في وقتها، من أجل خلق توافق، المجتمع التونسي في حاجة ماسة إليه مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل مهمة جدا في هذا الوقت الدقيق الذي تعيشها بلادنا لأنها تطرح وجوب الحوار حول القضايا العالقة التي من شأنها، ان تم التوافق حولها، ان تقي تونس من مجهول هي في غنى عنه. حول المسائل التي تهم شروط الانتقال الديمقراطي الحقيقي ومبادرة الاتحاد كانت لنا مصافحة مع زملاء صحافيين واعلاميين، فقدموا أرائهم حول المبادرة وآفاقها وامكانيات تفعيلها. شكري الباصومي( دار الانوار): المبادرة والشيطان الكامن في الجيب.... حين تعجز الكتل السياسية داخل المجلس التاسيسي وخارجه عن تسوية الخلافات فيما بينها ولا تبدو أي بارقة امل ويتحدث الجميع عن البلاد التي توشك ان «تدخل في الحيط » يأتي الحل من الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان دائما رقما مهما وصمام امان. لكن من يطلق المبادرات لا بد ان يجد مصغيا جيدا لا يتعامل مع المبادرات بسوء نية وعين الريبة مثل القول بان المبادرة جاءت متأخرة او السؤال عن توقيت المبادرة. هذه المبادرة مهمة في هذا التوقيت بالذات لان تونس تعيش مرحلة حرجة تتطلب الائتلاف والتوافق كما أن المجتمع المدني والقوى السياسية في حاجة إلى خارطة طريق توضح الرؤية من جهة وتفعل قوة الاقتراح بدل التوسل بقوة الاحتجاج.. لقد برهنت الاحداث الا احد بإمكانه ان يحكم البلاد وحده وان مشاريع الغلبة حسب المنطق الخلدوني مآلها الفشل وان الحل في التوافق. قد يعيب البعض على الاتحاد العام التونسي للشغل بعض مواقفه السياسية، لكنه مطالب بالمحافظة على طابعه الاجتماعي والدفاع ايضا على الديمقراطية والحريات العامة. ان ما طرحه الاتحاد العام التونسي للشغل هو مطلب شعبي من حيث تنصيصه على مدنية الدولة وصيانة النظام الجمهوري وتحييد الادارة والمساجد عن التوظيف السياسي واصلاح المنظومتين الامنية والقضائية وتحرير الاعلام ونبذ العنف وصياغة منوال تنموي جديد للحد من الفوارق الاجتماعية والجهوية ولعل اهم ما نصت عليه المبادرة : « أن أطر الحوار والتوافق هذه لا تمثل إلا قوة اقتراح ولا تعوض في شيء السلط الدستورية والشرعية القائمة التي تبقى وحدها صاحبة اتخاذ القرار...». وهذه رسالة طمأنة مهمة لكن هل يقبل الطرف الاخر الذي امسك بكل الاوراق او هكذا يعتقد ان يكون له شريك ؟ بمعنى هل يقبل « المنتصرون » ان يقسموا ما ظنوا انه غنيمة والعودة الى مربع الدولة المدنية بدل المحاصصة التي يضمنون بها « الاغلبية المعطلة » تلك هي المعضلة الكبرى. الإشكال يكمن في حسن النوايا وان يخرج من يخفي شيطانه من جيبه...وحينها فقط يمكن الحديث عن التعاطي السليم مع المبادرة. شيراز بن مراد (أخبار الجمهورية): المتنفّس الوحيد إنّ الموضوعية تقتضي أن نتساءل ما الذّي يمكن أن يجنب بلادنا اليوم بعد الذي وصلت إليه من احتقان وتجاذبات سياسية وتصريحات عدائية الانحدار نحو الهاوية؟ في هذا الظرف بالذات، تبدو مبادرة الاتحاد العام التونسي المتنفس الوحيد الذي يمكن أن يلّم شمل مختلف فرقاء الطيف السياسي وتنظيمات المجتمع المدني وذلك بهدف خلق توافق نحن في أمسّ الحاجة إليه من أجل توضيح الرؤية السياسية أي تحديد خارطة طريق واضحة المعالم من ذلك تحديد أجل صياغة الدستور وموعد الانتخابات القادمة وأهم من ذلك كله تنقية الأجواء السياسية التي وصلت درجة من العداء لم تعد تحتمل المزيد من الصبر... إنّ الحقيقة المطلقة لا يمتلكها أي طرف سياسي، مهما علت النسبة التي حصل عليها في انتخابات 23 أكتوبر، بل إنّ الحكمة تقول إنّه علينا أن نشمر على سواعدنا «شيوعي وخوانجي» وفق عبارة مخرج فيلم «الأستاذ» محمود بن محمود لإعادة بناء هذا البلد الحرّ والجميل والغني بفكر أبنائه وسواعدهم.. ما ينقصنا اليوم هو أن نجلس جميعا إلى طاولة الحوار وأن يعترف كل طرف منا بأهميّة الآخر في إصلاح البيت التونسي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا طبعا، وذلك حتى يتسنى لكل التونسيين أن يعيشوا في ظلّ حدّ أدنى من الكرامة والحرية.. لن يفيدنا التعنت والتشدد في المواقف بقدر ما ستفتح لنا مبادرة مثل مبادرة اتحاد الشغل أبواب صفحة جديدة من التشاور والتحاور والعمل سويّا لما فيه مصلحة البلاد وحدها وبعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة التي تخدم أفرادا وفي المقابل تهمل آخرين. أرجو أن تتوفّق المنظمة الشغيلة في مدّ جسور خلاص حقيقية تقي بلادنا المواجهات والفوضى وأن تعي جميع الأطراف أنّ تونس بحاجة إلى تضافر جهود كل أبنائها مهما اختلفت مشاربهم الإيديولوجية وانتماءاتهم السياسية. ايهاب الشاوش(التلفزة الوطنية): لابد من تنقية الأجواء يبدو ان الفرقاء السياسيين تيقنوا انه لا بد من الجلوس الى طاولة الحوار لرسم خارطة طريق واضحة للبلاد، و لما كانت مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل تريد ان تقف على نفس المسافة بين كل الأطراف المتحكمة في اللعبة السياسية فقد كانت هذه المبادرة الفضاء الأنسب للحوار بعيدا عن التجاذبات السياسية. إن أهمية هذه المبادرة تظهر في أنها تأتي في وقت ارتفع فيه منسوب الاحتقان الإجتماعي، و تذبذب المؤشرات الاقتصادية إضافة الى قرب موعد 23 اكتوبر وتأكيد البعض على مقولة نهاية الشرعية السياسية، لذا ستكون مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل اما المنعرج الذي سوف ينير طريق الساسة إلى الهدف الموحد وهو الانتخابات و كتابة الدستور و إنشاء الهيئات المستقلة، و اما اذا تشبّث كل طرف برأيه و خاصة بين الترويكا الحاكمة بقيادة النهضة و الترويكا المعارضة بقيادة نداء تونس ،فإن درجة الاحتقان آيلة للارتفاع لا محالة منبئة بخطر محدق للبلاد. محمد الفوراتي (جريدة الفجر): تجنّب القضايا الخلافية أعتبر أن مبادرة الاتحاد مهمة جدا لاعتبارين، الأول انها تأتي في وقت دقيق جدا من المرحلة الانتقالية وقبل البناء الديمقراطي الفعلي، ففي هذه الفترة برزت خلافات عديدة فرّقت مكونات المشهد السياسي عن بعضها، اما الاعتبار الثاني، فان المبادرة أطلقها طرف اجتماعي محايد يمكنه بذلك ان يجمّع الفرقاء السياسيين ويضعهم تحت مظلة وفاقية ومن هذا المنطلق نستشف قوة الاتحاد، كما اعتقد ان الساحة السياسية والاجتماعية في حاجة اليوم الى تجديد في المشهد السياسي ذلك ان العودة مجدّدا الى التوافق والوفاق مهم جدا حتى نضمن سلامة الطريق وحتى لا نقع في أي أزمات في المستقبل. ان هذه المبادرة غير مشكوك فيها وتأتي في وقت يحتاج فيه المشهد السياسي الى تحديد رزنامة عمل تتعلّق بالانتهاء من الدستور وتحديد موعد الانتخابات والاتفاق على منهجية لإيجاد هيئات ثلاث للانتخابات والإعلام والقضاء برؤية توافقية يتم اقتراحها على المجلس التأسيسي، ولكن يجب الإشارة أيضا الى ان هذه المبادرة لا يجب ان تتحول الى فضاء لتمرير قضايا جانبية وخلافية بإمكانها ان تفرّق أكثر من ان تجمّع وان لا تتجاوز القضايا الجوهرية الواجب طرحها حتى لا يتحوّل اللقاء الى صراعات ايديولوجية لا مصلحة للشعب التونسي فيها. بثينة قويعة (الإذاعة الوطنية): نحو إنقاذ البلاد يجب مباركة هذه المبادرة باعتبارها مساهمة فعالة في طرح كل الاشكاليات العالقة التي تعاني منها بلادنا لنتحاور حولها ونتفاعل في كل المسائل الخلافية ونقرّب وجهات النظر من أجل انقاذ البلاد وخلق حراك ايجابي لا إقصاء فيه لأي طرف. هذا هو الاتحاد دائما، يبقى الخيمة التي تحتضن الجميع دون توظيف او تهميش، وهو الحريص دائما على المصلحة العليا لتونس والنأي بها عن أي ازمات قد تعصف بها لتسهيل المرحلة الانتقالية و يتحقق البناء الديمقراطي الحقيقي. الياس الغربي(قناة نسمة): الحديث عن اجندات سياسية للاتحاد هو من قبيل المزايدة انا تقريبا اثمّن كليا مبادرة الاتحاد، ولكن يمكن ان أسجّل بعض المؤاخذات هو ان المشاورات حولها طالت نسبيا وكان من الممكن ان تجد المنظمة تجاوبات أكثر لو ان المبادرة تم تفعيلها من زمن الاعلان عنها حتى تسهل عملية تقريب وجهات النظر بين الفرقاء باعتبار ان في تلك الفترة كانت حدة التناقضات أقل وكان حينها بالإمكان وضع اللبنة الأولى للحوار الوطني. فاليوم وفي هذه المرحلة الحرجة، انا متخوّف من حدة التجاذبات وصعوبة الخيارات لأن ما من ضمانات حول التقاء النهضة و نداء تونس و الجبهة الشعبية وكل مكونات المشهد السياسي حول ارضية دنيا تسهّل عملية الالتقاء الديمقراطي. أتمنى ان يواصل الاتحاد العام التونسي للشغل في اصراره على تقريب وجهات النظر وان يتمسك بإنجاح هذه المبادرة وان يتمكن ايضا الفرقاء من ايجاد نقاط الالتقاء وتدعيمها حتى يكون لنا تشخيص واضح لنقاط الاختلاف كي نبحث عن حلول لها لتتوضّح الرؤى ونجد مكامن الداء من اجل ضمان التقدم، ووجب الانتباه الى ان المواطن والاعلام رقيبين لكل هذا. كما اريد ان اشير الى ان أي حديث عن أجندات سياسية للاتحاد هو عار من الصحة وخارج عن سياقه ومن قبيل المزايدة، لأنه منظمة عريقة ساهمت في صنع جزء كبير من تاريخ بلادنا وساهمت ايضا بنشاط في احتضان ثورة 14 جانفي. ناجي البغوري( جريدة الصحافة): الفرصة التاريخية اتحاد الشغل هو منظمة عريقة كان لها دائما دورها الوطني عبر التاريخ، وبغضّ النظر عن نهاية الشرعية يوم 23 اكتوبر الجاري، فان مبادرة الاتحاد جاءت في اطار دورها الريادي لتكون قوة وفاقية تجمّع الفرقاء نظرا لاتسامها بالتنوع داخلها وهو الامر الذي سيسهّل لها هذه المهمة وللإجابة عن مشاكل الشعب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وأيضا على ارتباك الحكومة علاوة على انتهاء الشرعية. لكن انا شخصيا لا ثقة لديّ في حركة النهضة وقناعتي ان دواليب الحكومة تدار من خارج وأساسا من قبل النهضة التي اعتبرها الحكومة الحقيقية، لذلك فالوضع لا يسمح لمزيد اضاعة الوقت، وبالتالي وجوب الاسراع بتفعيل هذه المبادرة لأن البلاد لا تحتمل مزيدا من الهزات او الأزمات على كل المستويات فالمنظمة الشغيلة هي تقريبا القوة العقلانية الوحيدة لإعطاء خارطة طريق بعيدة عن الحسابات السياسية الضيقة. وفي المقابل، فلا اهمية لهذه المبادرة اذا واصلت الاطراف الحكومية خطابها المزدوج وأضاعت فرصة تاريخية كهذه التي وفّرها الاتحاد.