يحتفل كل العالم، وكل نساء العالم باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، في ظروف تشهد فيها وضعية المرأة الامتهان والانتهاك في عديد الأقطار. فالحروب والمجاعات والأمراض والأمية والقوانين الرجعية وضرب الرجل لكرامة المرأة ... كلها سهام حادة لا تزال الى حدود اليوم موجهة الى رقاب النساء في كل دقيقة وتعطل تطورهن وتحررهنّ ... والمرأة في تونس كغيرها من نساء العالم مازلن يتقن الى التحرر الكامل سواء من ربقة الرجل أوالمجتمع أو من بعض القوانين التي مازالت تعتبر المرأة ذات منزلة دونية. وفي ركن مظلم من أركان الوضعية الموسفة للمرأة التونسية بصفة عامة نجد حال الطالبات التونسيات ينذر بمستقبل غير سار لشريحة اجتماعية من المفترض أن يقع الإحاطة بها وتأطيرها ورصد الإمكانيات المطلوبة لإعطائها حقّها في التطور حتى تدعم مسيرة المرأة التونسية في اتجاه خلاصها... من الواضح أن الواقع الجامعي في تونس آخذ في التأزم على كافة الواجهات (البنية التحتية، البرامج، التسيير الديمقراطي، المجال الاجتماعي...) . وقد انعكست هذه الحالة على كل الاطراف الجامعية. ومن المؤكد ان أكثر المتضررين هم الجماهير الطلابية بما أنهم معدومو الموارد المالية ومحرومون من فرصة للنهوض بوضعيتهم، وفي هذا الاتجاه تتبادر الى أذهاننا عدة أسئلة محرجة حول حالة الطالبات. فعندما نتذكر أن الجامعة التونسية متمركزة بشكل كبيرة في المناطق الحضرية نتساءل كيف يمكن للطالبات المنتميات الى الوسط الريفي الاندماج في محيط جديد ملئ بالمفاجآت والمخاطر...في ظل غياب أو انعدام أدنى تأطير علمي لهن وخلايا استماع وإرشاد... هذا بالنسبة للطالبات الجديدات في الدراسة أما بالنسبة للقديمات ، وخاصة منهن ذوات الحالة الاجتماعية المتواضعة أفلا يحق لنا نتساءل عن حالهن عندما نرى أقدامهن تتورم من الذهاب والإياب الى الأحياء الجامعية بداية كل سنة جامعية طامعات في منة أولفتة كريمة من مدير أو مديرة لإيوائهن! أما اللاتي لا يجدن حظهن في الحصول على سكن جامعي، ألا نفكر قليلا كيف سيتصرفن في قلب بيئة نخرتها المساومات والفساد والانحراف!! عندما نطرح هذه الوضعيات، ونريد وضع الاصبع على الداء وتحديدا الاسباب الحقيقية لما آلت إليه حالة الطالبات التونسيات، ألا نجد أن الخيارات المتبعة في هذا المجال أثبتت فشلها الذريع وأنه يجب إعادة النظر في عديد المسائل؟ لنواصل، إن الطالبة التونسية اليوم مازالت تتعرض يوميا للامتهان والمساومة والانتهاك داخل القسم، في الساحة، مع الادارة ... فأصبحنا نسمع من هنا وهناك عن عمليات التحرش الجنسي والمساومات إضافة الى الدفع القسري نحو ربط علاقات مشبوهة من أجل ضمان النجاح ... أفليست الوضعية الاجتماعية القاهرة للأغلبية الساحقة من طالباتنا، تدفع العديد منهن للبحث عن موارد مالية إضافية مشبوهة لضمان استكمال دراستهن؟ إن 74 من الطلبة التونسيين محرومون من المنحة الاجتماعية، والعديد منهم يبحث عن شغل حتى يغطي مصاريف السكن والتنقل والدراسة، ونراهم يتجهون نحو «المرمة» و «الحراسة» الخ... فكيف سيكون الحال بالنسبة الى الاناث ؟؟ ألا نرى أنهن سيتعرضن الى العراقيل سالفة الذكر؟ أما بعد التخرج أليست البطالة «ستلبس» الطالبة عدة سنوات مما يؤجج فرص الانحراف ويضاعف فرص التطرف؟ إن رضعية الطالبة التونسية متأزمة بشكل كبير، فالمشاكل الاجتماعية وهضم حقهن في التأطير وطرح قضاياهن ومشاكلهن وانعدام النشاط الثقافي الهادف والملتزم داخل الحرم والاحياء الجامعية، سينتج بالضرورة جيلا فاقدا للثقة في النفس وفي الآخر، تنخره قيم الفردانية والانانية و»تدبير الراس»... إن ما يطرح على الطالبات التونسيات اليوم، هو مواجهة واقعهن بكل شجاعة وكل جدية، وأن يتنظمن في النوادي الهادفة والجمعيات المستقلة للارتقاء بوعيهن وتوحيدمسارهن فيما بينهن وكذلك أن يضعن ايديهن في يد زملائهن الذكور وأن يعطين الثقة في نقابتهن الطلابية للدفاع عن حقوقهن البيداغوجية والمادية والدفاع عن كرامتهن وحقهن في الرأي والتعبير نبراسهن في ذلك قيم التآزر والتضامن والحب ... إن الارتقاء بوضعية الطالبةالتونسية هو ارتقاء بالضرورة بوضعية المرأة في تونس ووضعية الشعب التونسي بصفة عامة، وأول نقطة مُلحة تواجه الطالبة اليوم، هي التوحّد من أجل إيجاد الحق في الكلمة والرأي والاحتجاج... فعلى كل طالبات تونس أن يتحدن !!