطع مع دكتاتورية الماضي واساءاته واخلالاته وقمعه للافراد والجماعات ونهب خيرات البلاد والاستحواذ على الممتلكات العامة والخاصة ينظم الاتحاد العام التونسي للشغل تجمعا عماليا كبيرا بساحة محمد علي بالعاصمة تنطلق بعده مباشرة مسيرة حاشدة في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، احتفالية أُفتكت من الاتحاد لسنوات ورأت فيها السلطة الحاكمة انذاك استعراضا مبّطنا للعضلات وللقوّة فعملت على عدم السماح بها في محاولة منها لطمس قدرات المنظمة الشغيلة في انجاح التظاهرات مهما كان حجمها واخفاء قدرة الاتحاد على الاستقطاب والتأطير. وابراز مكانة الاتحاد امام الرأي العام والعمل على كسب هذا الرأي العام لينتصر الى قضايا الشغيلة وبخاصة في الازمات وبعض المحطات الصعبة التي مرت بها المنظمة الشغيلة، فالسلطة في العهد البائد وقبله كانت مسكونة بالخوف من تعاظم شأن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي ساهم في ثورة تحرير البلاد من براثن المستعمر ودفع الغالي والنفيس من أجل استقلال تونس وعزتها ومناعتها الى جانب مساهمته في بناء الدولة التونسية الحديثة والانتصار الى قضايا الشعب التونسي وحقه في الحرية والديمقراطية وفي الاعلام الحرّ والنزيه وفي حقه في التنظم الحزبي، كلها عوامل جعلت الاتحاد العام التونسي للشغل يفوز بثقة الشعب ويحوز على اغلى وانبل وسام وهو ان الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة وطنية وليست حرفية كما يزعم البعض يهمّها كل مجالات حياة الشعب التونسي اليوم يحتفل الشغالون في تونس بعيد الشغل العالمي لكن للاسف الشديد وقد عرفت الاسعار ارتفاعا جنونيا مما اثر سلبا على المقدرة الشرائية للاجراء وأيضا ضعاف الحال من ابناء هذا الشعب الذي اطرد الدكتاتور واقسم انه لن يسمح باي دكتاتورية جديدة مهما كان نوعها ومأتاها. كما يحتفل الشغالون اليوم وقد دعا الاتحاد العام التونسي للشغل الى مفاوضات اجتماعية لسنة 2012 انطلقت بالفعل لكن سرعان ما توقفت لكن موقف الاتحاد واضح ولا غبار عليه وهو موقف لم يجعل الاتحاد يتخلى عن التشغيل وضرورة توفير الشغل لطالبيه وبخاصة المعطلين من حملة الشهادات العليا أي إن التفاوض لا يتعارض مع ايجاد الشغل لطالبيه. ان المطلوب اليوم هو انتهاج خيار الحوار والتشاور والاستماع لرأي الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تهمّه مصالح منظوريه من العمال بالفكر والساعد لكن تهمه ايضا مصلحة تونس التي يضعها فوق كل الاعتبارات ويخطئ كل من يحاول إرباك المنظمة الشغيلة والتشكيك في عملها وخاصة تجاه البلاد في ظرف صعب ودقيق ان البلاد تعرف عدة تجاذبات من هنا وهناك لكن لابد من تغليب مصلحة تونس ووضعها في المقام الأوّل فالشعب الذي ثار يوم 14 جانفي واطرد المخلوع لن يسمح ان يلدغ من الجحر مرتين والاتحاد العام التونسي للشغل الذي احتضن الثورة واطرها لن يسمح بالالتفاف على اهدافها النبيلة كما ان الاتحاد الذي يتابع عن كثب اوضاع العمال ومدرك لانتظاراتهم وتطلعاتهم ويعيش همومهم واشغالاتهم يسعى الى ضمان حقهم في العيش الكريم من خلال عمل لائق يحقق لهم طموحاتهم ويوفر لهم الاطمئنان على المستقبل. وكل عام والشغيلة بالف خير والاتحاد العام التونسي للشغل شامخ ومناضل على الدوام.