من بين المطالب المطروحة على طاولة المفاوضات بين النقابة العامة للتعليم الأساسي ووزارة التربية والتكوين منحة العودة المدرسية . لماذا هذه المنحة؟ وما وجاهة المطالبة بها إنارة للرأي العام نتقدم بهذا التعريف وبمشروعية تمتيع المعلّمين بها. مشروعية المطلب هي عبارة عن استرجاع مصاريف يسدّدها المدرّس سنويا من ماله الخاصّ لأداء وظيفته من أوّل يوم لانتدابه، أي أنّ المعلّم هو الموظّف الوحيد الذي يتكبّد مصاريف إضافية باهضة لتقديم خدمة عمومية لذلك شكل هذا العبء نزيفا ماديا متواصلا على حساب قوته، أمام غلاء الأسعار المتواصل والتدهور المستمرّ للطاقة الشرائية لعموم المعلّمين في محيط اجتماعي واقتصادي من سماته * تفاقم نصيب الفرد التونسي من المديونية العامّة من سنة إلى أخرى للدوائر المالية العالمية وتوجيهاتها الصارمة كصندوق النقد المالي والبنك العالمي . * التدهور المستمر لقيمة الدّينار التونسي أمام العملات الأجنبية وتحرير الأسعار بانتهاج اقتصاد السوق والتفويت في مؤسسات القطاع العام وبيعها (معامل الاسمنت، اتصالات تونس على ربحيتها الفائقة وغيرها كثير). * الحدّ من نفقات الدولة على القطاعات ذات الصبغة الاجتماعية الصحّة والتعليم وإعادة هيكلة صناديق الضمان الاجتماعي والتقاعد والحيطة الاجتماعية والتأمين على المرض بما يستجيب للتوصيات المجحفة السابقة للدوائر المالية العالمية. مكونات المطلب كلّ الأعمال والمهن الإنسانية يتطلّب إنجازها مستلزمات ووسائل تناسبها وزيّ عمل كلّها توفّره المؤسّسة المشغّلة كوزارتي الصحّة والدفاع مثلا، ما عدا وزارة التربية حيث يتكفّل المعلّم بشراء زيّ العمل ووسائله وهي صنفان. 1- الكتب والمراجع الخاصّة بالمعلّم والتلميذ المدرجة في قائمة منشورات المركز القومي البيداغوجي. * 2- مستلزمات أخرى تفرضها طبيعة المهنة يقتنيها المعلّم كلها من الفضاءات التجارية وهي عبارة على قائمة طويلة من الأدوات) دفتر إعداد الدروس، مجموعة كبيرة من الأغلفة البلاستيكية والورقية والأقلام بأنواع مختلفة، أشرطة مصوّرة، وسائل إيضاح، « ميدعة «، محفظة...) ** بالرجوع إلى الصنف الأوّل كلّ معلم ملزم بشراء الوثائق المذكورة سابقا حسب المستوى الذي يدرّسه وإذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ أغلبية المعلّمين تتداول على تدريس مستويين وبذلك تتضاعف كلفة شراء هذه الوثائق وليس عسيرا على من هو مهتمّ أو يبحث عن الدّقيق أن يحسب المبلغ دون عناء (انظر الملحق(1)) أمّا في ما يخصّ الصنف الثاني المتمثّل في تلك القائمة الطويلة من الأدوات (2) (انظر القائمة التقديرية) فالمعلمون مهما كانت المستويات التي يدرّسونها مجبرون على شرائها حرصا منهم على السير العادي للعمل التربوي وبالتالي تسديد ثمن كلفتها من جيوبهم الخاوية في مفتتح كلّ سنة دراسية دون احتساب ثمن الحاسوب الذي أصبحت مصاريفه من حبر وأقراص وصيانة وورق المقدرة ب150 دينارا في السنة في أقصى تقدير . وباحتساب المبلغ يجب حساب معدل ثمن الكتب للفصل الواحد (55700=6:334400) وبما أن المعلم يدرس مستويين فثمن الكتب وحدها يساوي =2x55700 مي في النهاية نجد أنّ المعلّم هو الموظف الوحيد دون غيره الذي يقتطع من مدخوله كلّ سنة مقدار مرتب شهري على حساب قوته ممّا يفاقم تدهور مقدرته الشرائية. وبالتمعّن جيّدا فيما نشر في جريدة الشعب يوم 19 ماي 2005 بقلم الخبير بهذا الميدان السيد «جورج عدّة» (بين ديسمبر 1983 وديسمبر 2000 ارتفع السميغ 96.71 وبالمائة في حين ارتفع مؤشّر الأسعار ب 154.66 بالمائة . وهو ما يفسّر تراكم الخسارة ب 26.36 بالمائة هذه النسب الثلاث يجب أن تأخذ مكانها المكان الأوّل على طاولة الاجتماعات وأيضا المفاوضات). إذا يصبح التعويض الكامل على هذه المصاريف الإضافية ضرورة حياتية متأكّدة غير قابلة للمساومة أو التفريط . إنّه مطلب استرجاع حقوق بامتياز يفرضه التدهور الحاصل في المقدرة الشرائية أمام غول الأسعار المتصاعد . فالمعلّمون كبقية البشر في حاجة مستمرّة لتجديد قوّة عملهم المرهق ولن يتمّ هذا إلاّ بالحفاظ على مقدرتهم الشرائية ودعمها باستمرار لتحقيق توازنهم الغذائي والمعيشي بشكل عام (من لباس وعلاج وسكن) المخطّطون للإصلاح التربوي تجاهلوا عمدا أوضاع المعلّمين المادية وهم أحد الرّكائز الأساسية والحاسمة في إنجاح أيّ مهمّة تربوية إن شهدت أوضاعهم الأدنى من الاستقرار يوفّر لهم الاطمئنان ويخفف من معاناة عملهم الشّاق والمرهق . ختاما نقول: مازالت الفرصة سانحة أمام سلطة الإشراف لرفع المظلمة عن المعلمين وذلك باسترجاع أموالهم التي يصرفونها منذ زمن خلا، زمن بناء المؤسّسات العمومية التي شيّدت بمساهمة وتضحيات الفئات الشعبية وهي اليوم معروضة للبيع في المزادات العالمية . فهل من صحوة ضمير ؟ محمد الهادي كحولي عضو نقابة صفاقسالغربية للتعليم الاساسي