وداعاً ل"الفندق المقلوب": صفحة من الذاكرة الحضرية تُمحى بعد أكثر من نصف قرن من اعتلائه مشهد العاصمة، يدخل نزل البحيرة – المعروف ب"الفندق المقلوب" – مرحلة النهاية. فقد بدأت الأشغال رسميًا لهدم هذا المعلم الفريد، الذي ظل لعقود رمزًا معماريًا ونقطة جذب بصري في قلب تونس. شُيّد الفندق بين سنتي 1970 و1973 على يد المعماري الإيطالي رافايل كونتيجاني، وفق طراز العمارة القاسية (البروتاليزم)، بواجهته الهرمية المعكوسة التي أثارت إعجاب الأجيال. كان المبنى يضم أكثر من 400 غرفة وأربعة أجنحة فاخرة على عشرة طوابق تطل مباشرة على بحيرة تونس، واستقبل خلال السبعينات والثمانينات شخصيات ومشاهير من العالم بأسره. لكن، ومع مرور الوقت، عرف هذا الصرح إهمالاً متواصلاً دام أكثر من 25 سنة، إلى أن تم بيعه سنة 2011 لمستثمر ليبي بقيمة تناهز 17,5 مليون دينار. ورغم محاولات السلطات للحفاظ عليه، حيث أصدر والي تونس في جوان 2024 قرارًا يمنع هدمه ويدعو إلى ترميمه وتحويله إلى مشروع سياحي وثقافي معاصر، . اليوم، انتصر منطق المضاربة العقارية على البعد التراثي والثقافي، ليُشرع في هدم الفندق وتعويضه بمركز تجاري جديد. وبذلك، تُطوى صفحة من تاريخ العاصمة، ويُقتلع شاهد على مرحلة من الحداثة التونسية بعد الاستقلال.